استضاف نادي مكة الثقافي الأدبي العلامة المغربي الدكتور أحمد شوقي بنبين مدير الخزانة الملكية الحسنية الثقافية بالرباط ، في محاضرة قيمة عن “المخطوطات العربية .. همّ المخطوط العربي ”
وقد استهل الدكتور بنبين حديثه بالإشارة على أن المهتمين بالمخطوطات العربية يتقاسمون الهمّ في هذا المجال ،قائلاً ” أننا في الحقيقة لم نبدأ دراسة جادة في المخطوط العربي رغم أن تراثنا المخطوط أضخم وأعظم تراث إنساني ، ويكفيه أنه تراث الإسلام العظيم ، والقرآن الكريم ،في حين أن للغربيين جهوداً كبيرة وهادفة ومثمرة في هذا الجانب ” .
واستعرض المحاضر المآسي التي تعرّض لها التراث العربي المخطوط منذ ولادته ، محدداً مشكلات ثلاث هم :
مشكلة النسّاخ : وهي مشكلة قديمة بدأت مع انطلاق حركة التأليف في القرن الثاني الهجري ،وأكبر شاهد على هذا زعيم البيان العربي “الجاحظ” الذي شهد في كتابه الحيوان بمشكلة النساخة في التراث العربي ومشكلة النساخة درسها الغربيون ولم نتطرق إليها بجدية .
مشكلة الطباعة : فمنذ بدأت الطباعة في مصر منذ حوالي قرنين ، وما تمتّ طباعته يعاني من التحريف ، والتحصيف ، والهنات والزلات ، والأغلاط والأخطاء، وما زالت الطباعة حتى اليوم تسيء للتراث العربي .
مشكلة التحقيق : فقد اقتحم هذا المجال جهال ومدعين وأنصاف متعلمين ، بحيث إجتمع عليه كما قال أحدهم سحرة فرعون وغابت عنه عصا موسى التي تأكل ما يأفكون .
وانتقد الدكتور بنبين تكليف الطلاب بتحقيق الكتاب ، ذلك أن هذا المجال يجب ألا يتصدى له إلا المتضلع في اللغة والحديث والتاريخ والجغرافيا وفنون القول ، وما تمّ تحقيقه من أصحاب الزاد الضعيف لا قيمة له ولا يرجع إليه .
كما تحدّث المحاضر بعد ذلك عن علم المخطوطات وضرورة الإهتمام به لتحقيق الكتاب المخطوط من جميع الجوانب ، مادة ومضموناً متناً وهامشاً ، مع وضع النصوص في سياقها التاريخي والموضوعي ، وهذا العلم يساعدنا على الإجابة عن كثير من التساؤلات التي تتعلق بالكثير من المخطوطات والكتب والنصوص التي وصلتنا ناقصة أو محرّفة أو مشوّهة ، وهو الذي يحدّد العدد التقريبي للمخطوطات العربية الذي نجهله ، في حين أن الغربيين يعرفون ما لديهم من مخطوطات .
وطالب الدكتور بنبين إنشاء هيئة عربية تضم المهتمين والخبراء بالمخطوطات العربية لتفعيل علم المخطوطات ، وخدمتها بما تستحقه من عناية وحرص واهتمام ،مشيراً إلى أن الأجيال القادمة مطالبة بالكثير للوصول إلى تحقيق المخطوطات العربية وإعطائها ما تستحقه من دراسة وعناية وتقدير .
وقد شارك عدد من الحاضرين والحاضرات ، في التعقيبات والأسئلة والمداخلات بدءاً بمدير الأمسية الدكتور عبدالعزيز الحربي الذي نوّه بمكانة المحاضر وقيمة المحاضرة وما تضمنته من معلومات وخبرات وتطلعات .
ووصف الدكتور عبدالعزيز الطلحي المحاضر بأمير علم المخطوطات ،في حين وجد الدكتور سمير الدروبي أن النسخ والطباعة والتحقيق قدمت من جانب آخر خدمة للمخطوطات العربية ، وأشادت كل من الأستاذة بسمة القثامي والأستاذة مريم الزهراني ، والأستاذة وفاء جعفر بما جاء في المحاضرة من طروحات قيّمة ، ومعلومات ثمينة استفاد منها الجميع .