برعاية سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، افتتح مساء اليوم الثلاثاء السادس من ذي القعدة، التاسع من أغسطس صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ونحو 50 من أبرز المثقفين، أعمال الدورة العاشرة لـ”سوق عكاظ”، وقد بدأ سموه بافتتاح فعاليات الجادة أولاً، وذلك في تمام الساعة السابعة والنصف مساء، حيث استقبله مجموعة من الخيالة يمتطون جيادهم، وبادروا سموه بعبارات الترحيب والثناء، ومن ثم قام صاحب السمو الملكي بجولة على مختلف فعاليات الجادة.
جولة أصحاب السمو على “الجادة”
تصدر الفعاليات الأساسية لـ”جادة عكاظ” عرض المسرح الميداني “عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب”، والذي اختلف عن عروض الأعوام الماضية بتضمينه 4 مشاهد متباينة تعكس صورًا من حكايات الشعر والحرب والدهاء والكرم لدى العرب.
وفي السياق ذاته، دشّن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مشروع طباعة “دواوين الشعراء الفائزين بسوق عكاظ”.. ويُعد المشروع باكورة مشروع أكاديمية الشعر العربي باعتبارها في طليعة مشاريع “عكاظ المستقبل”، والتي تتعاضد مع المشاريع المعرفية والاقتصادية والترفيهية الأخرى التي تنمو وتتوسع بعد كل دورة، وتتضمن الدواوين: “أضواء على رفوف الذاكرة” للشاعر حسن طواشي، و”قصائد كأنها ليست لي” للشاعرة روضة الحاج، وديوان “رملة تغسل الماء” للشاعر حيدر العبدالله، وديوان “حبيب الشمس” للشاعر هزبر محمود.
كما تفقد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وضيوفه الكرام عددًا من المعارض التي يستضيفها السوق وتبلغ 20 معرضاً تُعنى بالثقافة والتاريخ والعلوم منها: “سوق عكاظ، الخط والتصوير، لوحة وقصيدة، وكالة واس، الإعلام المرئي والمسموع، أمانة الطائف، أمانة العاصمة المقدسة، أمانة جدة، تطوير مكة، الجامعات، تعظيم البلد الحرام، الحوار الوطني، سوق البركة، مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.
الفيصل يشيد بفعاليات “الجادة”
وفي ختام جولة الفيصل بمختلف فعاليات “الجادة” وقبيل توجههما لأداء صلاة العشاء استعدادًا لافتتاح فعاليات السوق، أشاد صاحب السمو الملكي خالد الفيصل بالأداء المتميز لعرض مسرح الشارع ومضمونه، والقيم النبيلة التي ينقلها من تاريخ الأجداد لأبناء الحاضر.
كما أشاد الفيصل بالمواهب الشبابية المتميزة من أبناء المملكة والتي شاهدها في “جادة سوق عكاظ” وفي عرضها المسرحي “عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب” وكذا مختلف الفعاليات الأخرى، مؤكدًا أنها تثبت مدى الحرص على رفع اسم المملكة عاليًا خفاقًا في كل المحافل، وكذا ما وصلت إليه الكوادر الوطنية من ممثلين وفنيين وإخراج، ومختلف التخصصات الأخرى والتي أظهرت صورة مشرفة من التميز والانضباط والقدرة على الإبداع والتماهي مع الرؤية المستقبلية الجديدة للمملكة.. كما أثنى سموه بالمجهود الكبير لفريق العمل سواء في الأداء التمثيلي، أو استخدام مؤثرات الصوت وكذلك الإضاءات الموزعة باحتراف على امتداد “الجادة”.
“الفيصل” يفتتح “السوق”
وفور انتهاء الأمير خالد الفيصل والأمير سلطان بن سلمان وضيوفهما من أداء صلاة العشاء، توجها إلى خشبة المسرح المخصص للافتتاح والذي تولت تنظيمه قناة “MBC”, وقامت بنقل مراسمه على الهواء مباشرة عديد من كبريات الفضائيات العربية والوطنية، منها “MBC”, وقناة العربية، ومختلف القنوات السعودية.
وقد تميزت عروض الدورة “العاشرة” التي تضمنها حفل الافتتاح الرسمي للسوق هذا العام عن كل الأعوام السابقة، حيث شاهد ضيوف حفل الافتتاح مجموعة من العروض المختلفة شديدة الإبهار منها استعراض للفرق الشعبية بأزياء حملت توقيع المصمم السعودي سراج سند.
وكذا قدمت إحدى الفرق الإيطالية باقة من الاستعراضات المتميزة، والتي حازت اعجاب الحضور.
عرض “خواطر الظلام”
وفي السياق ذاته، امتعت فرقة “خواطر الظلام” السعودية الحضور بعرض شيق مستخدمة الظلام وبعض الأضواء والمؤثرات الصوتية لإعطاء المشاهدين إيحاءات معينة، ووضعوا المشاهدين في حالة أضحوا خلالها في تحدٍ مع الجاذبية؛ فخلال العرض لم يرى المشاهدون سوى وجوهًا كأنها تطير في الهواء، على خلفية سوداء، ولعبت المؤثرات الصوتية دورًا مهمًا في تعايش الجمهور مع الحالة التي جسدها أعضاء الفرقة المكونة من 13 فردًا جميعهم من الموهوبين السعوديين.
تتويج الفائزين
عقب ذلك، قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بتكريم الفائزين بجوائز السوق، وهي: “شاعر عكاظ، شاعر شباب عكاظ، الخط العربي، التصوير الضوئي، ولوحة وقصيدة”، حيث قام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بتتويج الفائزين بجوائز الدورة العاشرة للسوق في أجواء احتفالية رائعة، وقد جاءت “بردة عكاظ” من تصميم المصمم السعودي يحيى البشري.. وجاءت جوائز العام 1437هـ على النحو التالي:
· الفائز بجائزة “شاعر عكاظ”، محمد محمود العزام عن قصيدة “نشيدُ الصعاليك”.
· الفائز بجائزة “شاعر شباب عكاظ”، خليف بن غالب الشمري عن قصيدة “حزن صعلوك متأخر!.. رسالة إلى الشنفري”.
· الفائز بجائزة “الرواية”، مقبول موسى العلوي, من محافظة القنفذة وله العديد من الإصدارات.
· الفائز بجائزة “لوحة وقصيدة”، المركز الأول عبدالرحمن بن خضر الغامدي.
· الفائز بجائزة “لوحة وقصيدة”، المركز الثاني محمد بن علي الشهري.
· الفائز بجائزة “لوحة وقصيدة”، المركز الثالث سعيد الهلال الزهراني.
· الفائز بجائزة “الخط العربي”ـ، المركز الأول عبد الباقي بن أبو بكر.
· الفائز بجائزة “الخط العربي”، المركز الثاني محفوظ ذنون يونس.
· الفائز بجائزة “الخط العربي”، المركز الثالث يحيى محمد سليمان فلاته.
· الفائز بجائزة “التصوير الضوئي”، المركز الأول عبدالله إبراهيم الماجد.
· الفائز بجائزة “التصوير الضوئي”، المركز الثاني ظافر مشبب الشهري.
· الفائز بجائزة “التصوير الضوئي”، المركز الثالث قاسم محمد سعيد الفارسي.
· الفائز بجائزة “رائد أعمال عكاظ”، لؤي نسيم.
· الفائز بجائزة “مبتكر عكاظ”، أنس محمد صالح باسلامة من جامعة أم القرى.
كوادر وطنية وروح تكاملية
ومجددًا، أعرب صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل عن سعادته بالصورة المشرفة التي شاهدها سواء خلال تفقد سموه فعاليات “الجادة”، أو خلال فعاليات وعروض حفل الافتتاح، ونوَّه سموه أيضًا بروح التعاون والتكامل التي تعاملت بها مختلف مؤسسات المجتمع في محافظة الطائف مع المهرجان الكبير، لاسيما هيئة السياحة والتراث الوطني، مؤكدًا أنها بذلت مجهودات تفوق الوصف لظهور السوق بهذه الصورة المشرفة والمتجددة عامًا بعد عام.
كما أشاد الفيصل بالخبرات الوطنية التي تقف وراء هذا الحدث الذي كسر نطاق المحلية إلى آفاق العالمية، مؤكدًا أن ما تحقق على أرض الواقع خلال عشرة أعوام من مسيرة سوق عكاظ إنما يعكس روح الإرادة والعزيمة التي يتحلى بها الشعب السعودي، مشيرًا إلى أن السوق وفعالياته أضحى علامة فارقة في مختلف الفعاليات المحلية والإقليمية، مؤكدًا أن فعالياته إنما تعكس الأصالة العربية في مختلف أنماطها.
أهداف نبيلة ومنهجية جديدة
إلى ذلك، عبَّر ممدوح سالم منتج ومخرج فعاليات الجادة بـ”سوق عكاظ” وعلى رأسها عرض “عبس وذبيان” عن بالغ شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لرعايته فعاليات السوق والجادة، كما عبَّر عن شكره لأصحاب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا، والأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، على تشجيعهما الكبير لفريق العمل، مؤكدًا أن هذا التقدير والثناء الذي حظيت به فعاليات “الجادة” وفي مقدمتها “عبس وذبيان” حمَّله وفريق العمل مسؤولية كبيرة، لاسيما مع توجه المملكة لتبني رؤية مستقبلية جديدة تفتح آفاقًا تنموية وثقافية رحبة أمام كل مواطن ووافد على أرض المملكة.
ولفت سالم إلى أن كل فعالية من فعاليات “الجادة” إنما تحمل أهدافًا نبيلة تتمحور حول ربط الأجيال المعاصرة بتاريخ أمتها العريق سواء في العصر الجاهلي أو بعد ظهور الإسلام.. موضحًا أنه تم اتباع منهجية جديدة في عروض “مسرح الشارع” هذا العام، فلم تأتي مسرحية “عبس وذبيان” لتستعرض حياة شخصية محورية كما جرته العادة في الأعوام السابقة، إنما تفرعت إلى 4 مشاهد متباينة، كل منها يجسد محورًا من المحاور التي يستهدفها السوق، كما جاء الأداء ذاته مختلفًا، من حيث السرعة والتكثيف برؤية أقرب إلى الأداء السينمائي.
وأكد سالم أن تشريفه بتحمل مسؤولية إدارة فعاليات “الجادة” للعام الثالث على التوالي، وكذا عروضها المسرحية سواء “فارس قومه” في الدورة الثامنة، أو “نقش من هوازن” في الدورة التاسعة، أو “عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب” في الدورة الحالية إنما يعكس النجاح الذي حققه فريق العمل، والذي عمل على قلب رجل واحد لتحقيق التميز الذي ينشده كل مواطن سعودي وعربي.
4 عروض × 1
يشار إلى أن عرض “عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب” تضمن من خلال 4 مشاهد، 4 مسرحيات × 1، إذ انفرد كل مشهد بتجسيد جزء من التاريخ العربي العريق، فتناول مشهد “ذهب وعوسج” تفاصيل الحركة اليومية والبيع والشراء داخل “سوق عكاظ” وتوافد القوافل التجارية وما تتعرض له من عمليات سلب من جانب قطاع الطرق، وتصدي كبير التجار وجموع التجار والفرسان لهم بفروسية وشهامة عربية نادرة.
بينما رصد مشهد “منازل الكرام” استضافة الشاعر النابغة الذبياني لمجموعة من غرمائه أساطين الشعر في مبارزة كلامية حول المعلقات وسبب تسميتها ويتحدثون بفخر واعتزاز عنها وعن أصحابها، ومن ثم ذكر مناقب عديد من الشعراء العرب مثل امرؤ القيس والعبيد بن الأبرص، والحارث بن حلزة، وطرفة بن العبد، وزهير بن أبي سلمى، وعمر بن كلثوم، وعنترة العبسي، وكذا لبيد بن ربيعة.
ويرصد المشهد الثالث “حكمة القدر” مأساة “عُطيل” وهو رجل كبير بالسن وسيد من سادات قومه تعرض لهجوم من قطاع طرق نهبوا ماله وأفقدوه ذاكرته وتعرض لصعاب عديدة، وتستعرض الأحداث كيف عثر عليه أبناؤه بعد جهد جهيد في ضيافة عدد من التجار الكرماء.
فيما يرصد المشهد الرابع والأخير “حوار السيوف” الخلاف الذي نشب بين قيس بن زهير من قبيلة عبس، وحذيفة بن بدر من قبيلة ذبيان، على استلام مهمة حماية قوافل حجاج المناذرة، التي كلف بها الملك النعمان بن المنذر قيس بن زهير أولاً، وتدخل حذيفة ليأخذها منه بالغدر والحيلة، ومن ثم اشتعال حربًا متواصلة بين القبيلتين لمدة أربعين عامًا أنهاها الحارث بن عوف وهرم بن سنان من سادات ذبيان وأشرافها، بعد أن دفعا بكرمهما العربي ديات القتلى للطرفين من مالهما الخاص.. وتأتي المشاهد الأربع من تأليف حسين شاهين, مخرج منفذ: خلدون كريّم, وإخراج: ممدوح سالم.
يذكر أن “سوق عكاظ” الذي انطلقت أعماله مساء الثلاثاء 6 من ذي القعدة، يستمر بمجموعة ثرية ومتجددة من الفعاليات حتى 16 من ذي القعدة الجاري.. كما تتواصل فعاليات “جادة سوق عكاظ” طوال الفترة نفسها من الساعة الخامسة عصراً حتى الساعة العاشرة مساء بالتعاون بين مؤسسة “رواد ميديا” والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.