ضمن الدورة العلمية الصيفية عن بعد “إذكاء القرائح بأحكام الجوائح”، ألقى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء درساً بعنوان:(حكومة المملكة العربية السعودية بذلت جهوداً مباركة في الوقاية من فايروس كورونا).
حيث أوضح سماحته أن حكومة المملكة العربية السعودية بذلت جهوداً مباركة في الوقاية من فايروس كورونا، وأن ما ينزل بالعباد من بعض المكروهات كالأمراض والأوبئة إنما هي بإذن الله تعالى وبقضائه وقدره، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا).
وبين سماحته أن تلك المكروهات المقدرة على الإنسان ابتلاء من الله تعالى لعباده ليبلوا أخبارهم فيعلم الصابر منهم من غيره،
فعلى العبد حين نزول المرض الأخذ بالأسباب، ومن ذلك أن يتداوى بالدواء المباح، فإن هذا من مدافعة القدر بالقدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء).
وكذلك أمر الشرع الأخذ بالوقاية والحجر الصحي عند نزول الأوبئة، وذلك بأن لا يذهب إلى الأرض التي فيها الوباء حفظاً للسلامة، وأن لاينتقل من أرض الوباء إلى غيرها حتى لا تنتقل العدوى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطاعون رجس أرسل على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه).
وعلى المسلم أن يصبر ويمكث في بلده الذي أصيب فيه ويحتسب ذلك, وله بذلك أجر شهيد، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني (أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً, يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له, إلا كان له مثل أجر شهيد).
وقيادة المملكة العربية السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, قد أدركوا خطورة هذا الوباء الذي نزل بالناس في شتى دول العالم, وأدركوا خطورة انتشاره وانتقاله السريع, فوجهوا باتخاذ تدابير وقائية صارمة للوقاية من هذا الفيروس ومنع انتشاره ومكافحته، كل ذلك حرصاً على سلامة المواطنين والمقيمين والحفاظ على صحتهم، وكان من أبرز تلك التوجيهات منع دخول المسافرين إلى المملكة، وأمر الناس بالتزام البيوت وعدم الخروج إلا للحاجة والضرورة, ومنع التجمعات والتزام التباعد، مع الأخذ بجميع الاحتياطات الصحية اللازمة في التعامل مع الآخرين أثناء الخروج أو الاختلاط بهم.
كما هيئت الدولة كذلك أماكن خاصة لاستقبال المصابين وفحصهم وعلاجهم، وزودت المستشفيات بجميع الاحتياجات اللازمة لمعالجة المصابين بهذا الفيروس، وقد كان لتلك التدابير الوقائية الأثر الإيجابي في الحد من انتشار هذا الفيروس والتقليل من الإصابات بتوفيق الله عزوجل، وقد لقي هذا الإجراء الوقائي المبكر من الحكومة السعودية استحساناً وإشادة من كثير من المنظمات الصحية العالمية وقادة الدول في العالم.
ومن التدابير الوقائية التي اتخذتها الدولة منع العمرة والزيارة لما في ذلك من خطورة انتشار الفايروس مع اختلاط الناس وتقاربهم، ومن هذا المنطلق كذلك جاء القرار الحكيم من لدن خادم الحرمين الشريفين بأن يكون حج هذا العام بعدد محدود من داخل المملكة حفاظاً على سلامة الحجاج، مع توخي التدابير الوقائية اللازمة لمنع انتشار الفيروس بين الحجاج.
وهذا القرار بلا شك قرار حكيم جاء في وقت مناسب, لما في ذلك من إقامة هذه الشعيرة العظيمة , رغم ما في إقامة هذه الشعيرة في هذه الظروف من المشقة والصعوبة البالغة, وتتطلب تدابير واحتياطات كثيرة, ولكن الدولة وفقها الله لا تألو جهداً في سبيل ذلك, وتبذل جميع إمكانياتها البشرية والمالية للحفاظ على سلامة الحجاج وتمكينهم من أداء حجهم بكل يسر وسهولة، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود , وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خير الجزاء , وجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين .
كما نذكر بالشكر والتقدير جهود معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في إقامة هذه الدورة المباركة تحت عنوان (إذكاء القرائح بأحكام الجوائح , نازلة كورونا أنموذجاً) والتي تبث عبر منصة منارة الحرمين التي يتابعها حول العالم عدد كبير من المسلمين ويستفيدون مما يبث عبر هذه المنصة, فجزاه الله خيراً على ما قدم من جهود مباركة في خدمة العلم ونشره بين طلبة العلم وعموم الناس.