أوضح الباحث الفلكي الدكتور “خالد بن صالح الزعاق” عضو الإتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك أن غداً السبت أول موسم سهيل ، وسهيل امتداد لموسمي مرخيات القلايد ومحننة الجمل والقلايد جمع قلادة وهي الشمالة ، فأصحاب الإبل يشدون القلايد ( الشمالة التي توضع على أثداء الإبل ) على بطون الإبل في أول النهار ثم ترتخي بعد ذلك حيث يصغر بطن الناقة من شدة الحر ، وخلال هذه الأيام تكون الحرارة استنفذت كل ما في وسع أجساد الجمال والإبل من الشحوم المعوضة لها عن الماء فيحن الجمل إلى شرب الماء ولهذا يطلقون عليها بمحننة الجمل ، من الحنة أي الاشتياق ، وهذا دليل على أن أول موسم سهيل حار ولاهب ويستمر كذلك لمدة 13 يوماً ، فموارد الماء تفقد نصفها عند ظهوره ، ويغور ماء الحسيان ، والعقل بسبب حرارة القيظ حيث ترتفع درجة الحرارة باطن الأرض وتتجاوز الستين درجة مئوية ، والحسيان في كلام البدو جمع حسو والحسي هو البئر القريبة الماء المحفورة في أرض رملية منخفضة تحتها أرض غليظة صلبة تمسك الماء فلا ينفذ منها ، والعقل جمع عقلة وهي آبار يتراوح عمقها من ثلاثة إلى ثمانية أمتار وتنتشر في أواسط الوديان ويقول البدو إن الكليبين يرشفان ماء الآبار ( القلبان ) رشفا متسارعا خلال فترة ظهورهما من بداية الطلوع إلى آخر الظهور فتنضب المياه من الآبار قليلة العمق القريبة من السطح أما الآبار العميقة جمة المياه ( العدود ) فإنها لا تنضب مهما ارتشف منها الكليبان ، ومع بدايته ينتهي الصيف الحار اللاهب وترتخي يد قبضته قال الخلاوي :
قضى القيظ عن جرد السبايا ولا بقي
من القيظ إلا مرخيات القلايد
ومدته 53 يوماً وهو أول مواسم السنة السهيلية وهي سنة شمسية عدد أيامها 365 يوماً موزعة على فصول ومواسم السنة .
قال الشاعر :
ياخالد الزعاق كلم لي سهيل
يطلع على المرزم وياخذ محله
عشرين يوم الموعد بعيد بالحيل
ومربوط في يوم سهيل حله
وبدخول سهيل ينكمش منخفض الهند الموسمي ويقل تأثيره على بلدان الخليج وخاصة السعودية وتتكأكأ الرياح الشمالية المثيرة للغبار والأتربة والسموم وتنهض الرياح الجنوبية والتي تمر على مسطحات الخليج المائية وتحمل معها الرطوبة فتكسر حدة الحر على المناطق الوسطى ، أما السواحل فتشتد حمأتها خلال الأيام القادمة فترتفع درجات الحرارة المحسوسة جسمياً ونشعر بالسأم والملل وخاصة إذا توقفت حركة الرياح ، وأول ما يشاهد سهيل في جنوب المملكة أما شمال المملكة فلا يشاهد إلا في أوائل شهر سبتمبر أي في أوائل شهر ذو الحجة قبيل شروق الشمس في الجهة الجنوبية في الليالي التي يخبو فيها ضوء القمر وتستمر رؤيته حتى أواخر شهر أبريل ، حيث يختفي ويعود مرة أخرى في أغسطس ، وظهوره بداية التغير الفصلي وإنتهاء ريح السموم ودليل على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة ، حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساءً ، ويطول الليل والظل ، ويقصر النهار ،
ونهتم بدخول سهيل لأننا سكان صحراء قاحلة وجافة فبطلوعه بداية للانفتاح الفصلي بعد معاناتنا الشديدة من أشعة الشمس ولفح الهواء الساخن حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ ، وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجياً ، ويصاحب ذلك تغييرات طبيعية ، حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية ، ولهذا نجد أن الطيور تتكاثر عندنا خلال هذه الفترة لأنها تهرب من الظروف المناخية القاسية من ظلمة وبرودة فتستجم عندنا ولهذا يطلق العرب على نزوح الطيور الآن باللفو أما نزوحها في موسم الشتاء فيطلقون عليها بالعبور
وظهور سهيل يقترن بالحوادث الفصلية التالية وهي :
1-يفيء الظل بعد أن كان معدوماً خلال فصل الصيف
2-يبدأ طول الليل وقصر النهار فيبرد آخر الليل
3-تهب ريح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن
4-تميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف
5-بداية موسم الرطب الجديد وانتهاء ادخار التمر الحويل
6-تحس المواشي بالراحة فتدر اللبن
7_تختلط فيه جميع الطيور المهاجرة
ومن مقاييس كبار السن قولهم : إذا قمت تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس فاعرف أن سهيلاً ظهر ، ومن مقايسهم كذلك على دخوله أن الأشجار الكبيرة والصغيرة تخضر من ناحية الجنوب ويقول العامة أنها تشاهد سهيل فتخضر خدودها فرحاً لرؤيته ، علماً بأن موسم سهيل مخيفا للمزارعين وخاصة أصحاب النخيل لأنه من المحتمل أن تسقط فيه الأمطار والأمطار في هذا الوقت من الزمان مؤثرة جداً على التمر فتفسده لذا يقولون (لا دخل سهيل لا تمن السيل)
وبداية مشاهدة نجم سهيل بالأبصار بكل جلاء ووضوح تبدأ من منتصف شهر ذو القعدة وسيطل علينا بجماله وبهائه ، علماً بأن هناك نجم يظهر قبل سهيل ويشبهه فيظن بعض الناس أنه سهيل وهذا النجم يسمى المحلف لذلك يقول العامة (سهيل مكذب الحساب) لأن بعض الناس يظن أن المحلف سهيلاً فيحلف بذلك فإذا ظهر تبين سهيل الأصلي من المزيف .