كما هو معروف أن سن اليأس عند النساء هو انقطاع الدورة الشهرية عند المرأة وما يصاحبها من أعراض بسبب الاضطرابات الهرمونية النسائية المرافق لها مما ينعكس سلبياً على وظائف عديدة في الجسم.
ولكن هل هناك ما يقابله عند الرجل وهل من الممكن أن يصاب الرجال بسن يأس؟ وهل هناك عمر محدد لحدوث مثل هذا الأمر؟ في العقد الأخير من الزمن أصبح هناك اهتمام أكبر بصحة الرجل المترافقة بتقدم السن وعلى عكس النساء لا يوجد عند الرجل توقف مفاجئ في إفراز الهرمونات الذكرية التناسلية من الخصيتين ولا يوجد عمر محدد لحدوث نقص في الهرمونات الذكرية.
ولكن ماهو معروف الآن أن هنالك تناقص تدريجي وثابت عند الرجال في إفراز هرمون الذكورة مع تقدم السن هذا التناقص لهرمون الذكورة ” التستوسترون ” مع العمر يؤدي إلى ما يسمى نقص الهرمون الذكري المتأخر عند الرجال حيث يترافق نقص الهرمون الذكري مع أعراض سريريه يوضع التشخيص من خلالها.
إن هرمون التستوسترون “الذكري” يفرز بشكل أساسي من الخصيتين تحت تأثير وتنظيم مركزي من الدماغ ولهذا الهرمون الذكري دور كبير في وظائف متعددة عند الرجل فهو يؤدي إلى حدوث البلوغ عند الرجل واكتسابه الصفات الذكرية الثانوية كضخامة الصوت ونمو شعر العانة والإبطين وإنتاج الحيوانات المنوية وله دور كبير في عمل أعضاء متعددة كالدماغ ، الكبد ، الجلد ، العظام ، العضلات والكلى.
وما نتكلم عنه في هذا الموضوع هو التناقص التدريجي مع العمر لهرمون الذكورة وما يصاحبه من أعراض وليس تناقص هرمون الذكورة الثانوي والذي يمكن أن يصيب الذكور في جميع الأعمار الناتج عن أمراض تصيب الخصية والغدة النخامية. لقد أثبتت الدراسات العلمية والإحصائية التي أجريت في بلدان متعددة أن ثلث الرجال ممكن أن يصابوا بتناقص هرمون الذكورة المتأخر ، فالنسبة تتراوح مابين 10% مابين العقد الرابع والخامس من العمر ، و20% مابين العقد السادس والسابع من العمر وتصل حتى 50% مابعد عمر الثمانين. إن الأعراض التي تترافق مع نقص هرمون الذكورة المتأخر عند الرجال فيمكن تلخيصها بالتالي :
• تناقض حتى انعدام الرغبة الجنسية يؤدي إلى ضعف في نوعية الانتصاب وتناقص في مرات الجماع وتناقص في الانتصاب الليلي والصباحي.
• تناقص في حجم السائل المنوي ونوعيته مما يؤدي إلى اضطراب في الخصوبة .
• تقلبات في المزاج ، الإحساس بالاكتئاب والحزن ، الضعف في التركيز مع تناقص في القدرات العقلية ،عدم القدرة على السيطرة على الغضب والانفعال ، اضطراب بالذاكرة وشعور بعدم الرضا وعدم الاستمتاع بالحياة مع اضطرابات في النوم والأرق والشعور بالتعب وزيادة الشعور بالعدائية وتناقص الثقة بالنفس والشعور بالخمول وعدم الشعور بالحيوية.
أعراض عصبية كالتعرق الليلي ، الخفقان والشعور بهيآت حرارية.
* تناقص بشعر الذقن والإبطين والعانة.
* تجعد وجفاف في الجلد بسبب اضطراب الغدد الدهنية.
* ضمور عضلي مع تناقص في القوة العضلية.
* تغير في بنية الجسم حيث يحصل زيادة في الشحوم في البطن مع سمنه مركزية.
* فقر دم يتظاهر بتعب عام وشحوب.
* تغير في كثافة العظام وإصابتها بالهشاشة مع ارتفاع نسبة حدوث كسور عظمية.
يصبح الرجال أكثر عرضة للإصابة بداء السكري الكهلي، وارتفاع في شحوم الدم وارتفاع في ضغط الدم والسمنة مما يؤدي الى زيادة احتمال الإصابة بالحوادث الوعائية الدماغية أو الوفاة من الإصابة بأمراض القلب الوعائية. ولكن ليس بالضرورة تواجد جميع هذه الأعراض في وقت واحد حتى تتم تشخيص الحالة فشكل الأعراض ووجودها تتفاوت بين شخص وآخر وبداية الأعراض تكون بشكل مستقر ومتدرجة مع الزمن ، أي أن تناقص هرمون الذكورة المتأخر عند الرجال يصعب تشخيصه بسبب التطور البطئ للأعراض مع الزمن وكثير من الأعراض السابقة تشخص أنها من الأعراض الطبيعية المرافقة للتقدم في السن.
أما السبب في تناقص هرمون الذكورة المتأخر فمن الأرجح بسبب التغيرات التي تترافق مع تقدم الانسان في العمر يؤدي إلى شيخوخة الخصيتين وقصورهما في إفراز هرمون الذكورة وعدم استجابتها لتأثيرات الهرمون المركزية الآتية من الدماغ وكذلك التقدم بالعمر ومايصاحبه من إضطرابات في الصحة العامة نتيجة للأمراض التي يصاب بها في هذا العمر ( تصلب الشرايين والسكري والضغط 00 الخ ) ونقص هرمون الذكورة يؤدي إلى اضطراب الصحة العامة ويؤهل للإصابة بالأمراض المزمنة كالسكر وارتفاع ضغط الدم.
يتم التشخيص من خلال استجواب دقيق ومبرمج للمريض مع دراسة دقيق للأعراض مع فحص سريري شامل ودقيق وخاصة غدة البروستات ويتم الإعتماد على إجراء تحاليل مخبرية وخاصة هرمونية وخاصة هرمون الذكورة في الدم بشقيه المرتبط والحر وقد يستعان أحيانا بفحوصات شعاعية.
لماذا يجب علاج مثل هذه الحالات :
كما لاحظنا من التأثير السلبي لنقص هرمون الذكورة المتأخر على الجسم والصحة العامة وعلى نوعية الحياة ، هذا يدفعنا إلى إعطاء اهتمام بالغ لاكتشاف هذه الأعراض وإجراء الفحوصات اللازمة لتأكيد التشخيص .
ماهو الهدف من العلاج :
الهدف من العلاج هو إعادة نسبة هرمون الذكورة في الدم الى معدله الطبيعي والذي من الممكن أن يؤدي إلى تحسن في الأعراض التي يشكو منها المريض مما يؤدي إلى تحسن في الذكورة والرغبة الجنسية والمزاج والأعراض الأخرى ( تخفيض شحوم الدم ويزيد كتلة العضل وقوته )
وقبل إعطاء أي علاج يجب أن يكون هناك تقييم شامل للمريض ودراسة الفوائد المرجوة على حساب الاختلاطات والمضاعفات التي قد تنتج عن العلاج .
كيف يتم العلاج :
يتم العلاج بإعطاء هرمون الستوسترون مما يؤدي إلى عودته الى مستوى طبيعي في الدم وهناك عدة طرق لإعطاء هذا الهرمون.
ومن أكثر الطرق فعالية في علاج نقص هرمون الذكورة المتأخر وأكثرها أماناً في إعادة نسبة الهرمون في الدم إلى المستوى الطبيعي هي مستحضرات التستوسترون على شكل جل “” مرهم جلدي “” والتي تؤخذ بشكل يومي ، والطريقة الفعالة والآمنة الأخرى هي إعطاء حقنة عضلية مرة واحدة كل 3 أشهر.
وأريد أن أنوه أخيراً أن هذا لا يعني أن جميع الرجال ممكن أن يستفيدوا من هذا العلاج فهناك مضادات استطباب لإعطاء هذه الأدوية وأهمها سرطان البروستات وسرطان الثدي وبعض أمراض الدم والقلب حيث يترك الطبيب المختص تقييم الحالة بشكل دقيق وإعطاء العلاج اللازم مع المتابعة اللازمة
د. مازن شقير
استشاري جراحة الكلى والمسالك البولية
بمستشفى الحمادي بالرياض
عضو الجمعية الأوربية والفرنسية للجراحين
دكتوراه من دولـة فرنسا
التعليقات 1
1 pings
زائر
12/03/2018 في 9:51 م[3] رابط التعليق
التعليق
(0)
(0)