انطلقت قبل قليل القمة الخليجية الطارئة التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، برئاسة المملكة العربية السعودية وبحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين توافدوا على قصر الصفا بمكة المكرمة مقر انعقاد القمة الخليجية الطارئة.
حيث بدأت القمة بكلمة لخادم الحرمين الشريفين أكد فيها أهمية الحفاظ على المكتسبات التنموية، ومواجهة التحديات بحزم وعزم أمام السلوك والتدخل الإيراني بالشؤون الداخلية للدول، وتهديد السلام والأمن الدوليين، ودعم الإرهاب والهيمنة، والأعمال التخريبية الأخيرة في الإمارات والسعودية والدعوة للعمل الجاد للحفاظ على مكتسبات دول الخليج العربي وتحقيق السلام لشعوب المنطقة بما فيها الشعب الإيراني.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِ العالمين والصلاةُ والسلام على رسول الله
إخواني أصحاب الجلالة والسمو
أصحاب المعالي والسعادة
يطيبُ لي أن أرحب بكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية، وأشكر لكم تلبية الدعوة لهذه القمة الطارئة، والتي تنعقدُ في ظل تحديات مباشرة تهدد الأمن والاستقرار إقليميًا ودوليًا.
ولقد استطعنا في الماضي تجاوز العديد من التحديات التي استهدفت الأمن والاستقرار، وكذلك الحفاظ على المكتسبات وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولنا، وسنعمل معًا بحول الله لمواجهة كل التحديات والتهديدات بعزمٍ وحزم.
إخواني أصحاب الجلالة والسمو
إن ما يقوم به النظام الإيراني من تدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وتطويرِ برامجه النووية والصاروخية، وتهديده لحرية الملاحة العالمية بما يهدد إمدادات النفط للعالم. يُعد تحديًا سافرًا لمواثيق ومبادئ وقوانين الأممِ المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين.
كما أن دعمه للإرهاب عبر أربعة عقود وتهديده للأمنِ والاستقرار بهدف توسيعِ النفوذ والهيمنة هو عملٌ ترفضُه الأعراف والمواثيق الدولية.
إن الأعمال الإجرامية التي حدثت أخيرًا باستهداف أحد أهم طرق التجارة العالمية بعملٍ تخريبي طال أربع ناقلات تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وكذلك استهداف محطتي ضخٍ للنفط، وعدد من المنشآت الحيوية في المملكة. تستدعي منا جميعًا العمل بشكل جاد للحفاظ على أمن ومكتسبات دول مجلس التعاون.
إخواني أصحاب الجلالة والسمو
إن المملكةَ حريصةٌ على أمنِ واستقرار المنطقة، وتجنيبها ويلات الحروب. وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لكل شعوبِ المنطقة بما في ذلك الشعب الإيراني. وستظل يد المملكة دائمًا ممدودة للسلام، وسوف تستمر بالعمل في دعمِ كل الجهود للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي الختام فإنه لا بد من الإشارة إلى أن عدم اتخاذ موقفٍ رادع وحازمٍ لمواجهة الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في المنطقة. هو ما قاده للتمادي في ذلك والتصعيد بالشكل الذي نراه اليوم. ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارسات الإيرانية من تهديدٍ للأمن والسلمِ والدوليين. واستخدامِ جميع الوسائل، لوقف النظامِ الإيراني من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. ورعايته للأنشطة الإرهابية في المنطقة والعالم، والتوقف عن تهديد حرية الملاحةِ في المضايق الدولية.
والسلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته .
عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كلمة رفع في مستهلها الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، رئيس الاجتماع – حفظه الله – ولأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومواطني دول المجلس ، بمناسبة مرور الذكرى الثامنة والثلاثين لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الذي وضع القادة المؤسسون لبناته في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 1981م، تجسيدا لعمق العلاقات الأخوية والروابط المتينة والمصالح المشتركة التي تجمع بين دُوله ومواطنيها، ورغبة في الحفاظ على أمنها واستقرارها، وتحقيق تطلعات أبنائها لمزيد من التقدم والتطور والازدهار.
وأشاد الدكتور الزياني بانعقاد هذه القمة الخليجية الطارئة، في هذه الليلة المباركة من ليالي شهر رمضان الفضيل، وفي مدينة مكة المكرمة ، مهبط الوحي وقبلة مليار ونصف مليار مسلم في أرجاء العالم، بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله -، الذي يبرهن بحكمته البالغة ورؤيته الثاقبة نواياه المخلصة وحرصه المعهود على المصالح العليا لمجلس التعاون ودوله ومواطنيها الكرام.
وقال :” أصحاب الجلالة والسمو، لا يسعني في هذا المقام إلا أن أحيي حرصكم الدائم وسعيكم الحثيث ونواياكم الصادقة في الحفاظ على مسيرة مجلس التعاون، وتعميق روابطها وتكثيف تعاونها، سعيا منكم، رعاكم الله، لأن يظل مجلس التعاون كيانا متماسكا راسخا، قادرا على مواجهة كافة التحديات بثقة كبيرة وإرادة ثابتة وعزيمة لا تلين.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ، أن القمة الطارئة تنعقد في ظل وضع إقليمي بالغ الحساسية والتعقيد ينبئ بمخاطر جسيمة وتحديات صعبة تتطلب من دول مجلس التعاون اليقظة والحيطة والحذر والاستعداد، ومزيداً من التكاتف والتعاضد، للحفاظ على أمنها واستقرارها، والدفاع عن مكتسباتها وإنجازاتها ومصالحها .
وقال معاليه :” وما تواجدكم اليوم في هذا اللقاء المهم إلا تأكيد على حرصكم على وحدة الصف الخليجي وعزمكم الثابت على تحقيق الأمن الجماعي الشامل لهذه المنظومة الخيّرة، في ظل استمرار الاستفزازات والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وما شهدته المنطقة من تهديدات وأعمال عدائية إرهابية مؤخرا، تمثلت في تهديد سلامة إمدادات النفط من خلال الأعمال التخريبية للسفن التجارية المدنية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومحطتي ضخ للنفط في المملكة العربية السعودية ، وإطلاق الصواريخ البالستية على الأماكن المقدسة والمناطق المدنية في المملكة.
وأضاف الدكتور الزياني يقول :” من أجل ذلك كله جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لعقد هذه القمة الطارئة لتدارس الوضع المعقد الذي تعيشه المنطقة والتحديات التي تواجهها، واتخاذ موقف جاد وفاعل يكفل الحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية التي تكتسب أهميتها الإستراتيجية من موقعها الجغرافي المهم لحركة التجارة الدولية، ودورها البارز في تأمين إمدادات الطاقة لدول العالم، ونموها الاقتصادي والاستثماري المتواصل، ومكانتها الإقليمية والدولية المتميزة.
وسأل الله العلي القدير في ختام كلمته أن يكلل أعمال هذه القمة بقرارات بناءة تعكس وحدة الموقف والمصير الواحد، ويديم على دولنا ومواطنيها نعمة الأمن والأمان والتقدم والازدهار.
إثر ذلك أعلن معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بدء الجلسة المغلقة.
وضم وفد المملكة للقمة الخليجية الطارئة، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير الخارجية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف.