تحركت روسيا وتركيا باتجاه إصلاح كامل العلاقات التجارية والاقتصادية يوم الثلاثاء عندما التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي الزائر رجب طيب إردوغان يوم الثلاثاء في الوقت الذي تشهد فيه علاقات البلدين توترا مع الغرب.
وقال بوتين إنه يرغب في “إصلاح كامل للعلاقات” التي تضررت بعدما أسقطت تركيا عضو حلف شمال الأطلسي طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية أواخر العام الماضي.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي بعد محادثات مع إردوغان في سان بطرسبرج “الحياة تتغير بسرعة” مضيفا أن العقوبات الروسية المفروضة على تركيا بشأن إسقاط الطائرة قد تُرفع تدريجيا.
وبدا إردوغان الذي يتم الربط كثيرا بينه وبين بوتين في أسلوب القيادة القوي متفائلا بنفس القدر وقال “الجانبان عازمان تماما ويملكان الرغبة الضرورية لإعادة علاقاتنا إلى سابق عهدها بل وتحسينها.”
ومهد اللقاء الطريق لاستئناف صادرات الغذاء التركية إلى روسيا ورحلات الطيران الروسي العارض إلى تركيا ورفع آفاق التعاون بين موسكو وأنقرة بشأن الحرب السورية رغم تأييد كل منهما للطرف الآخر في الحرب.
ويملك البلدان اثنين من أقوى الجيوش في العالم وتحظى زيارة إردوغان بمتابعة شديدة في الغرب حيث يخشى البعض من أن يؤثر تنامي الوفاق مع موسكو على صلاته بحلف شمال الأطلسي.
وهذه هي أول زيارة خارجية لإردوغان منذ الانقلاب الفاشل الذي سقط فيه أكثر من 240 قتيلا.
وتوترت العلاقات التركية مع الغرب عقب محاولة الانقلاب. وتركيا غاضبة من المخاوف التي عبرت عنها واشنطن والعواصل الأوروبية بشأن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها أنقرة عقب الانقلاب ومما تعتبره تجاهلا لمحاولة الانقلاب نفسها.
وفي الوقت التي تنجز فيه التقارب مع روسيا حذرت تركيا من ازدياد الشعور المناهض للولايات المتحدة في الداخل ومن مخاطر اتفاقية للهجرة مع الاتحاد الأوروبي في تعليقات تدل على مدى تدهور العلاقات مع الغرب.
وقال بوتين إن إصلاح العلاقات مع تركيا سيعزز الاستقرار في “العالم كله” وذلك خلال لقاء الزعيمين في قصر يعود إلى حقبة روسيا القيصرية خارج سان بطرسبرج مسقط رأس الرئيس الروسي.
وشدد بوتين على تأييده لطريقة تعامل إردوغان مع محاولة الانقلاب الفاشلة وأشار إلى أنه كان من أول الزعماء الذين اتصلوا به لإبداء الدعم. وقال إنه يأمل أن تستعيد أنقرة النظام بشكل كامل.
وقال بوتين “أريد أن أقول مرة أخرى أنه من موقفنا المستند إلى المبادئ هو أننا دائما وبشكل قاطع ضد أي محاولات بإجراءات غير دستورية.”
وأضاف “أريد أن أعرب عن الأمل في أن يتغلب الشعب التركي في ظل قيادتكم على هذه المشكلة (ما بعد الانقلاب) وأن يجري استعادة النظام والشرعية الدستورية.”
*تورك ستريم
وقال بوتين إن الزعيمين سيبحثان أيضا يوم الثلاثاء الصراع في سوريا حيث يؤيد الروس الرئيس السوري بشار الأسد بينما تسعى أنقرة إلى الإطاحة به من السلطة.
وتحقيق تقدم في الملف السوري مسألة صعبة نظرا للتعقيدات التي تكتنف الصراع وتباين الولاءات بينما يبدو إصلاح العلاقات الاقتصادية مهمة أكثر سهولة.
وقال إردوغان “اتخذنا خطوات لإعادة علاقاتنا مع روسيا إلى (الوضع) الذي ينبغي أن تكون عليه من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية نتيجة المحادثات التي عقدت اليوم.”
وأضاف الرئيس التركي أن الجانبين اتفقا على إقامة صندوق استثماري روسي-تركي مشترك وعلى زيادة التعاون في المجال الدفاعي.
وقال إردوغان إن العمل الروسي المتوقف في محطة أكويو للطاقة النووية سيُستأنف أيضا.
وقال الزعيمان إنهما وافقا أيضا على إحياء مشروع خط أنابيب لنقل الغاز المعروف باسم “تورك ستريم” الذي سيمد أنقرة بكميات إضافية من الغاز الروسي وعلى زيادة الإمدادات إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل.
وتدرس روسيا عددا من المشروعات لتزويد أوروبا بالغاز دون المرور بأوكرانيا لكن أوروبا رفضت معظم المشروعات مع سعيها لإنهاء اعتمادها على الغاز القادم من روسيا التي تقدم حاليا ثلث الاحتياجات الأوروبية.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن الانبوب الأول في مشروع خط أنابيب تورك ستريم قد يُبنى في 2019 لكن هناك حاجة إلى ضمانات من الاتحاد الأوروبي لبناء الأنبوب الثاني الذي سينقل الغاز من روسيا إلى دول التكتل عبر تركيا.
وقال مسؤولون أتراك إن زيارة إروغان إلى روسيا لا تهدف إلى توجيه إشارة بتغير جذري في الموقف الجغرافي السياسي لتركيا.
وتستضيف تركيا قوات وطائرات حربية أمريكية في قاعدة انجيرليك الجوية وهي منصة انطلاق مهمة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
وأبلغ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير صحيفة بيلد أنه ليس قلقا من تحسن العلاقات الروسية التركية.
وأضاف “من الجيد حدوث تقارب بعد إسقاط تركيا طائرة روسية مقاتلة العام الماضي. ولا أعتقد في نفس الوقت أن العلاقات بين الدولتين ستصبح وثيقة بدرجة تستطيع معها روسيا توفير بديل لتركيا عن الشراكة الأمنية في حلف شمال الأطلسي.”