شارك وفدٌ من المملكة في الدورة الرابعة من المؤتمر العالمي لمدراء مواقع التراث البحري العالمي، الذي تنظّمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، في الحديقة الوطنية في غلاسيير باي في ولاية ألاسكا بالولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة نخبة من المتخصصين والخبراء، ومسؤولين من اليونسكو، وممثلين عن الجهات المعنية بإدارة أبرز مواقع البيئة البحرية والتراث البحري من حول العالم.
وتزامن انعقاد المؤتمر مع الإعلان عن أحدث موقع على قائمة اليونسكو لمواقع التراث البحري العالمي، وهو موقع “ذا فرنش أسترال آيلند بارك” في جزر كرغلن التابعة لفرنسا، ليكون الموقع رقم خمسين على قائمة اليونسكو لمواقع التراث البحري العالمي، حيث ناقش المشاركون التجارب والتحديات ذات الصلة بالتراث البحري العالمي، وبالأخص ما يتعلق بإدارة مواقع التراث البحري العالمي وتطويرها والحفاظ عليها في مواجهة التحديات العالمية والتغير المناخي.
وشاركت المملكة العربية السعودية في المؤتمر للمرة الأولى في تاريخها، ممثّلة بوفد بقيادة وزارة الثقافة وبمشاركة خبراء من وزارة البيئة والمياه والزراعة، والمشاريع الضخمة التي تنفّذ في سياق رؤية 2030 (نيوم مدينة المستقبل، ومشروع البحر الأحمر) وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
وأكدت وزارة الثقافة أنّ رعايتها لهذا الحدث العالمي الذي تنظّمه اليونسكو هي تجسيد لالتزامها بدعم الجهود الدولية لحماية مواقع التراث البحري والعجائب الطبيعية حول العالم.
وتبذل المملكة العربية السعودية جهوداً بارزة في إدارة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، باعتماد أحدث التقنيات وبالتعاون مع عدد من الخبراء المتخصصين على أرفع المستويات، لتقديم تجربة الشعاب المرجانية والبيئة البحرية في البحر الأحمر كتجربة نموذجية على مستوى البيئات البحرية حول العالم.
وتعتبر الشعاب المرجانية شمالي البحر الأحمر محطّ اهتمام عالمي، لما أبدته من قدرة مدهشة على التكيف في مواجهة التغير المناخي، لتصبح نموذجاً عن تجربة مليئة بالأمل من حيث القدرة على الاستفادة منها في إدارة مواقع الشعاب المرجانية في مناطق أخرى من العالم.
وبالنظر إلى أهمية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وغيرها من الأنظمة والبيئات البحرية المتميزة في المملكة العربية السعودية، تعمل وزارة الثقافة مع اليونسكو، بصفة المملكة عضواً في اتفاقية التراث العالمي منذ عام 1978، لتصنيف الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وغيرها من المواقع الفريدة في البحر الأحمر كمواقع محمية وإدراجها ضمن مواقع التراث العالمي، بهدف حمايتها كأصول طبيعية مهمة لأجيال المستقبل.
وقد أسست وزارة الثقافة مجموعة عمل خاصة لهذا الغرض، وهي المجموعة المشاركة في هذا المؤتمر. وقدّمت المجموعة الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، وتضمّنت رسالةً من صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة، للمشاركين في المؤتمر، وجاء فيها: “هناك العديد من البيّنات التي تثبت أنّ الشعاب المرجانية على سواحلنا في البحر الأحمر هي من الشعاب الأكثر مرونةً وقدرة على الصمود في ظل تحديات التغير المناخي، وهذا يكسبهم مزيداً من الأهمية على المستوى الدولي. إن منظومتنا البيئية والطبيعية عنصر حيوي في صحة وسلامة كوكبنا، وكذلك في مستقبلنا نحن في المملكة العربية السعودية. وهذه من الأسباب التي تزيدنا التزاماً وحرصاً على العمل سوياً للحفاظ على تراثنا البحري ورعايته وإيلائه العناية اللازمة”.
بدورها، رحّبت د. فاني دوفير، منسّقة برنامج التراث البحري العالمي، بمشاركة المملكة العربية السعودية، منوّهة بالدور الذي تلعبه المملكة في هذا الصدد: “إن قائمة مواقع التراث البحري العالمي التي تضمّ 50 موقعاً حالياً هي بمثابة أثمن الدرر التي ترصّع المحيطات حول العالم، لكنّها تواجه الكثير من التحديات. ونتطلع قدماً إلى دعم المملكة العربية السعودية في هذا المجال، لتطبيق حلول مستفادة من تجارب المملكة، ولنرسم سوياً طريق المستقبل نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030”.
وأشار وفد المملكة إلى أن كل ما تقدّمه المملكة من التزامات تجاه الحفاظ على تراثنا الإنساني المشترك، وتحسين قدرة هذا التراث على التكيف مع التحديات العالمية وفي طليعتها التغير المناخي، والحدّ من الضغوطات الأخرى، هي أيضاً لبنات بناء تدعم المملكة في تحضيراتها لدورها ومكانتها العالمية الجديدة والأكثر تأثيراً، وبالأخص استضافة المملكة لاجتماعات قمة مجموعة العشرين في العام 2020.
ويكتسب قطاع التراث البحري مكانة رئيسية ضمن القطاعات الثقافية ذات الأولوية لوزارة الثقافة، كونه يندرج ضمن قطاع التراث الطبيعي – أحد القطاعات الثقافية الستة عشر التي تضمّنتها الرؤية والتوجهات الثقافية للمملكة لتكون محور تركيز جهود وأنشطة الوزارة، كما جاء في نصّ رؤية وتوجهات الوزارة التي صدرت في وقت سابق من العام الحالي. وعليه، فإن جهود المملكة لتعزيز حضورها الدولي في هذا القطاع والمساهمة بتقديم الدعم والمساعدة الفنية المتخصصة لبرنامج اليونسكو للتراث البحري العالمي هي جزء من العمل على تحقيق أهداف كلّ من وزارة الثقافة، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، ورؤية 2030 في إطارها الأوسع.