أكد المشاركون في حلقة النقاش العلمي التي نظمها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية تحت عنوان: “الشائعات وأثرها في الأمن المجتمعي” على أن سهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع اتاح بيئة خصبة لنشر وتبادل المعلومات بصورة غير مسبوقة مما زادت معه الشائعات المغرضة التي تهدد الاستقرار والأمن المجتمعي مما يتطلب جهود ومتابعة مستمرة لرصدها وتحليلها ومعرفة مصدرها ومقاصدها وسرعة الرد عليها لتلافي أثرها السلبي على الفرد والمجتمع.
وتناول اللقاء الذي شارك فيه نخبه من المهتمين والمختصين موضوع الشائعات وتأثيرها على أمن واستقرار المجتمع خاصة مع التقدم التقني والزيادة غير المسبوقة في عدد ونوع مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها ودورها في انتشار الشائعات، وانتهى اللقاء لمجموعة من التوصيات الختامية واقتراح عدد من الآليات التي تسهم في حماية الأمن المجتمعي.
وأشار المشاركون إلى أن الشائعات أصبحت سلاحاً خطراً خاصة مع إمكانية وصول الخبر غير الصحيح للجميع في وقت وأحد، بواسطة شبكة الانترنت والمواقع الالكترونية التي يتزايد عددها ونوعها يوماً بعد يوم.
وعرض الدكتور خالد الحليبي رئيس الهيئة الاستشارية العلمية بمركز رؤية في بداية اللقاء لدور المركز ومساهمته في إلقاء الضوء على أبرز الظواهر والمشكلات الاجتماعية من خلال الرصد والتحليلي العلمي وطرح الحلول والتوصيات العملية والمبادرات المجتمعية لما فيه نفع المجتمع؛ مؤكداً على أن قضية الشائعات من القضايا الهامة والشائكة والتي لا تنطفئ وهي من المشكلات القديمة الجديدة وسوف تستمر باستمرار الحياة الاجتماعية، ولا يمكن القضاء عليها وإنما لا بد من مواجهتها والتصدي لها والتقليل منها ومن أثرها على الأمن المجتمعي قدر المستطاع.
واستعرض الأستاذ بندر المالكي مدير مركز رؤية نتائج الدراسة التحليلية التي قام بها المركز تحت عنوان اتجاهات الرأي العام السعودي حول الفيديوهات المثيرة للشائعات: فيلم سناب شات نموذجاً؛ وهي في مضمونها تحليلاً كمياً وكيفياً لمحتوى الفيلم، ومحتوى التعليقات التي سجلها المشاهدون عليه، بالإضافة إلى مقابلات معمقة تمت مع تسعة عشر خبيراً، كذلك تحليل نتائج الاستبانة لمشاهدي الفيلم.
وأشار المالكي بأن الدراسة التي اجراها المركز توضح من خلال الاحصائيات أن المملكة من أكثر دولة العالم امتلاكاً لمستخدمين نشطين (يومياً) لتطبيق سناب شات وأن عدد المستخدمين السعوديين يصل إلى 8.2 مليون مستخدم يومي (يتفاعلون يومياً مع التطبيق) وأن الفئة الأكثر تفاعلا وتأثيرا على تطبيق سناب شات في المملكة هم الفئة التي تراوح أعمارهم بين 13 و35 عاما ويشكلون أكثر من 85 في المائة من كافة مستخدمي تطبيق سناب شات في المملكة، كونهم الفئة الأكثر انتشارا ونشاطا في المملكة، وأن إجمالي الهواتف النقالة النشطة في مواقع التواصل الاجتماعي قد بلغت نحو 18 مليون جهاز، وارتفع عدد مستخدمي الانترنت في المملكة خلال العام 2017 إلى نحو 8 ملايين شخص بارتفاع نسبته 34%.
وانتهى المشاركون في ختام حلقة النقاش العلمي لمجموعة من التوصيات نجملها في:
• أن تبادر المؤسسات والوزارات المعنية بتوفير المعلومات والحقائق للجمهور العام من خلال المواقع الإلكترونية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وضرورة وجود متحدث رسمي، فغياب أو تأخر المعلومات من مصادرها الأصلية يعد سبب رئيس في انتشار الشائعات.
• ضرورة تكثيف الحملات من الجهات المختصة ونشر الوعي العام بأهمية التثبت من مصادر المعلومات والأخبار وخطورة التسرع في نقلها ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا نسهم في نشر الشائعات أو الترويج لها أو التشهير بأشخاص أو جهات دون دليل.
• أن تهتم مراكز البحوث والدراسات الأمنية والاجتماعية بشكل عام ومركز رؤية بشكل خاص بموضوع الشائعات وتضعه ضمن أولوياتها البحثية وأن تجرى مزيد من الدراسات العلمية لرصد أنواع الشائعات وتصنيفها وتحليل أسبابها وعوامل انتشارها.
• التنسيق وتكاتف الجهود المؤسسية والفردية لمجابهة الشائعات والحد من أضرارها الكبيرة حيث أنها تعتبر سلاحًا خطيرًا بيد الأعداء يتسبب في بلبلة وحيرة للرأي العام، وتؤدي لزعزعة المجتمع والثقة ببعضهم، نتيجة تشويه السمعة ومس المكانة الاجتماعية للأفراد.
• الدعم والتعاون مع الجهات الأمنية والرسمية لتطبيق الأنظمة والقوانين وتطوير سن العقوبات ضد الجرائم الإلكترونية والمجتمعية، مع التأكيد على دور المنابر الشرعية والتعليمية والإعلامية بالقيام بالأمانة الواجبة تجاه المجتمع ووحدته وتماسكه وترابطه.
جدير بالذكر أن مركز رؤية يعد الأول من نوعه في المملكة كمركز غير ربحي يقدم دراسات وبحوث اجتماعية مبنية على المنهج العلمي في البحث والتقصي لمتخذ القرار، واجرى على مدار خمس عشر عام (43) دراسة علمية واستطلاع للرأي وصدر عنه 23 مطبوع علمي تقدم جميعها حلولاً علمية وعملية لمشكلات المجتمع السعودي.