لك الحق أن تكتب ماتشاء ، كيفما تشاء ، بشرط أن تقنع المتلقي بما تقول ، لايهم الشكل الذي تصب فيه رؤاك ومراداتك ، بل الأولى أن يتضح التأثير ، سواء كان الشكل سيميتريا كلاسيكيا ، أو كان شكلا متطورا أو مستحدثا . ويأتي ديوان ( قصائد سرية جدا ) للأديبة الشاعرة العربية / هيفاء هاشم الأمين ليعبر عن هذه الفكرة جيدا ، فالشاعرة التزمت الأصالة في تشكيل نصوصها الشعرية ، لكنها حاولت التجديد في هذه النصوص بما يمكنها من إعلان ذلك التجديد تقول الشاعرة ياحُبُّ في الريحِ لا يَبْقى إذا غَضِبَتْ وَ إنْ تهُبُّ رخَاءً سوفَ تُحييهِ هلْ أسْكُنُ الديرَ إنِّي بِتُّ حائرَةً أمْ أكتُبُ الحُبَّ في شيءٍ وَ أرمِيهِ وَ كيفَ أرميكَ يا شيئي وَ محرمَتِي وَ كيفَ أسألُ أمرًا لستُ أنْوِيهِ إني أحِبُّكَ يا نصفي وَ يَا عددي فكيفَ تنقصُ عَدِّي كيفَ تُحْصيهِ وَ كيفَ أشرحُ شيئًا أنتَ تعْلَمُهُ بلْ كيفَ تسمَعُهُ حينًا وَ تُصْغيهِ كأنَّمَا أنتَ إحساسٌ بلا ندَمٍ قالوا يُحِبُّ فقلتُ القلْبَ تاليهِ حُبُّ النساءِ جميعًا أنتَ تَمْلكُهُ وَ أنتَ منْ حُبِّنا بَحْرٌ وَ شاطيهِ تسير الشاعرة / هيفاء هاشم أمين في درب ليس مستحدثا ، لكنه ليس قديما كذلك ، فهي تكتب الشعر كما ينبغي للشعر العربي أن يكتب ، هي أمينة جدا مع الخليل ، بن أحمد الفراهيدي الأزدي ، لم تشأ أن تخونه ، ولكنها لاتستطيع أن تتبع فكره في عصر زادت الشقة بينه وبينها ، فتكتب مفردات عصرها بما يمكنها ، ولو أنها التزمت مايجب عليها لكان لهذه النصوص شأن آخر ، حيث إن الأدوات مكتملة ، والمفردات مستتبة ، والقيم واضحة ، والثقافة كافية ، والترتيب العقلي والانفعالي متزن بدرجة تكفي لإنتاج دواوين شعرية متعددة ومستلهمة ومستطرفة . فالشاعرة كتبت نصها السابق على إيقاع البسيط الغنائي ، واختارت قافية تكاد تصل بالنص لدرجة التنغيم الداعي لاهتزاز القلب والجسد ، لكنها استلهمت الصور السابقة لتصنع منها صورا جديدة خاصة بها ، مع المتواجد من الألوان في شعرنا العربي على طول تاريخه . مكانيا يبدأ الشعر العربي من أرض الإمارات العربية ، وكانت أقدم القبائل العربية تعيش في هذه المنطقة ، ليس هذا شيفونية من للإمارات ، لكنه واقع تاريخي استدعته لحظة الكتابة لهذه الدراسة ، وهذا الاستدعاء يعني أن عمق التاريخ ينساب على أرض الحاضر ، فمنه تطور ، ومنه ثبات أو تحول . والحق أن ديوان
( قصائد سرية جدا ) للشاعرة اللبنانية العربية / هيفاء هاشم الأمين والمقيمة بدولة الإمارات العربية يسير في جهة التطور والتحول مبتعدا بدرجة ما عن منطقة الثبات ، الذي يجعل الشعر كبحيرة للماء الراكد.
فالشاعرة ترسم عصرها بريشة عربية ، لم تتلوث هذه الريشة ، ولم تستدع من خارج المنطقة العربية من يكتب عنها . وفي ظني حينما تتمكن الشاعرة من استخدام المفردات العصرية الموجودة في المجتمع العربي والتي توضح إلى أي مدى وصل العلم العربي والفكر والثقافة والتقنية والتكنولوجيا ، ستحدث أمور أخرى مختلفة تماما عما سبق .
شاعرة ذات تجربة واضحة ، عميقة بدرجة منظورة ، ويمكن حساب درجة العمق الفني من خلال قدرتها على استخدام تقنيات الشعر العربي قديمه وحديثه ، وهو مايشي بأن الشاعرة تحاول التجريب حتى اللحظة في أشكال الشعر العربي المتعددة ، لتستقر على الشكل الكلاسيكي باعتباره أوضح الأشكال ، وأكثرها قدرة على التواصل بينها وبين المتلقي . جزيل شكري للشاعرة التي أتاحت لي هذه الفرصة الراقية لمناقشة جانب التقنية والفكر في ديوانها ( قصائد سرية جدا ) .