نوه معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ بالعلاقات الكبيرة التي تربط بين علماء المملكة العربية السعودية وعلماء العالم الإسلامي ومفكريه وأدبائه واصفاً إياها بأنها علاقة مصير أمة.
وقال: إن العلاقة التي بين علماء المملكة تبعاً لتوجيهات قيادتها، وبين علماء العالم الإسلامي، وأساتذته، والمفكرين فيه ليست علاقة سياسية، ولا علاقة مصالح بل هي علاقة مصير أمة وعلاقة كيان إما أن يبقى وإما أن لا يبقى وهي أيضا علاقة متأصلة في النفس تهدف لمصلحة الأمة الإسلامية جميعاً، مبينا أننا لا نعيش في فراغ، ولا نبحث عن فراغ، ولا نعيش لإعلام، ولا نبحث عن إعلام، ولكننا نبحث جميعاً كل في موقعه ببلده، العالم في علمه وفتياه، ورئيس الجمعية والجماعة في مكانه، وأستاذ الجامعة في موقعه، وكل في مكانه حاملا هم الأمة ومستقبلها.
جاء ذلك في سياق الكلمة التي ألقاها معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ، خلال لقائه اليوم الاثنين التاسع من شهر جمادى الأولى 1438هـ في مقر الوزارة بالرياض، ضيوف الدورة الحادية والثلاثين من العلماء والمفكرين والأساتذة والأدباء المشاركين في المهرجان الوطني للتراث والثقافة المقام حاليا في قرية الجنادرية شمال مدينة الرياض.
وشدد معاليه على شريف مكانة أهل العلم والوجاهة غير أنه شرف مصحوب بالتعب والمسؤولية والبذل، فالأنبياء ـــ عليهم السلام ـــ شرفهم الله ــــ جل وعلا ـــ بالرسالة والنبوة، ولكنهم تعبوا وبذلوا بذلا كبيرا وعانوا شديد المعاناة للتأثير في الناس، ولا غرابة في هذا فالشرف لا يبقى إذا لم تحمله، وكما يقال: “الفضائل والمكانة العظيمة إذا وصلها الإنسان إما ان يحملها، وإما أن تحمله فإن حملها وسار بها قدماً فيا له من شرف، وإن حملته وظل يتزين بها ولا أثر له فإنه لا يمدح”، مُجليا معاليه أن التخلي عن بذل الجهد والقيام بالمسؤولية والاكتفاء بشرف المنصب دون تبعته ليس من سنة الأنبياء، فالأنبياء تعبوا، ومضوا في مصلحة الأمة، وتبعهم الخلفاء الراشدون من أمتنا، وتبعهم الحواريون من أتباع كل نبي لصلاح من بعدهم.
وكان معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ قد استهل كلمته معبرا عن عظيم السرور وكبير الارتباط الذي يملأ النفس والوجدان بوجود هذه الكوكبة من العلماء والمفكرين بين إخوانهم ومحبيهم في المملكة العربية السعودية قيادة، وعلماء، وأدباء، وباحثين، وأساتذة جامعات، ومسؤولين.
وقال: إننا في المملكة العربية السعودية نفرح كثيراً بهذه الصلة الحية صلة القلوب التي تعبر عنها مثل هذه الزيارة التي تكسر الحواجز التي قد توضع بيننا من شواغل الحياة أو تحجز بين لقائنا في زحمة الحياة، فمثل هذه اللقاءات ولو تباعدت لكنها تؤكد هذه الروابط القلبية العميقة وإنه لسرور عظيم في هذه الأيام أن نلتقي ثلة من العلماء في الأمة الإسلامية.
وأردف معاليه يقول: أسجل شكري عبركم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــــ أيده الله ــــ ولصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان، ولمعالي نائبه الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري، ولجميع الإخوة المنظمين لهذه الفعالية الثقافية الحية.
وأشار معاليه إلى الكلمات التي ألقاها بعض الضيوف خلال اللقاء ، وقال : إن ما قيل إنما هو غيض من فيض مما تحمله قلوبنا جميعاً فالحب متبادل، وما تحملونه لنا نحمل لكم مثله، وما تكنونه للمملكة العربية السعودية، ولا غرابة فالمملكة بوصفها وأمرها القدري في أن تكون راعية للحرمين الشريفين وبقدرها أن تكون قائدة للأمة الإسلامية لابد أن تحمل لكم هذه المشاعر العظيمة.
وأبان أن هذا اللقاء لم يكن لمجرد المجاملة والسلام فالسلام في القلوب معنا وبيننا وبينكم دائماً، ولا حرمكم الله أجر خطواتكم، وشكر الله لكم، ولكنه لقاء عمل وتواصل ومد جسور، وقال : نود أن يكون بيننا منذ هذا اليوم مد جسور دائم كل في موقعه، ويشرفني أنا شخصياً بكل قلبي، والإخوة في الوزارة بكل قلوبهم أن نكون في تواصل بيننا وبينكم؛ لتحقيق هدف الرسالة فنحن أصحاب رسالة ولسنا أصحاب تجارة، أو سياسة أو إعلام أو ظهور في الدنيا، كل هذه قد تأتي ـــ تبعاً ـــ لمن أخلص لله نيته وصدقه وعمله.
وأعاد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ التأكيد على أن هذا اللقاء لقاء عمل لنصرة الدين ونصرة الأمة لتقويتها في بيان الواجبات الكبيرة التي علينا تجاه تاريخنا، وقال: إن التاريخ إما أن يشهد لك وإما أن يشهد عليك، والعمر قصير والأيام تمضي، ولا مجال للكسالى في هذه الدنيا إلا أن يكونوا كغيرهم فيمن يطويه التاريخ الذي يدوِّن لك أو عليك وهي صحائفنا فإما لنا أو علينا.
وشكر معاليه لأصحاب الفضيلة العلماء الذين تحدثوا، وللجميع، موضحا أن الكل يعبر عن شيء واحد لا عن شيئين مختلفين مما يؤكد أن التواصل بيننا سوف يكون مستمراً ـــ بإذن الله تعالى ـــ.
وقال معاليه في ختام كلمته: أشكر لكم عبارات المودة والمحبة التي تؤكد ما تكنونه لقيادة المملكة العربية السعودية، ولإخوانكم علماء وشعب المملكة، وأضم صوتي لصوتكم، وشكري لشكركم في شكر خادم الحرمين الشريفين، ووزارة الحرس الوطني على ما قاموا به من التنظيم، والإعداد لهذا المهرجان، سائلاً المولى ــــ جل وعلا ـــ أن يجعلنا دائماً يداً واحدة لا يدين متفرقتين، وقلباً واحدا لا قلوبا متفرقة، أقام الله بكم الحق وسار الله بكم إلى الحق وقواكم به؛ إنه على كل شيء قدير.
وخلال اللقاء، ألقى عدد من الضيوف كلمات عبروا فيها عن شكرهم وتقديرهم للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً على عنايتها واهتمامها بخدمة الإسلام والمسلمين، وتحقيق التواصل بين العلماء والمفكرين والأدباء من خلال تنظيم مثل هذه المهرجانات الثقافية.
وفي هذا الصدد، عبر فضيلة المفتي العام لموريتانيا الشيخ أحمد ولد المرابط الشنقيطي عن سعادته بحضور هذا اللقاء، موجها شكره للقائمين على المهرجان لدعوته لزيارة المملكة وحضور الفعاليات، وقال: نحمد الله أن من علينا بزيارة هذه الدولة المباركة، والمشاركة في هذا المهرجان الذي له أبعاده المتنوعة وأهدافه الكبيرة.
أما فضيلة رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام بلبنان القاضي خلدون عريمط، فقال: إننا على ثقة بأن هذه البلاد برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وولي ولي عهده يحملون الهم العربي والإسلامي، ويتصدون بقوة لكل ما يشوه العمل الإسلامي ويشوه رسالة الإسلام، ونحن معكم صفاً واحدا؛ لنبين للعالم سماحة الإسلام ووسطيته واعتداله في تعامله مع جيرانه ومع البشرية.
وأشار إلى أن هناك هجمة شرسة على الإسلام تستهدف تشويه معالمه من خلال الإرهاب والتدخلات الخارجية، ونحن على ثقة بأن عاصفة الحزم التي قادها خادم الحرمين الشريفين والتحالف الإسلامي ستظهر للجميع ـــ بإذن الله ـــ أن الإسلام دين الرحمة والمحبة انطلاقاً من قوله ــــ سبحانه وتعالى ــــ لمحمد ــــ صلى الله وعليه وسلم ـــ: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
وأردف يقول: نحن ـــ بإذن الله ـــ سنكون جنوداً لخدمة الإسلام والمسلمين، وعندما نأتي إلى هذه البلاد نتزود منها القوة والمنعة والدعم المعنوي لنكون رسل محبة وسلام في بلادنا، ونقول للجميع: إن المملكة العربية السعودية هي مملكة العروبة ودولة الإسلام الوسطي المعتدل.
من جانبه، أشاد فضيلة رئيس مجلس علماء باكستان الشيخ محمد طاهر الأشرفي بالكلمة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خلال لقائه ضيوف المهرجان يوم أمس، مثمنا فضيلته ـــ في كلمته ــــ جهود وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ودورها الكبير في خدمة الإسلام والمسلمين.