أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د.صالح ال طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب ونواهيه وقال في خطبة الجمعة اليوم الجمعة من المسجد الحرام أنه مخطئ من ظن يوماً أنه يستطيع هداية الناس أجمعين، أو جمعَهم على كلمة الحق الواحدة ، إنَّ هذا خلافُ سنة الله وتقديره، وخارجٌ عن قدرة البشر، ولا يزالون مختلفين، (فلا تكونن من الجاهلين) .
والواجب على الداعية أن يقوم بما أمره الله به، وأن يبلغ الدعوة إلى الناس ، وإن عليك إلا البلاغ . قل كما أمر الله نبيه أن يقول: (قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين * وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين * ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) .. وهذا في حقيقته غاية التثبيت واليقين .إنهما الأصلان العظيمان المتلازمان: (واتبع ما يوحى إليك واصبر) اتباع الوحي، والصبرُ على وَعْثاء الطريق ، ومن جمع هذين الأمرين فقد سار على طريق الأنبياء ودعوتهم ، ومن نقص منهما فقد نُقص من أمر دعوته بقدر ذلك . وما وقعت فرقٌ وأحزاب وجماعات من المسلمين في التحريف والتبديل وتهوين التمسك بالشريعة إلا بتضييع أصل الاتباع ، وما وقعت طوائفُ في الغلو والخروج إلا بتضييع الأصل الثاني وهو الصبر .
وأوضح فضيلته أن الهدى هدى الله الجامعُ بين الصبر والاتباع (واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)، (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)، ا .
وأضاف فضيلته إنه لم يكن أحدٌ أكرمَ على الله من أنبيائه ورسله ، ومع ذلك فإن حياتَهم عموماً وزمنَ بعثتهم خصوصاً قد انقضت في مخالطة المشركين ومجادلتهم، تضمهم المجالس وتجمعهم المواقف ، يسمع أنبياءُ الله من أقوامهم ما يكرهون ، يرون الشرك ويبصرون المنكر وهم له مبغضون وشانؤون . ومع أنهم أعرف الناس بجلال الله وأغيرهم على حرماته ، إلا أن ذلك لم يَثنِهم عن الدعوة والبيان ، والنصح والرحمة والصبر والدَّأَبِ في استنقاذ من سبقت له الرحمة وخُطّ اسمه في كتاب الفائزين .
ومع أن الحزن على فشو المنكر من سيما الصالحين ومن دواعي مثوبتهم، إلا أن الله أنكر على نبيه التمادي فيه لئلا ييأس ويترك . فلا تذهب نفسُك عليهم حسرات . فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا… وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين . وبين فضيلتة اإن الكفر والفسق في هذه الحياة تبتلى به طائفتان ، فيبتلى المتلبسون بهما عافانا الله وإياهم ، كما يبتلى الصالحون بالكافرين والفاسقين ، لينظرَ اللهُ كيف يَثبُتُون ويَنصحون ويُصلحون وإن مَن مَنّ الله عليهم بالعيش في مجتمع محافظ في غالبِه ، قد يُصعقون إذا رأوا مالم يكونوا يعهدون ، وما علموا أن خيرة خلق الله وخُلّص أصفيائه قد عايشوا ما هو أشد على النفس وأنكى ، ومع ذلك قاموا بواجبهم ، وكانوا يعلمون أن ثمار ذلك العمل موكولٌ إلى الله ، فقد يزهر الثمر وقد يخبو .
إلا أنه في كل الأحوال لا مناص من النصح والدعوة ، ولا محيص عن الصبر والاحتساب . وإذا قام الإنسان بوسعه فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. ورفع الحرج من الله بعد استنفاد الوسع لا قبله . ( إن عليك إلا البلاغ ) ( بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) إن لم تفعل البلاغ ، أما الهداية فليس عليك هداهم .
واكد الشيخ ال طالب انة لابد من توطين النفس على تحمل الأذى والبيان ، وعلى احتساب الأجر ورحمة الخلق، حتى المخالفين منهم والمناوئين ، فقد قال الله عن نبيه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. لكل العالمين، إنسهم وجنهم وبرهم وفاجرهم . وإن لهذا الدين إقبالاً وإدبارا ، فالنقص لا يعني نهاية الدين والتدين وإنما هي سنة الله ومرحلة من مراحل أطوار هذه الأمة ، ليميز الله الخبيث من الطيب وليعلم الله المؤمنين . إن إدراك هذه المعاني والتي دلت عليها سورة يونس كفيل بتحقيق اليقين والثبات ، وباعث على سعة الأفق وتحقيق التوازن في النظر إلى الحوادث والتعامل مع المتغيرات .