الإسلام في الغرب دائماً يشهد إقبالاً متزايداً في كل يوم ، وذلك بسمو رسالته ، وانسجامه مع الفطرة السليمة.
وفرنسا كدولة غربية تتمتع بحرية التدين ، وجد المسلمون أنفسهم فيها أمام القيام بواجبهم نحو المحافظة على هويتهم الإسلامية دون المساس بقوانين وأنظمة الدولة التي فتحت أبوابها لاستقبالهم وإيوائهم.
ومن بين الذين قاموا بخدمة الإسلام في فرنسا ونصرته الشيخ محمد زين بن الشيخ محمد محسن ، والذي هاجر من مسقط رأسه جزر القمر مستقراً في فرنسا في السبعينيات ، حاملاً رغبته الشديدة في حماية الجالية المسلمة من الذوبان والانسلاخ من الأخلاق الإسلامية التي هي عماد الدين.
فمنذ أن وفقه الله والتحق بوزارة الداخلية الفرنسية بمنصب رئيس ولاية في هيئة كبار الشخصيات فيها.
ومما أُسند إليه الملف الإسلامي ، وذلك أن الداخلية هي الجهة المكلفة بشؤون الديانات ، إلى أن تم تشكيل مجلس التفكير حول الإسلام في فرنسا عام ١٩٩٠م بمرسوم رئاسي أيام الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران ، وتم تكليفه أميناً عاماً لمجلس التفكير حول الإسلام في فرنسا. ومن الإنجازات التي حققها الشيخ محمد زين – رحمه الله- خلال المجلس رعايته لتأسيس الكلية الأوربية للدراسات الإسلامية في فرنسا عام ١٩٩٣م، وشهد جناح الحلال في الأسواق المركزية التجارية في فرنسا بمبادرة منه، وإدخال عدد من الأئمة في برنامج توعية المسجونين في السجون ونصححهم،وكذلك سعيه بفتح مصليات في مطارات فرنسا ليؤدي المسافرون الصلوات ، كل هذه الإنجازات تدل على حرصه الشديد ليكون المسلم في فرنسا مواطناً فرنسيا يشعر باندماجه مع المجتمع الفرنسي الذي يقبل التعددية الفكرية دون المساس بكرامة الإنسانية.
ولقد بذل جهداً كبيراً في إحياء مشروع الحوار الإسلامي مع الآخر بالحكمة والموعظة الحسنة.
والجدير بالذكر أن الشيخ منذ نعومة أظفاره في مسقط رأسه مدينة ( مبين ) منطقة همهام، اشتغل بطلب العلم ومجالسة العلماء إلى أن وصل إلى تختيم كتاب ( منهاج الطالبين ) للإمام النووي على الفقه الشافعي رحمهما الله.
وارتقى مناصب عديدة في جزرالقمر ، أجلها كان نائبا في البرلمان القمري ١٩٦٨-١٩٧٥م ممثلاً لمنطقة همهامي .وكان من النواب الذين صوتوا لصالح استقلال جزرالقمر في ٦ من يوليو ١٩٧٥م.
وافته المنية ليلة الجمعة ٦ من ذي الحجة ليلقى الله تعالى في إحدى مستشفيات باريس بفرنسا ، ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه مدينة ( مبين ) جزرالقمر لدفنه.
والفقيد ذكرياته لاتنتهي ، وإن الأيام ستشهد له بالخير ، فهو ذو القلب السليم ، صاحب البسمة وانشراح الصدر ، إنه من إذا تحدث جمع بين ذكر الماضي والإستعداد بالرحيل ، واشتهر بقوله دائماً : أن المسلم إذا التزم بالتقوى والعدل صلح في دنياه وأخراه.
رحم الله شيخنا الجليل ، وجعل الجنة مثواه ، وألهمنا الصبر والسلوان ، إنالله وإنا إليه راجعون.
بقلم الشيخ: نورالدين محمد طويل إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا.