قدمت الدكتورة اللبنانية ميادة حمدان ورقة بحثية تركزت حول الذات العربية في مواجهة الآخر الأميركي ، وقد جاء فيها:
تطورت صورة الآخر في نظر الثقافة العربية منذ الفتوحات الإسلامية، ولم يعرف العرب الآخر الغربي إلا مع حروب الإفرنج، وبعدها الحملة الفرنسية على مصر، فأصبح الآخر هو الغرب الذي وعوا وجوده عندما دخل حاملًا سيفه على أراضيهم.
وانبرى عدد من الروائيّين العرب لتصوير طبيعة لقاء الأنا العربي بالآخر الأوروبي ثم تحول الآخر الغربي من اوروبا إلى أميركا بعد أحداث ١١ أيلول ٢٠٠١. من هذه الروايات ” تبليط البحر ” لرشيد الضعيف، و” أميركا ” لربيع جابر ، و”شيكاجو ” لعلاء الأسواني، و”أمريكانلي ” لصنع الله إبراهيم، و”رغبات ذاك الخريف ” لليلى الأطرش، و”سيرة الفتى العربي في أمريكا ” لرفقة دودين، والحفيدة الأميركية ” لإنعام كجه جي. وهذه الروايات ليست سوى غيض من فيض.
تكشف هذه الروايات عن أسباب هجرة الذات العربية إلى أميركا منذ القرن التاسع عشر. تتصدر هذه الأسباب الأوضاع الاقتصادية المتردية في عدد من البلدان العربية، وتليها أنظمة الحكم الفاسدة وغياب الديمقراطية التي أجبرت عددًا من الشخصيات الروائية العربية على مغادرة بلادها بحثًا عن بلد يحترم حريتها ويحفظ كرامتها.
أمّا الدافع الآخر للجوء إلى الآخر الأميركي، فهو تخلف التعليم في الجامعات العربية وعجزها عن تلبية الطموحات العلمية لأبنائها.
حملت الشخصيات الروائية العربية أحلامها إلى أميركا، يائسة من أوطانها، لكن عددًا منها لم يستطع ممارسة السطو على ذكرياته وماضيه وانتمائه، فبقيت أوطانها عالقة في حبال قلوبها عصية على السقوط في ظلمة النسيان.
لكن المجتمع الأميركي نجح في الاستحواذ على بعض الذوات العربية الروائية مقنعة إياها بأنّها لن تكون شيئًا ولن يكون لها مستقبل وحياة من دون الآخر الأميركي، وهذا الآخر هو طوق نجاتها من التخلف والديكتاتورية والجهل والقمع في مجتمعاتها العربية.
وبعد كل ما أسفرت عنه أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، ورغم تفاقم الصراع والعدواة والكراهية على المستوى السياسي في العلاقات العربية – الأميركية، لم تقف بعض الشخصيات الروائية العربية موقفًا معاديًا من أميركا، لأن هذه الشخصيات ذابت في قلب المجتمع الأميركي، فلم تجد فيه صورة مناقضة لسياسته الخارجية التي تستبيح أرض الآخر وثقافته لتحقق مطامعها التوسعية بل رأت في الآخر الأميركي تفوّقًا حضاريًّا بهرها.
ميادة حمدان ، دكتورة في اللغة العربية وآدابها من لبنان.