شهدت الرياضة النسائية السعودية في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً وحضوراً فاعلاً للسعوديات في العديد من الألعاب الرياضية المتنوعة ، إضافة إلى المشاركة في العديد من البطولات والمنافسات وتحقيق الإنجازات محلياً وعالمياً ، الأمر الذي يُعد خطوة مهمة في مستقبل الرياضة النسائية ، وينعكس إيجاباً على صحة المرأة بشكل عام ورفع لياقتها البدنية ويساهم بشكل كبير في حماية المرأة من الكثير من الأمراض .
ولتسليط الضوء أكثر حول أهمية الرياضة النسائية في المملكة وإنجازاتها ودور الإعلام تجاهها ، يسرنا أن نلتقي وإياكم مع الأستاذ ريان الجدعاني “محرر صحفي رياضي ومهتم بالرياضة النسائية” فأهلا وسهلا بك ضيفنا العزيز ،،
* بدايةً حدثنا عن أهمية الرياضة النسائية في المملكة مواكبةً مع تطلعات رؤية 2030 ؟
كان للرؤية العظيمة (رؤية السعودية 2030) دوراً مهماً في إعطاء زخم كبير لمسيرة الرياضة النسائية في وطننا الحبيب السعودية ، لماذا أقول زخم كبير ؟ لأن الرياضة النسائية على مستوى المشاركات الخارجية “الرسمية” بدأت في 2010 عندما شاركت الفارسة “دلما ملحس” في منافسات دورة الأولمبياد الصيفية للشباب 2010 في سنغافورة ، وحصدت الميدالية البرونزية ، ثم تبعها مشاركة العداءة “سارة عطار” ولاعبة الجودو “وجدان شهرخاني” في أولمبياد لندن 2012.
ولكن منذ الإعلان عن الرؤية الوطنية العظيمة ، والتي حملت في أركانها “تمكين المرأة” ، بدأت الاتحادات الرياضية بشكل جدي في التعامل مع الرياضة النسائية بطريقة مؤسسية ، لنشاهد على الأقل في 2019 فوز منتخب السعودية لكرة القدم النسائية الصالات بالميدالية البرونزية في دورة رياضة المرأة الخليجية 2019 في الكويت ، وفي شهر فبراير الماضي حصد الوفد النسائي السعودي 12 ميدالية (6 فضية + 6 برونزية) في دورة ألعاب الأندية العربية للسيدات 2020 في الشارقة الإماراتية .
* ما أبرز الرياضات التي يكون الإقبال النسائي عليها أكثر ؟
في الإقبال من ناحية عدد اللاعبات هي بالتأكيد رياضتي كرة القدم وكرة السلة ، بدليل أننا نشاهد إزدياد عدد الفرق النسائية في الرياضتين ، حيث وصل عدد فرق كرة السلة والقدم في مدينة جدة وحدها أكثر من 11 فريقاً ومن بينهم الأكاديمية الرائدة (أكاديمية جدة يونايتد) حيث تمتلك فريق كرة سلة نسائي مميز سبق له تمثيل الوطن في دورة ألعاب الأندية العربية للسيدات 2018 في الشارقة ، ولكن إذا أردنا الحديث عن الأكثر تحقيقاً للإنجازات الوطنية في الخارج فأنها تكون رياضة المبارزة والتي تمتلك عدة موهوبات نجحن في حصد الميداليات في عدة بطولات إقليمية ومنهن على سبيل المثال الحسناء الحماد ، رُبى المصري ، ندى عابد ، فوزية الخيبري .
* برأيك هل المرأة السعودية قادرة على تجاوز أعباء ومشقة الرياضة بمختلف أنواعها أم أنها لازالت تحتاج إلى فترة زمنية لتجاوز تلك العقبات ؟
بما أن الدعم الرسمي من حكومتنا الرشيدة موجود ولله الحمد ، والمتمثل في وزارة الرياضة والاتحاد السعودي للرياضة للجميع ، فإن العقبات التي تواجه لاعبات الرياضة النسائية في الوطن أصبحت قليلة ولله الحمد ، والعقبات البسيطة الآن هي غياب بطولات الدوري الرسمية ، حيث لا تزال الاتحادات الرياضية مثل اتحادات كرة السلة والقدم واليد والطائرة متأخرة في تأسيس دوري ، لتكتفي الفرق النسائية بخوض بطولات إقليمية مثل دوري الرياض لكرة القدم النسائية .
ولكن يجب أن لا ننسى دور الاتحاد السعودي للرياضة للجميع في سد هذا الفراغ ، حيث شهد شهر فبراير الماضي الإعلان عن تأسيس دوري لكرة القدم النسائية تحت رعاية الاتحاد المجتمعي ، ولكن تم تأجيل انطلاق الدوري بسبب جائحة كورونا ، حيث أن للدوري أهمية عظيمة في تأسيس منتخبات وطنية قوية تكون قادرة مستقبلاً على مقارعة منتخبات قارة آسيا والتأهل إلى كأس العالم للسيدات في الرياضات الجماعية مثل كرة القدم والسلة واليد والطائرة .
* ما المعايير الواجب توافرها في لاعبات الرياضة النسائية ؟
لكي تصنع لاعبة موهوبة قادرة على تحقيق الألقاب للوطن ، علينا أن نؤسس دائرة مترابطة وقوية وهي (البيت – المدرسة – المجتمع – الاتحادات)، فاللاعبة الموهوبة تبدأ بالصقل أولاً من عائلتها في البيت ، كصقل الشخصية القوية والمتميزة مع دعم موهبتها من قبل الوالدين ، ثم في المدرسة عبر تأسيس البطولات المدرسية للفتيات التي تطور الموهوبات ، ثم المجتمع وأهمية وجود مجتمع رياضي يؤمن بأن الرياضة هي نهج حياة لأن اللاعبة الموهوبة هي نتاج مجتمع منتج ، وأخيراً يأتي دور الاتحادات التي تطور الموهوبة عبر تأسيس دوري بالنسبة للألعاب الجماعية ، أما عن الألعاب الفردية يأتي دور معسكرات التدريب التي تقام على مدار العام .
ومن هنا نجد أن هذه الدائرة بصلابتها وقوتها هي من تصنع رياضة نسائية قوية للوطن بإذن الله .
* هل الإعلام السعودي دعم الرياضة النسائية أم لازال هناك قصور ؟
لو أتى هذا السؤال قبل عامين لكانت الإجابة نعم مُقصر ، ولكن في الوقت الحالي نحتاج أن نعيد صياغة السؤال ليكون “هل الإعلام يستوعب مفهوم ثقافة الرياضة النسائية في السعودية؟”
فالإعلام حتى الآن يتعامل مع الرياضة النسائية بالطريقة التقليدية وهي نشر أخبار الرياضة النسائية دون وجود أي تحليل أو فكر جديد يساعد في نشر ثقافة الرياضة النسائية في المجتمع ويطورها .
على سبيل المثال ، الإعلام في الشقيقة الإمارات والكويت يناقش في صلب قضايا الرياضة النسائية مثل تحليل مفهوم الاحتراف ، وكيفية تطوير الطاقم الإداري النسائي ، والبحث عن الأساليب المناسبة لصنع ثقافة المجتمع في شراء تذاكر مباريات الرياضة النسائية ، لأن الاستثمار في الرياضة النسائية يحتاج إلى موارد مالية تُستمد من الجمهور الذي يشتري التذاكر .
مثل هذه المواضيع الهامة التي تختص بالعمود الفقري للرياضة النسائية تغيب للأسف عن الإعلام الرياضي المحلي لأن مفهوم “ثقافة الرياضة النسائية” غير مفهوم عند إعلامنا ، وهنا أصل المشكلة .
* كيف ترى مستقبل الرياضة النسائية في المملكة ؟
بإذن الله سيكون مستقبل كبير لسببين ، الأول يكمن في الاهتمام الكبير من الجهات الرسمية مثل وزارة الرياضة والأولمبية السعودية والاتحاد السعودي للرياضة للجميع ، ولا ننسى أيضاً الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية والاتحاد السعودي للرياضة الجامعية ، حيث جميع هذه الجهات لها دور عظيم في تغيير ثقافة المجتمع بفضل تعامله الجاد في صناعة مستقبل الرياضة النسائية .
والسبب الثاني ، هو أن بلادنا تمتلك العديد من الموهوبات في مختلف الرياضات ، بدليل أن منتخب السعودية لكرة القدم الصالات النسائية حصد الميدالية البرونزية في دورة رياضة المرأة الخليجية 2019 بعد تغلبه على صاحب الأرض الكويت ، في أول مشاركة خارجية له ، ولا يمتلك دوري محلي رسمي للصالات النسائية ، بعكس صاحب الأرض الكويت التي تمتلك دوري رسمي للصالات ، ويتلقى إشادة من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ، وهذا يعني أن لاعباتنا موهوبات على مستوى الخليج العربي ولله الحمد .
* كلمة أخيرة نختم بها الحوار ؟
نصيحتي لأخواتي وبناتي اللاعبات في الرياضة ، لكي تنجحن في هذا الطريق الصعب الذي يبدأ من البيت والمدرسة والمجتمع والاتحادات إلى الألقاب الدولية بإذن الله ، عليكن التمسك بأحلامكن العالمية وتجاهل المحبطين والمتنمرين ، لأن أصحاب الأحلام العظيمة هم من يحققون الإنجازات العظيمة ، فالأحلام العظيمة تحتاج إلى جهد مضاعف في التدريبات والتغذية الصحية وتلقي التعليمات من المدربين بحذافيرها ، والأهم أن تفتخروا بأنفسكن وبمجتمعكن وبوطنكن العظيم .