شارك معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في (ندوة الحج الكبرى) في دورتها الثالثة والأربعون, والتي حملت عنوان (الحج شرف المكان والزمان في طمأنينة وأمان.
وذلك بحضور معالي المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد, ومعالي وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بن صالح بن طاهر بنتن, وعدد من أصحاب المعالي والفضيلة العلماء.
واستهل معاليه حديثه بشكر الله تعالى أن سخرنا لخدمة ضيوفه في أطهر البقاع, وإنه لمن دواعي البهجة والانشراح، والغبطة والارتياح، أن ألتقي هذا الجمع المبهج الكريم، المتلألئ النظيم.
واستطرد معاليه في كلمته التي حملت عنوان (التواصل والتعارف والتسامح في الإسلام), إنَّ الله تبارك وتعالى خلَق النَّاسَ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَعَلَهُمْ شُعُوبًا وقَبائِل، لِيَحْصُلَ بَيْنَهُمْ التواصل والتعارف، ويتحقق التسامح والتآلف، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فهذه الآية الكريمة جاءت تنبيهًا إلى وحدة أصل الإنسان رغم تفرُّق الشعوب والقبائل، ووحدة إمكاناته واستعداداته، على تعدُّد أوصافه، وتنوُّع مكتسباته، وضرورة التعارف المؤدِّي إلى التآلف والتواددِ المنافي لأنواع التعالي والتفاخر والتعاظم.
وأضاف: تُعدُّ قيمة التعارف من المقاصد المهمَّة للشريعة الإسلامية، فالتعارف قاعدة اجتماعية عظيمة، وأصلٌ من أصول الإسلام الكبرى لطبيعة العمران الاجتماعيِّ في الإسلام، المبنيِّ على حقائق الإيمان، إنه عالمٌ له فكرته الكاملة عن وحدة الإنسانية المختلفة الأجناسِ، المتعدِّدة الشعوبِ، وله ميزانه الواحد الذي يقوم به الجميع.
وبين: كذلك رغَّب دِينُنَا الحنيف فِي التَّوَاصُلِ الْمُثْمِرِ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا والتعارف بينهم عَلَى رَكَائِزَ مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، بِالْفِعْلِ النَّبِيلِ، وَالْقَوْلِ الْجَمِيلِ، قَالَ تَعَالَى:(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ), وَتَعْزِيزًا لِمَبْدَإِ التعارف والتَّوَاصُلِ الْحَضَارِيِّ نَهَى الْإِسْلَامُ عَنْ كُلِّ مَا يُسِيءُ إِلَى مُعْتَقَدَاتِ الآخَرِينَ.
وأوضح: وَقد تَرْجَمَ الْمُسْلِمُونَ مَبَادِئَ التعارف والتَّوَاصُلِ الْحَضَارِيِّ والتسامح عَبْرَ الْعُصُورِ، فَكَانُوا مَنْهَجًا يُحْتَذَى بِهِ فِي السَّمَاحَةِ وَالْوِئَامِ وَالتَّوَاصُلِ، وَالتَّعَامُلِ الْجَمِيلِ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَلِذَلِكَ تَأَثَّرَتِ الْمُجْتَمَعَاتُ بِسُلُوكِهِمْ، وَدَخَلَتْ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا, ولقد بدأ المسلمون منذ عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – في التعارف والتواصل مع الغير، من أجل نشر الدعوة الإسلامية، والقيام بمسؤولية الرسالة، ذلك أنَّ التواصل والتعارف بين المسلمين والعالم كله، هو الأصل العام الإسلامي في التعامل بين البشر ، ويمكنهم أن يتعاملوا مع غير المسلمين في الشرق والغرب في كثير من شؤون الحياة.
واختتم: أسأل الله العليَّ القدير أن يجزى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله- خيرَ الجزاء كِفاء ما قدَّم للإسلام والمسلمين، وبرامج نافعة للحجَّاج والمعتمرين والزائرين، وما أولى للحرمين الشريفين، وما يبذله ويقدِّمه في رعايتهما وخدمة قاصديهما: إعماراً وتطهيراً، وتوسعةً وصيانةً وتطويراً، وأن يشد أزره بولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ، وشكر الله لمستشارِ خادم الحرمين الشـريفين، أميرِ منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود ، ولصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة المدينة المنورة، وسمو نائبيهما الكريمين -حفظهم الله-، وأَنْ يُعِيْنَهم جميعًا وَيُسَدِّدَهم وَيُوَفِّقَهم فِي نشر الإسلام والدعوة إليه، وخِدْمَةِ الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزائرين.