تتجدد فصول المأساة التي يعيشها السوريون بشكل دوري، من الموت فالتهجير والنزوح والدمار. ولعل فصول الوجع هذه المرة يقع على إدلب التي تعيش منذ أيام تحت النار.
فعلى وقع الضربات الأخيرة نزح أكثر من نصف مليون شخص خلال شهرين من المعارك والقصف في إدلب شمال غربي سوريا، وفق ما أحصت الأمم المتحدة، الثلاثاء، جراء التصعيد العسكري لقوات النظام وحليفتها روسيا.
وقال المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ديفيد سوانسون، لوكالة فرانس برس: “منذ الأول من كانون الثاني/ديسمبر، نحو 520 ألف شخص نزحوا من منازلهم، 80% منهم من النساء والأطفال”.
كما أوضح أن “أعمال العنف شبه اليومية لفترات طويلة أدت إلى معاناة مئات الآلاف من الناس الذين يعيشون في المنطقة بشكل لا مبرر له”.
وتعدّ موجة النزوح الأخيرة من بين الأكبر منذ اندلاع النزاع عام 2011. وهي وفق سوانسون “تفاقم الوضع الإنساني السيئ أساساً على الأرض منذ نزوح أكثر من 400 ألف شخص منذ نهاية نيسان/أبريل حتى نهاية آب/أغسطس، وكثيرون منهم نزحوا لمرات عدة” جراء حملة عسكرية مماثلة لدمشق بدعم من موسكو في تلك الفترة.
ومنذ سيطرة الفصائل المتطرفة والمقاتلة على كامل المحافظة عام 2015، تصعّد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشنّ هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل الى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا، كان آخرها اتفاق جرى الإعلان عنه في التاسع من الشهر الحالي لكنه لم يصمد إلا أياماً.
وتمكنت قوات النظام الأسبوع الماضي من السيطرة على مدينة معرة النعمان، ثاني أكبر مدن إدلب، بعدما نزح عشرات الآلاف من سكانها على مراحل.
وهي تخوض حالياً معارك عنيفة قرب مدينة سراقب التي فرغت أيضاً من سكانها، في محاولة للسيطرة عليها كونها تشكل نقطة التقاء بين طريقين دوليين استراتيجيين يربطان محافظات عدة ببعضها البعض.
وفي حين يعيش السكان في إدلب (3 ملايين شخص) الذين نزح نصفم من مناطق مختلفة في سوريا، تحت القصف المتواصل والغارات الجوية، أعلنت تركيا أكثر من مرة أنها لن تستطيع بعد الآن استقبال مزيد من النازحين السوريين.
يذكر أنه في ديسمبر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أن أكثر من 235 ألف شخص نزحوا جراء التصعيد العسكري في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا. وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في حينه أن هؤلاء نزحوا في الفترة الممتدة بين 12 و25 كانون الأول/ديسمبر، وكثيرون منهم فروا من منطقة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، التي باتت اليوم “شبه خالية” من السكان.