ذكر فضيلة الشيخ/ د.سعود بن إبراهيم الشريم، من منبر المسجد الحرام لهذا اليوم بأن هناك مشهد يتكرر كل عام بصورة فريدة تعاقبت عليه الأجيال قروناً عديدة، وأزمنة تليدة، تلبية وطواف وسعي ورمي ووقوف ومبيت وعرصات قصدها أنبياء ورسل وخلفاء وملوك ورؤساء وعلماء وخلق من الناس لا يحصي عددهم إلا الله، كلهم يفدون إليه مشرئبين إلى ما عند الله من فضل استجابة لنداء إبراهيم الخليل لما أمره ربه: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)”.
وأضاف ” إنها مكة وبكة والبيت الحرام الذي أسس للعبادة والتوحيد والطاعة (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا).
لقد صدق الله ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً، لقد صدق (فيه آيات بينات) نعم إنها آيات بينات لايمحوها طول الزمن ولاتقادم العهود، آيات بينات شاهدة بفضله وقداسته وشموخه الذي يطاول الزمان فيه مقام إبراهيم الذي رفع منه القواعد يناوله ولده إسماعيل عليهما السلام (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)”.
” مقامه الذي به موطئه رطباً حافياً غير ناعل شاهداً على الهمة والإخلاص والصدق في الاستجابة لأمر ربه، فيه آيات بينات بارزة في السعي بين الصفا والمروة ليستشعر الناس ما بذلته هذه الأسرة الصغيرة المكونة من أم وطفلها في واد غير ذي زرع يودعها فيه زوجها فتقول له آلله أمرك بهذا فيقول نعم فتقول إذن لايضيعنا، إنه السعي شعار القوة والبذل والتوكل إنه الاعتماد على الله والتوكل عليه الذي غمر قلب هاجر عليها السلام ليكرمها الله بالزمزم يفيض بين رجلي ولدها الرضيع إنه الزمزم الماء المبارك، إنه طعام طعم وشفاء سقم، إنه الزمزم الذي لايغيض ولاينضب، الماء المعجزة الذي أدهش العلماء والخبراء، إنه الماء الذي قال عنه المصطفى ﷺ : “ماء زمزم لما شُرب له””.
” نعم حجاج بيت الله الحرام؛ إنه البيت الحرام الذي فيه آيات بينات، إنها آية البركة التي وهبها الله بيته العتيق، بركة في الأرض، وبركة في العيش، وبركة في الطعام والشراب، فقد جاء عند البخاري وغيره أن إبراهيم عليه السلام لما جاء إلى زوج إسماعيل عليه السلام سألها ما طعامكم قالت اللحم، قال فما شرابكم قالت الماء، قال: “اللهم بارك لهم في الماء واللحم، قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه” أي: لايخلو أحد فيقتصر على الماء واللحم في غير مكة إلا اشتكى بطنه””.