أكد معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، أن التحكيم يشهد في الآونة الأخيرة نقلة نوعية، مؤكدًا أن التحكيم كخيار لفض المنازعات يُعد مسانداً للقضاء وليس بديلاً عنه.
وبيّن معاليه أن من أهم مزايا التحكيم مبدأ حرية إرادة الأطراف، موضحاً أن التطور التشريعي لبيئة التحكيم في المملكة يأتي في سياق التطور التشريعي لقطاع الفصل في المنازعات بشكل عام.
وجاء حديث معاليه خلال جلسة حوارية في المؤتمر الدولي الثاني للمركز السعودي للتحكيم التجاري في الرياض أمس، الذي انعقد تحت عنوان: “تطور التحكيم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الواقع والطموح”.
وأضاف معالي الدكتور الصمعاني: “إن تطور البيئة التنظيمية للتحكيم يجب أن نأخذه من عدة زوايا أهمها مسألة وجود التشريعات الحاكمة والداعمة للتحكيم بوجود القاعدة النظامية التي تتمثل في نظام التحكيم، إضافة إلى وجود مراكز تحكيم تمثل التحكيم المؤسسي بُنيت على طابع المؤسسية لتخدم التحكيم سواءً كان في المجال التجاري أو غيره”، مشيراً إلى أن تجربة المركز السعودي للتحكيم التجاري تعد من التجارب المميزة في التحكيم، وصدور قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على تنظيم المركز سيعزز هذا التميز والريادة.
وأوضح معالي وزير العدل، أن الإجراءات التي اتخذت من المركز خلال المدة الماضية أسهمت في دعم وتطوير صناعة التحكيم وإبراز دور التحكيم المؤسسي.
كما أكد معاليه حرص وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء على ضمان سهولة وجودة الإجراءات المنظمة لنظر الطلبات المتعلقة بالتحكيم في المحاكم.
وأضاف: بنظرة شمولية للبيئة التنظيمية للتحكيم نرى أن هناك تطوراً كبيراً للبيئة الحاضنة للتحكيم، وذلك إيماناً بأن التحكيم الفاعل من أهم العوامل المهمة لدعم وجذب المستثمرين وقطاع الأعمال لخيار التحكيم.
وعن أهم التحديات التي تواجه قطاع التحكيم، أكد معالي وزير العدل أن من أهمها بناء الثقة لدى المتعاملين بمسار التحكيم كوسيلة فاعلة وذات جودة عالية للفصل في المنازعات، مبيناً أهمية إبراز دور التحكيم المؤسسي في ضمان الجودة المطلوبة من خلال ماقام به من بناء إجراءات وقواعد تنظم عملية التحكيم.
ومن أبرز أسباب تعزيز خيار التحكيم، تحقيق التحكيم للقيم المضافة للتحكيم والتي تعد السرعة والجودة والسرية أبرز سماتها، داعياً إلى أهمية دراسة أثر تطور الإجراءات القضائية وسرعة الفصل في المنازعات على اللجوء إلى التحكيم كخيار لدى الأطراف والبحث عن الوسائل المرغبة في التحكيم؛ لتحقيق غاياته.
وعن المشاريع التي تبنتها الوزارة والمتعلقة بالوسائل البديلة لفض المنازعات، أكد معالي الدكتور الصمعاني أن القطاع العدلي يولي اهتماماً كبيراً بالوسائل المساندة للفصل في المنازعات، وقد ركزت الوزارة على المصالحة كخيار مثالي يحقق عدداً من الغايات المهمة سواءً في المنازعات التجارية أو منازعات الأحوال الشخصية، أو حتى المنازعات المتعلقة بالحقوق الخاصة في المحاكم كافة.
وأوضح أن الوزارة أطلقت مبادرة (الصلح عن بعد)، مؤكداً أن نتائج المبادرة فاقت التوقعات والمستهدفات المرسومة لها؛ حيث إن العملية منذ بدايتها وحتى نهايتها تتم بشكل إلكتروني بالكامل وصولاً إلى التنفيذ من خلال اعتبار سند الصلح عن بعد سنداً تنفيذياً، كما أصدرت الوزارة قواعد المصالحة التي تؤسس لمفهوم جديد في المصالحة وذلك باعتبار المصالحة مهنة وصناعة، ويجب أن يكون القائم عليها مؤهلاً التأهيل الكافي للقيام بدور المصلح.
وفي مجال الشراكة مع المراكز التحكيمية بيّن معاليه أن هناك مشروعاً للربط الإلكتروني الكامل مع مراكز التحكيم إيماناً من الوزارة بأهمية دعم التحكيم المؤسسي لتحقيق تطلعاته.