بعد ساعات قليلة قد يشهد العالم مرة جديدة مجزرة مروعة على يد النظام السوري في سجن حماة، وإن كانت بضع ساعات تمر بسرعة طبيعية على أي إنسان عادي، فإنها ليست كذلك بالنسبة للعالقين في سجن حماة المركزي.
حشود عسكرية على أبواب السجن، ومهلة تنفذ لفك الاستعصاء الذي بدأ منذ 4 أيام، وسط صمت دولي وحقوقي وإنساني تام. وبحسب أبو غيفارة (أحد السجناء المستعصين في الداخل) فإن حياة 1600 إنسان تقريباً على المحك، منهم 830 معتقلا وموقوفا محكوما بتهم تتعلق بالإرهاب.
الظروف الحالية داخل السجن لا يمكن وصفها إلا بأنها لا إنسانية ولا تشبه القرن الحادي والعشرين، وكما شرح أبو غيفارة فإنهم منذ 16 ساعة حتى ساعة كتابة هذا الموضوع، بدون ماء أو كهرباء، وحشود النظام المكثفة تشمل قواذف آر بي جي، وقوات من حفظ النظام والجيش تنتشر حول المبنى، إضافة إلى كتيبة المهام الخاصة المتواجدة قريبة من السجن، وعناصر من فرع المخابرات الجوية المتواجد في مطار حماة العسكري.
توقف المفاوضات
أبلغ المفاوض السجناء بأنه بعد 3 ساعات سيخرج، وسيدخل الجيش لتنفيذ الاقتحام وإنهاء الاستعصاء بالقوة، ذلك أن المفاوضات وصلت لطريق مسدود بسبب رفض النظام الطلبات التي قام الاستعصاء بسببها، ورفض إشراف الهلال الأحمر والصليب الأحمر أو أي جمعية مدنية أو أهلية على عملية سير المفاوضات أو تنفيذها، وبقي السجناء بلا طعام ولا ماء ولا كهرباء أو اتصالات، وأما شهادة أبو غيفارة فاستطاعت الوصول إلينا بعد أن تم شحن عدد من الموبايلات لحالة الطوارئ وللتواصل مع العالم الخارجي.
وعن توقف المفاوضات قال أبو غيفارة إن النظام وافق على الإفراج عن 491 معتقلا موقوفا وليس محكوما خلال شهر بعد تسليم السجن وبدون أي ضمانات من طرفه، بمعنى إنهاء الاستعصاء مقابل الإفراج عن عدد من الموقوفين.
ولكن ما حدث أن النظام أفرج عن 30 معتقلا قبل يومين، إضافة إلى 14 آخرين فجر اليوم.
وقالت لجان التنسيق إنه “بعد فشل المفاوضات صباح اليوم، تدخل رجال دين من حماة لتسهيل المفاوضات مع المعتقلين وتم رفض طلباتهم”.
وأشارت إلى أن لجنة الاستعصاء طلبت استصدار مرسوم عفو رئاسي للإفراج عن 491 معتقلا على أن يتولى الإفراج لجنة من الصليب الأحمر، ولكن النظام رفض إشراف الصليب الأحمر على المفاوضات، وبدا واضحاً للسجناء والمعتقلين والموقوفين أن رفض النظام إشراك الصليب الأحمر في المفاوضات وقبوله كمشرف إنما يأتي عن سوء نية النظام ونيته بالاقتحام وعدم الالتزام بتعهداته.
ويؤكد أبو غيفارة من داخل السجن أن الاستعصاء تم بشكل سلمي، وأشار إلى أنه يوجد في السجن أشخاص من كل مكونات المجتمع السوري، وتابع أن المطلب الرئيسي للسجناء هو دخول الصليب الأحمر إلى السجن.
ظروف لا إنسانية
الخطر داخل السجن كبير على حياة السجناء، ورغم ذلك قال أبو غيفارة إن الاستعصاء مستمر لحين تنفيذ مطالبهم، وبالنسبة للمواد التموينية فهي قاربت على النفاد بشكل كامل، ولن تكفيهم أكثر من بضع ساعات.
وصحياً فإن الأوضاع سيئة، وذلك لنفاد الأدوية من السجن، خصوصاً بالنسبة لمرضى السكري والضغط والقلب، وفاق عدد مرضى الربو 50 شخصاً بلا أي دواء أيضاً.
يذكر أن الاستعصاء بدأ منذ 5 أيام احتجاجاً على نقل بعضهم إلى سجن صيدنايا قرب دمشق. وفشلت قوات الأسد في السيطرة على السجن، ما أجبرها على التفاوض مع السجناء.
ويبلغ عدد نزلاء سجن حماة المركزي 1600 سجين، ويشارك في الاستعصاء 830 شخصا معظمهم بتهم الإرهاب.
تحميل المجتمع الدولي المسؤولية
هذا وأصدر نشطاء سوريون بياناً حملوا فيه المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان مسؤولية المجزرة التي يمكن أن تحدث مع خيوط الصباح في سجن حماة، وطالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والقيام بالاتصالات اللازمة لإيقاف النظام عن اقتحام سجن استعصى فيه نزلاؤه، وطلبوا تحسين ظروف السجن ووقف الموت البطيء الذي يحدث في داخله، واحتجوا على نقل مساجين إلى السجن الموسوم بالسمعة الأسوأ في سوريا.
كما أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بياناً حذر فيه من مجزرة استثنائية قد تحصل في سجن حماة المركزي، “حيث يواجه المعتقلون خطر الإبادة الجماعية بعد الاستعصاء الذي فرضوه منذ عدة أيام احتجاجاً على محاولة قوات الأسد إعدام بعض المعتقلين”.