كتب عبدالفتاح الكايد رئيس مركز داعم للإعلام مقالاً تناول فيه مبادىء تكوين الشخصية منوهاً للدور الذي تلعبه أجهزة الإعلام المرئية والسمعية والمقروءة والرقمية في عصرنا الحالي ، جاء فيه :
لا شك أن دور الأسرة أخذ في الأنحسار في ظل ظروف العمل العصرية ومتاعب الحياة التي تواجه رب الأسرة إضافة إلى خروج الأمهات إلى ساحة العمل فأصبح للأطفال والشباب مصادر أخرى متعددة يتعلمون منها مبادىء تكوين الشخصية ويستوعبون ما يصلهم منها من القيم ويشكلون لذاتهم منظومة أخلاق .
إن القيم التقليدية التي كانت الأسرة تبثها في الأطفال ضمرت واضمحلت وحلّت مكانها قيم عدائية تقدمها وسائل الإعلام مشتق معظمها من أفلام العنف وقصص الجريمة وتمثيليات الجنس وهي دائرة ضخمة من الآثار الوخيمة ذات الحلقات المتصلة يقدمها الإعلام كل يوم ويتشبع بها الشباب.
تلعب أجهزة الإعلام المرئية والسمعية والمقروءة والرقمية في عصرنا دوراً مؤثراً في صناعة سلوك الرأي العام , ورسم الأنماط السلوكية للناس والتأثير في صناعة القرار السياسي بل التأثير في مختلف السياسات العامة للبلد , وذلك بفعل التطور المذهل والسريع في أجهزة الإعلام ووسائل الإتصال المختلفة , والذي مكن الإعلام من امتلاك إمكانيات وقدرات عالية التأثير لم يكن يمتلكها قبل مدة غير طويلة من الزمن , مما أعطى للإعلام سلطة وقدرة لا يمكن لأحد تجاهلها .
ولعل أكبر شريحة تتأثر بالأعلام ووسائل الأتصال الحديثة وهي شريحة الأطفال والشباب والمراهقين , ولذلك ليس من المستغرب أن نجد أن غالبية البرامج الإعلامية موجهة إلى الأطفال والمراهقين والشباب , لأن هذه الشرائح العمرية تتأثر بسرعة شديدة , ويبرز الإعلام الرقمي الحديث كواحد من أقوى الوسائل المؤثرة في الشباب والمراهقين فمن خلاله يجدون وسائل الترفيه القريبة لذاتهم ووسائل الإغراء القوية لبناء شخصيات بطولية حسب تفكيرهم.
كل هذه العوامل تدفع بالشباب والمراهقين فضلا عن الأطفال إلى الإنشداد باهتمام شديد إلى أجهزة يحملونها بأيديهم تنقل لهم الأحداث في نفس وقت حدوثه ويمارسون هواياتهم في الالعاب وغيرها على نفس الجهاز ومن خلال الشبكة العالمية الأنترنت .
شبابنا في الأردن أصبح يتاثر بصورة ملحوظة بتكنولوجيا الإعلام أكثر من الخطابات ورسائل التوعية الكلاسيكية التي ما زال يتمسك بها الاعلام الرسمي ويقلده بها معظم وسائل الاعلام الخاص ، ولهذا نجد فئات من الشباب أصبحت تتبنى أفكار وفلسفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تمت إلى مجتمعنا وثقافتنا بشئ ولا يمكن مواجهة هذا التحدي الخطير إلا بنفس الوسائل والأدوات , ولا سبيل لمواجهة ثقافة الصورة الشديدة التأثير في الرأي العام العالمي إلا بنفس الطريقة مع إختلاف المضمون والمحتوى، وهذا هو الطريق الصحيح لمواجهة تحديات ازدياد الكراهية والتطرف والعدائية بالتفكير عند الشباب وبدلا من أن نتحدث دائما عن الغزو الإعلامي والثقافي , يجب علينا الإستفادة من الوسائل المتاحة لنا في تقوية خطابنا الاعلامي بحيث يكون مؤثرا في مختلف شرائح المجتمع , وصوته مسموعا في أرجاء العالم .
ومن المحزن حقا أن الأعلام الاردني بصفة عامة والذي وصلت كوادره بالعديد من المؤسسات الاعلامية الدولية والعربية الى مستويات متقدمة يفتقد القدرة على صناعة اعلام متطور في مسقط رأسه مما أدى إلى التأثير السلبي في ثقافة الأجيال المعاصرة , ونفور غالبية الناس وخصوصا جيل الشباب عن وسائل الإعلام المحلية والتوجه إلى الإعلام الخارجي كمصدر معلومات ذات مصداقية.