استعادت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني , لوح حجري أثري من فرنسا يحمل نقش لكتابات عربية قديمة من تبوك قبل أسابيع قليل، . وهي مكتوبة بالخط الثمودي المبكر في أوائل الألف الأول قبل الميلاد ما بين 700 ــ 800 قبل الميلاد .
أخذ اللوح الحجري عفوا (سرقها) الفرنسي (جاك بورلانس) في سبعينيات القرن الماضي عندما كان يعمل في مدينة تبوك , وبدلا من مقاضاة اللص ، رئيس مجلس الهيئة يقدم شكره له , بل والسيد جاك على موعد مع التكريم من قبل الهيئة تقديرا له على إعادة القطعة الأثرية ؟! أعتقد أن هذه رسالة خاطئة لكل لصوص الآثار , يعني إسرقوا وفي حال إعادتها سوف يتم تكريمكم ؟! الحقيقة أن سرقة الآثار تعد فن غربي بإمتياز ولا يكاد أن ينافسهم فيه أحد , في الظاهر يدعون محاربة ذلك وأن هناك قوانين تجرم كل من يقوم بسرقة الآثار.
ولكن على أرض الواقع تجد ان بيع الآثار المسروقة يتم في (العلن) وفي المزادات الدولية وفي أكبر وأشهر الصالات في العواصم الغربية وعلى الهواء مباشرة وتحت سمع وبصر القانون (الأعمى) . بل تجد أن الجهات الأمنية في هذه الدول والمنظمات الدولية (اليونسكو) آخر طناش ؟! حتى المتاحف الغربية تجدها تعج بالآثار المسروقة وغالبيتها من الشرق الأوسط وإفريقيا وشرق آسيا وأمريكا الجنوبية . بل وتجد هذه الدول ترفض إعادة هذه الآثار الى بلادها الأصلية على أساس أنها أصبحت جزء من تاريخ هذه المتاحف والبلاد ؟! ولكن في حقيقة الأمر فإن اعادة هذه الآثار المسروقة الى بلدانها الأصلية يعني أن تتحول المتاحف الغربية الى (خاوية على عروشها) , حيث لا توجد في الدول الغربية أي حضارات قديمة أصلا , وكذلك اعتماد هذه الدول في المجال السياحي يعتمد بشكل اساسي على المتاحف , والتي بدورها تعد عنصر جذب للسياح من مختلف أنحاء العالم .
الشيء المضحك والمبكي في نفس الوقت أن تجد المواطنين في الدول التي سرقت آثارهم يذهبون الى المتاحف في العواصم الغربية لمشاهدة الأثار المسروقة من بلادهم ؟! مسلة تيماء الشهيرة والتي كتبت بالخط الآرامي (لغة المسيح) عليه السلام , قام لص الآثار (هوبر) الفرنسي بسرقتها من مدينة تيماء عام 1884م , وقد قتل وهو في طريقه الى جدة لتهريبها إلى فرنسا.
وتولت السفارة الفرنسية في جدة مهمة أكمال السرقة وإرسالها الى فرنسا ، وهي تقبع الآن في متحف اللوفر الفرنسي (مستودع مسروقات الآثار العالمية) ؟! بينما مجسم المسلة المصنوع من الجبس يوجد في متحف تيماء ؟!! أعتقد أن مسلة (حجر) تيماء لا يقل اهمية عن حجر رشيد المصري الذي يقبع حاليا في المتحف البريطاني .
سرقة الآثار لها أسباب عدة منها ما له علاقة بالسياحة (البيزنس) , أو من أجل تزوير التاريخ أو طمسه وهذه من أخطرها (مسح ذاكرة الأمة التاريخية) . هناك بحث قيم لعالم الآثار السعودي الكبير الأستاذ محمد بن حمد النجم بعنوان (التعديات على الآثار ـ النشأة والتطور ــ ) أنصح بقراءته والمؤلف يشغل حاليا منصب مدير مكتب الآثار في مدينة تيماء . هناك ضرورة ملحة في أن تقوم هيئة السياحة بتشكيل إدارة مستقلة وظيفتها متابعة استعادة الآثار المسروقة في العواصم الغربية .