انتقل الشيخ عبدالكريم بن محمد الدنينة اليعلوي الثقفي إلى رحمة الله عن عمر يناهز ١١٧ سنة بمحافظة الطائف يوم أمس السبت الموافق 1438-1-7 وقد صلي عليه بمسجد عبدالله بن العباس رضي الله عنه بالطائف .
وقد ولد الشيخ عام 1324هـ، في قرية قها ببلاد ثقيف جنوب محافظة الطائف ، وعاصر الشيخ عبدالكريم حكم الشريف حسين وقابله شخصياً، وقابل الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله في بداية الحكم السعودي على الحجاز عام 1343هـ ، وبايع الملك عبدالعزيز والملك سعود مع مشايخ ثقيف ونيابة عن قبيلة آل يعلى .
تلقى تعليمه على يد شيخه سلطان الشريف، واشتغل بالتعليم في بداية حياته العملية، وعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام 1373هـ، وعمل على إصلاح ذات البين، وامتاز بالذكاء والفطنة وقوة الذاكرة .
وقد زاره بمنزله في فترة سابقة محافظ محافظة الطائف الأستاذ فهد بن عبدالعزبز بن معمر تقديراً منه له ولعلمه الديني الذي رحل مساء الأمس تاركاً خلفه إرثاً كبيراً قضى فيه قرن وقرابة العقدين من الزمن في خدمة مجتمعه .
التعليقات 1
1 pings
شبكة ثقيف العامة
29/12/2016 في 2:20 م[3] رابط التعليق
في تلك القرية التي عانقت الشموخ بخطى رجالها ” قها ثقيف ” نشأت حياته الأولى عاش وتربى في كنف والده الشيخ محمد الدنينه ” شيخ قبيلة آل يعلى بثقيف” وكان يحظى بإهتمام كبير من والده ويحرص على مجالسته وحضوره لمجالس كبار القبيلة بغرض كتابة أحكام الصلح وعقود البيع بينهم مما أكسبه ممارسة هذه المعرفه لندرة من يقرأ ويكتب في تلك الفترة ومن الواضح أن هذه المرحلة أثرت في مسيرة حياته فيما بعد لما كان لها من أثر كبير حيث انعكست بشكل واضح في توسيع مداركه وزيادة وعيه في أمور الحياة أيضا وفي تكوين وبناء شخصيته .
وفي ظل خلافات قبليه حدثت ذلك الحين ، دفع ضريبتها ذلك الأبن الذي لم يهنأ بعيش الابناء من حوله ليجد نفسه أمام تحدي صعب و جديد ولكن من نوع آخر إذ فوجئ بإعتقال والده من قبل الشريف حسين مما أضطر به للذهاب بنفسه إلى حاكم الحجاز الشريف حسين آنذاك ليبرر له موقف أبيه ويطلق سراحه من السجن وقد نال ماسعى له بأن أستطاع إقناع الشريف ليعدل عن رأيه في تخفيف الحكم عن والده وإطلاق سراحه .
وهنا يتضح لنا بأن الظروف التي عاشها الشيخ رحمه الله كانت ذات أثر كبير في تكوين شخصيته .
يتمتع الشيخ رحمه الله بذاكرة حديديه تحمل شريط تسلسل أحداث حياته على مر السنين والحقبة الزمنية السابقة التي عاشها بما يتخللها من أحداث ومواقف اجتماعية وقبلية وربطها بالتواريخ الحقيقيه أيضا تغيرات سياسية وتنموية شهدتها أرض الحجاز، والعهدين عهد حكم دولة الأشراف وانتهائها في الحجاز، واستقبال العهد الزاهر المجيد مع مطلع دخول الملك عبد العزيز، وانضمام الحجاز إلى مملكته وما طرأ عليها من تغيرات حديثة وجذرية مواكباً تطوراتها، وشاهداً على العصر ويعكس لنا ذلك نباهة وذكاء ذلك المؤرخ الذي فاق المئة عام من عمره .
وقد عاصر الشيخ حكم الشريف حسين بن علي ملك الحجاز ( شريف مكه ) وأبناؤه الملك فيصل وعبدالله وعلي , وبعد ذلك عاصر مرحلة تأسيس الدولة السعودية الثالثة بما فيها من استقرار بعد أن عاش فترة الخوف وإنعدام الامن وكثرة الجوع إذ كان يتم قطع طريقهم داخل حدود الحرم المكي الشريف ليسلبوا منهم ثمرة ماحصلوا عليه من جهد أثناء عملهم بمكة المكرمة لسد رمق الجوع عندما يكونوا قافلين بإتجاه الطائف ، ثم عاصر بعدها مرحلة الاستقرار بعد توحيد المملكة في حياة الملك عبدالعزيز حيث إلتقى به في الطائف ” الحوية ” برفقة الشيخ علي بن رابع الثقفي ، ثم بعد ذلك عاصر عهد الازدهار والنماء في عهد الملك سعود ليحظى بشرف السلام عليه ومبايعتة بتوليه مقاليد الحكم مع وفد ثقيف ثم عهد الملك فيصل ايضا ثم عهد الثروة النفطية في حكم الملك خالد ثم عهد التقدم والرخاء في عهد الملك فهد والملك عبدالله .
وبجماع العلم والمعرفة لديه، وبما يبلغ من الرشد والفطنة، وحسن الفهم وعمق الوعي منح ثقة بالغة من أفراد قبيلته عامة اذ أوكلت إليه مهمة مبايعة قبيلة ثقيف لحاكم الطائف الأمير عبدالعزيز بن معمر نيابة عن والده وبموافقة من شيوخ ثقيف ذهب الى الطائف وتمت المبايعة في قصر الأمير .
أيضا رغم مايملك من بساطة شخصة إلا أنه نجح في تكوين علاقات إجتماعية وطيدة وناجحة مع أعيان قبيلته وكان له قبول عندهم وهم الشيخ عابد سلطان شيخ قبيلة آل محمد والشيخ عبدالمعين البخ شيخ قبيلة بني يوسف والشيخ محمد بن ذياب شيخ قبيلة بني جاهل والشيخ عقاب بن كعمور من أعيان القبيلة والشيخ صويلح بن خوضان من أعيان قبيلة آل محمد وعطيه بن حامدي وعبدالعزيز الداموك من أعيان قبيلة بني يوسف أيضا ولما برزت مزايا شخصه على مستوى قبيلته ، حظي بتقدير وإحترام بالغ من أعيان ومشائخ القبائل المجاورة رغم أن البعض منهم كان يفوقه من العمر كثيرا ومنهم الشيخ مسلم بن سالم البسيسة شيخ قبائل بني ذبيان والشيخ فواز بن غزال شيخ قبايل حسيكة والشيخ علي ابوعليه شيخ قبايل الموسى والشيخ دخيل الله بن ختام شيخ قبايل شعيث والشيخ أحمد الصقيري والشيخ رداد بن غليون شيخ قبايل أبالحليس من بني مالك والشيخ عيضه بن عبدالملك شيخ قبيلة المطاع بني عاصم والشيخ قليل بن عايد شيخ قبيلة ذوي عطيه من القساوره ويعد من عوارف قبيلة عتيبة والحاصل على وسام النهضة العربية من الشريف حسين والشيخ محمد بن صغوان شيخ قبيلة الغميات من متعان وغيرهم كثير .
تعليمه :
بدأت رحلته العلمية في عام 1325هـ عندما ذهب به والده الشيخ محمد الدنينه إلى قرية المجرد ببلاد ثقيف ليتلقى التعليم (تعليم القرآن ) على يد الشيخ الفقيه سلطان بن سليمان الشريف رحمه الله بمنزله وقد أستمر لديه اكثر من ستة أشهر متواصلة وكان يقيم معه أثناء فترة تعليمه بمنزله طيلة أيام الأسبوع , ويعود عند والده بقرية قها ثقيف في نهاية الاسبوع , وفي مطلع الاسبوع يعود إلى معلمه بقرية المجرد.
يبدأ برنامجه الدراسي بتوقيت الصباح وينتهي عند الغروب يتخلله جولة على المزارع والقيام ببعض الأعمال وقد تكون شاقه بعض الأحيان عليه ولكن يأتي ذلك إكراما للمعلم والعلم وخوفا منه تارة ًوهروبا من الدرس تارةً أخرى ونستشهد على ذلك بالمثل الشعبي الذي يقول : من علمني حرفاً صرت له عبداً
وبعدما تلقى تعليمه اتفق أهل القرية على أن يعلم أبنائهم وقد أسندت إليه تلك المهمة الشريفة التي كان يجد فيها متنفساً واشتياقاً عجيب وكان يقيم حلقات التعليم عنده بمنزل البسيط المتواضع الذي يتكون من حجرات بسيطة , زوجته وأبناؤه في أحد الحجرات والأخرى يقيم فيها الدرس من الصباح حتى غروب الشمس مكرساً جهده ووقته لهؤلاء الطلاب تحقيقاً لرسالة العلم ورغبتة القنوعة المتواضعة في الحصول على بعض الريالات المعدودة .
عمل الشيخ رحمة الله في القطاع الحكومي للدولة منذ عام 1372 هـ بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وأيضاً عضواً فعالاً وذو أهمية بالغة في إصلاح ذات البين ومأذوناً شرعياً وله أهتمام بجمع الكتب والأنساب ويعد راويا ومرجعاً في تاريخ المملكة وبالأخص تاريخ الحجاز وتاريخا للقبائل المجاورة وقد زاره عداً من الباحثين والمهتمين بالتاريخ والاثار على مستوى المنطقة وقد خصه معالي محافظ الطائف الاستاذ فهد بن معمر والاستاذ عبدالرحمن بن معمر المهتم بشؤون التاريخ والآثار وكذلك المؤرخ الاستاذ حماد السالمي رئيس النادى الادبي السابق مؤلف كتاب قبيلة ثقيف ويزور مجلسه بإستمرار عدداً من الباحثين والمهتمين في هذا المجال .
وفاته :
قضي أجله بعد ان اتم عمره الذي امده الله له بعيداً عن الأمراض المزمنة او المعدية والخبيثه ، وعاش طيلة عمره وهو بعيداً عنها وهذه من أكبر النعم التي اوهبها الله عليه ، حيث وافته المنية في آخر ساعات يوم الجمعة الموافق ١٤٣٨/١/٦هـ في منزله بعد تناوله وجبة العشاء مع أبنائه الصغير منهم والكبير
رحم الله ذلك الفقيد رحمة واسعة ، تاركاً خلفه إرثاً كبيراً قضى فيه فترة تزيد عن القرن وقرابة العقدين من السيرة الحسنة الحميدة والمعاملة الطيبة التي عرفه الناس عليها
(0)
(1)