كشف المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية معالي د.عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة عن تفاصيل المشروع السعودي لنزع الألغام “مسام”، والذي تنفذه كوادر سعودية وخبرات عالمية، لإزالة الألغام بكافة أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيات المسلحة بطرق عشوائية في الأراضي اليمنية، ويهدف المشروع أيضاً إلى مساعدة الشعب اليمني على التغلب على المآسي الإنسانية الناجمة عن انتشار الألغام، وتمكينه لتحمل المسؤولية على المدى الطويل.
وقال معاليه خلال حفل تدشين المشروع اليوم الإثنين: إن مما لا يختلف عليه كُل ُمنصف أن المملكة العربية السعودية دأبت عبر تاريخها الممتد بالمبادرة بمد جسور الخير والدعم والأعمال الإنسانية النبيلة للدول الشقيقة والقريبة في محيطها وكذلك الدول الصديقة، وهي في ذلك تحقق ما تدعو إليه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.
وأضاف: “لقد iiكان وما زال دعم أشقائنا في اليمن في مقدمة أولويات المملكة عبر عقود من الزمن، تأكيدا على روابط الجوار، والدين، واللغة، والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين الشعبين السعودي
واليمني. كما تعلمون فإن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال
الإنسانية قام بدور كبير لمساعدة الأشقاء في اليمن، تمثّل في تقديم (262) مشروعاً، تعدّت كلفتها الإجمالية مليار و600 مليون دولار أمريكي، توزعت على مشاريع الأمن الغذائي، والصحي، والإيوائي، والدعم المجتمعي، والتعليم وغيرها من البرامج الإغاثية المهمة والضرورية، وما يزال المركز يعمل بكل جهد وحيادية لرفع المعاناة عن كافة المحافظات اليمنية”.
وتابع: “تقوم القوى الانقلابية في اليمن بتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى صناعة الألغام وزراعتها بطريقة عشوائية غير مسبوقة في أماكن تستهدف المدنيين العُزل، مما تتسبب في إصابات مستديمة وخسائر بشرية عديدة استهدفت النساء والأطفال وكبار السن، وغير ذلك من أعمال مهدّدة للأمن والحياة. فقد تم حتى الآن حصر ما تعداده أكثر من ٦٠٠ ألف لغماً في المناطق التي تم تحريرها من المليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى ١٣٠ ألف لغماً بحرياً مضاد للزوارق والسفن وهي من الألغام المحرمة دولياً، و٤٠ ألف لغماً في محافظة مأرب، و١٦ ألف لغماً في جزيرة ميون”.
ولفت معالي د.الربيعة إل أنه وبحسب تقارير صدرت عن الحكومة اليمنية منذ شهر ديسمبر عام ٢٠١٤م، وحتى شهر ديسمبر لعام ٢٠١٦م، فقد تم تسجيل ما مجموعه ١٥٣٩ قتيلاً، وإصابات جراء ما تم زراعته من ألغام لأكثر من ثلاثة آلاف من العسكريين، ومن المدنيين والنساء والأطفال، تسببت بإعاقات دائمة وكلية لأكثر من ٩٠٠ شخصاً. وكذلك تم تسجيل أكثر من ٦١٥ قتيل منهم ١٠١ من الأطفال و٢٦ امرأة، فيما بلغت الإصابات ٩٢٤ إصابة بينهم ١٠ أطفال و٣٦ امرأة، بينما ما تم تسجيله بمحافظة تعز وحدها ٢٧٤ حالة بتر لأطراف وإعاقات دائمة منهم ١٨ حالة لفقدان البصر.
وبين أنه خلال عام واحد فقط سجل البرنامج الوطني لنزع الألغام عدداً كبيراً من الضحايا والإصابات فقد وصل عدد ضحايا الألغام في كل من محافظات عدن، ولحج، وأبين، وتعز ٤١٨ ضحية، في حين أنه تم في نفس الفترة تسجيل ١٧٧٥ إصابة، وسجل في كل من محافظتي الجوف ومآرب ٣٨٠ ضحية و٥١٢ إصابة ومما يؤسف له أن هذه الأرقام المسجلة تعتبر أقل بكثير من الحوادث التي وقعت فعلياً ولم يتسنْ للبرنامج الوطني لنزع الألغام مباشرتها أو تسجيلها.
وأوضح معاليه أن مركز الأطراف الصناعية بمحافظة مآرب التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة، قام بتركيب ٣٠٥ طرفاً صناعياً لأكثر من ١٩٥ ضحية تعرضت لبتر بأحد الأطراف بسبب هذه الألغام التي لا تفرق بين ضحاياه، فهي تستهدف النساء والأطفال الذين يشكلون أغلب ضحاياها. وقد قام المركز بتوفير العلاج والتأهيل اللازم لعدد كبير من المصابين الذين تراوحت أعماهم ما بين ١٢ و٧٢عاماً.
وأضاف: “بلغ عدد المصابين الذين تلقوا علاج في مركز الأطراف بمأرب خلال المرحلتين الأولى والثانية حتى تاريخ ٢٠١٨/٦/٢٤م أحد عشر ١١ سيدة، و١٢ طفلاً و٣٤٦ رجلاً، حيث لازالت المرحلة الثانية مستمرة إلى هذا اليوم، بالإضافة إلى تلقي عدداً من الحالات للرعاية الطبية بالمراكز الطبية العامة والخاصة باليمن، وداخل المملكة العربية السعودية على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما أن هناك أيضاً عدداً من الحالات التي تم علاجها خارج اليمن، ومنها ١٣حالة في جمهورية السودان، و٤٥ حالة في الأردن، و١٠٦ حالات في مدينة جدة منهم طفلين. ليصل الإجمالي إلى ٥٣٣ حالة”.
وأكد معاليه أن المملكة العربية السعودية قدّمت خلال السنوات الثلاث الماضية مساعدات لليمن بقيمة تجاوزت 11 مليار دولار أمريكي، تنوّعت بين مساعدات إنسانية وأخرى لدعم اللاجئين، ومساعدات تنموية لدعم الاقتصاد والبنك المركزي اليمني وغيرها من المساعدات، كما أن المشروع السعودي الإنساني والحيوي لنزع الألغام “مسام”، الذي تمت الإشارة إليه في كلمتي هذه سيخدم المواطن اليمني ويضمن له الأمن الحالي والأمان المستقبلي، فهو واحد من مشاريع ومبادرات عّدة تقدمها المملكة بهدف رفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق في كافة المناطق والمحافظات، إذ أخذت المملكة على عاتقها الاستمرار في تنفيذ هذه المشاريع والمبادرات حتى يتحقق لليمن الاستقرار، والنماء، والرفاه، ويُرى كما كان يمنا سعيدا بأرضه وشعبه.
ورفع معاليه لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى سمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – آيات الشكر والتقدير والعرفان لما يقدّمانه من جهود عظيمة ساعدت مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تقديم الدعم للعمل الإغاثي والإنساني في العديد من دول العالم، وفي اليمن الشقيق على وجه الخصوص، كما لا يفوتني أن أقدّم الشكر والتقدير لكل من ساهم في دعم المركز وتسهيل مهامه.
من جانبه قدم معالي وزير خارجية الجمهورية اليمنية الأستاذ خالد حسين اليماني خلال كلمته، شكره باسم الحكومة اليمنية والشعب اليمني إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على ما قدموه ويقدموه لليمن منذ الانقلاب المشئوم على السلطة الشرعية، كما عبر عن شكره إلى معالي الدكتور عبدالله الربيعة المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة على اطلاق مشروع نزع الألغام في اليمن.
ووصف اليماني “مسام” بأنه مشروع الحياة في مواجهة مشروع الموت، ويضاف إلى سجل الخير والعطاء لمركز الملك سلمان تجاه الشعب اليمني، والذي خصص في عامه الأول فقط مبلغ مليار ريال سعودي لإغاثة الشعب اليمني، وتتابعت جهوده الإنسانية لتشمل كل مناطق اليمن من المهرة إلى صعدة ومن سقطرى إلى الحديدة.
وقال الوزير اليمني: لقد تسبب الإنقلابيون الحوثيون من خلال الحرب التي أشعلوها ونتيجة نهبهم لموارد الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها بكارثة انسانية كبيرة، وهم يسعون من وراء تردي الوضع الانساني لتحقيق مآرب سياسية وحشد الرأي العام العالمي ضد التحالف العربي والحكومة الشرعية بهدف تثبيت الانقلاب وفرض الأمر الواقع.
وأضاف: ولتحقيق ذلك أمعن الإنقلابيون بالتنكيل بالشعب اليمني لخلق معاناة حقيقية وكارثة إنسانية من خلال الاستيلاء على موارد الدولة وعائدات الضرائب وحرمان موظفي الدولة من الرواتب، وإنشاء مؤسسات اقتصادية موازية لنهب مقدرات البلد وفرض جبايات غير قانونية عبر إنشاء مراكز جمركية إضافية غير مشروعة في مداخل المدن الرئيسية، وخلق سوق سوداء للوقود لمضاعفة معاناة المواطنين والاستمرار في تدمير النظام الصحي والنظام التعليمي وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وحصار المدن والقرى والقصف العشوائي على المناطق السكنية وتنفيذ الاعتقالات التعسفية والخطف والاخفاء القسري، وتجنيد الأطفال، وزراعة الألغام، ورفض كل مبادرات السلام.
وأكد اليماني، أن زراعة الألغام هي احدى الوسائل التي انتهجتها المليشيات الانقلابية لمعاقبة الشعب اليمني وزيادة معاناته بالانتهاكات المجرمة في القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات المرتبطة به، ومنها اتفاقية اوتاوا لحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الالغام المضادة للافراد، مضيفًا أنه مع ذلك فقد ابتكرت المليشيات الانقلابية طرقا جديدة لاستخدام الالغام المضادة للمركبات وتحويل استخدامها ضد الافراد وذلك بغرض احداث أكبر قدر من الضحايا والذين هم في الغالب من المدنيين الأطفال والنساء وحتى الحيوانات لم تسلم من ذلك.
وأوضح اليماني أن المليشيات الانقلابية ابتكرت الغام متفجرة فردية ومموهة وارتجالية IED متنوعة الاغراض والأهداف بما فيها العبوات المتفجرة الارتجالية بواسطة اجهزة الراديو بعضها قادمة بشكل مباشر من إيران (كما ورد في تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017) والبعض الأخر تم تطويرها في اليمن عن طريق خبراء إيرانيين.
مضيفًا أن تلك الألغام تأخذ أشكال وألوان وأحجام مختلفة مطابقة لطبيعة الارض والمكان الذي تزرع فيه مما يؤدي إلى صعوبة اكتشافها وتميزها عن محيطها، وزرعها بكميات عشوائية كبيرة في مناطق سكنية وداخل منازل المواطنين وفي الطرقات ومداخل المدن والمزارع، وكذا ألغام بحرية في الشواطئ والسواحل، لافتًا إلى أن تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017 أشار إلى تطابق تلك الألغام البحرية مع الألغام الايرانية وأنها تشكل خطراً على النقل البحري التجاري وخطوط الملاحة البحرية ويمكن أن يظل تهديد هذه الالغام لمدة تتراوح بين 6 إلى 10 سنوات.
وأشار إلى أن الإحصائيات الأولية تبين أن المليشيات الحوثية زرعت حوالي مليون لغم في أنحاء متفرقة من اليمن، كما تشير الأرقام الخاصة بضحايا الألغام خلال الفترة من مارس 2015 إلى مارس 2018 إلى سقوط أكثر من 693 قتيل و704 مصاب نتيجة الألغام معظمهم من المدنيين بينهم 216 طفلا و72 امرأة.
وبيّن اليماني أن انتهاج الحوثيين لزراعة الألغام بطرق عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط يشكل تحدي لمستقبل اليمن كما يشكل صعوبة بالغة في التخلص منها سريعا، مضيفًا نحتاج إلى عشرات السنين لانتزاعها ولن يكون بمقدور المزارعين العودة لزراعة أرضهم ولن يتمكن الرعاة من رعي ماشيتهم وسيواجه الصيادون مخاطر الألغام البحرية، حيث أن بقاء تلك الالغام سيتسبب في حصد المزيد من الأرواح بين المدنيين الأبرياء خصوصا من الأطفال والنساء، وفي أضرار بشرية ومادية جسيمة ستمثل عائقا أمام التنمية.
مشيرًا إلى أن أن الألغام البحرية قد تشكل خطرا على الملاحة الدولية في البحر الأحمر مستقبلا وهو ما يحتاج وبشكل عاجل إلى جهود إنسانية دولية ضخمة لنزع تلك الألغام وتطهير الأرض اليمنية وسواحلها من تلك الألغام، وتحييد خطرها وإعادة روح الحياة إلى الأراضي اليمنية المحررة من قبضة المليشيات الحوثية.
ووصف اليماني إعلان مركز الملك سلمان للاغاثة عن المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن، بأنها مبادرة إنسانية فاعلة في طريق تخليص اليمن من مخاطر هذا الخطر الذي تسبب به الانقلابيون، وقال: هي مبادرة محل تقدير الحكومة والشعب اليمني، ونحن في الحكومة اليمنية ومن خلال الجهات المعنية سنعمل معا بالتنسيق مع مركز الملك سلمان لإنجاح هذا المشروع وتحقيق الأهداف المرسومة.
وفي ختام كلمته، جدد اليماني التذكير بدعوة الحكومة الشرعية وتحالف دعم الشرعية للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية وخاصة الامم المتحدة لمساعدة الحكومة اليمنية في التخلص من الألغام من خلال تبني مشاريع مماثلة وبصورة خاصة مسح الالغام التي زرعها الانقلابيون في الممرات المائية الدولية جنوب البحر الأحمر، وفي نفس الوقت أدعو المجتمع الدولي لإدانة المليشيات الانقلابية لانتهاكها القانون الدولي الإنساني واستمرارها في زراعة الالغام العشوائية ومحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات والجرائم.
فيما قال الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني د.فلاديمير كلاشينكوف: “تأتي مشاركتي اليوم في حدث مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الهام والحيوي لتكون الثانية بعد مشاركتي السابقة في منتدى الرياض الدولي الإنساني الأول في فبراير والذي استثنائيا وناجحاً.. اليوم نجتمع من أجل قضية لا تقل أهمية، وهي تهديد الألغام الأرضية وخاصةً تلك التي أودت بحياة الكثيرين ليس فقط في اليمن، ولكن أيضاً في العديد من البلدان الأخرى بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق”.
وأضاف: “لطالما شكلت الألغام منذ إنشائها خطراً كبيراً وتهديداً خطراً على حياة البشر، ليس فقط على الأفراد العسكريين، بل أيضاً على المدنيين، وبشكل مأساوي، وفي بعض الأحيان تسلب الألغام المدنيين أجزاء من أجسادهم،
لذلك يجب علينا نحن المؤسسات المكلفة بتقديم المساعدة والحماية للمدنيين أن نلبي توقعات العالم وأن نأتي بنتائج واستنتاجات ملموسة بشأن كيفية تحسكين آليات مكافحة
الألغام.
وأشار إلى أن أنه مما لا غبار عليه أن المملكة العربية السعودية ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة قد
ساهمت بشكل كبير في الجهود التي تركز على حماية المدنيين وتخفيف المعاناة الجسدية والنفسية الناتجة عن الألغام، معرباً عن استعدادهم للمشاركة في هذه الجهود أيضا لتحسين حماية المدنيين.
وتضمن حفل تدشين معرضا مصاحبا عرض فيه لأول مرة نزعا حيا للألغام.
واستعرض المعرض أبرز الانجازات لنزع الألغام وتركيب الأطراف الصناعية لضحاياه، عبر أربعة أركان تشمل :” ركن زراعة الأطراف الصناعية، ركن عرض الحالة الإنسانية باليمن، ركن نزع الألغام، ركن نزع الألغام الحية”.
وأبرز المعرض الجهود الحثيثة التي يقوم بها مركز الملك سلمان للإغاثة لزراعة الأطراف الصناعية حول العالم، لافتا إلى انجازاته وتجاربه في الإغاثة الإنسانية، وخططه المستقبلية في مجالات تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية على حد سواء.
وعرض المعرض المصاحب 50 صورة حية للأركان، إضافة لعرض أفلاما وثائقية عن معاناة الإنسان لما يتعرض له من جراء الألغام.