وقعت الكاتبة والروائية رحاب أبو زيد مجموعتها القصصية “حليب وزنجبيل” في أمسية أهمية الترجمة للأعمال الأدبية” التي نظمها بيت السرد في جمعية الثقافة والفنون في الدمام، مساء أمس الأربعاء، وسط حضور أدبي ثقافي في قاعة عبدالله الشيخ للفنون.
استهلت الأمسية بتقديم الدكتور مبارك الخالدي لضيفة الأمسية، موضحا أن الترجمة نقل نص من لغته الأصلية إلى لغة أخرى، والترجمة في الآن ذاته جسر على قدر كبير من الأهمية بين الثقافات والحضارات واحدى الاليات التي تجعل عملية التثاقف أمرا ممكنا، وهي قضية لا تزال تستقطب اهتمام الأدباء والمفكرين والمثقفين، ويتكرر طرحها في الصحافة والمؤتمرات اداركا وإيمانا بأهميتها.
وأوضحت أبو زيد أن إحدى جماليات الانتقال إلى عالم الترجمة وعالم اللغة الانجليزية تحديداً، خاصة وأن عشقها للأدب العربي لم يمنعها من اقتحام عالم الأدب الانجليزي من خلال دراستها الجامعية، مطلع التسعينيات الميلادية، عندما كانت دراسة الأدب الانجليزي ضرباً من التمرد على العادات والتقاليد وربما خرقاً لمعاهدة الالتزام بالثوابت، طالما أن المنهج كان يضم الاشارة إلى اللآلهة الرومانية والأديان السماوية الأخرى، وهذا ما كان غير مقبولاً في عقيدة البعض، فكانت ممن تخرجوا من آخر دفعة قبل تغيير المناهج بالكامل وتحويلها لدراسة اللغويات مع مواد محدودة عن تاريخ الأدب على أقل تقدير.
وعن تجربتها قالت: لأول مرة أتعرف على منظومة متكاملة من الإجراءات المتسلسلة التي لا يمكن أن يسبق أحدها الآخر، بل أن توقيع العقود مع دار النشر غير العربية بحد ذاته كان احتفائية كبرى، وقالوا لي بالحرف الواحد كما هي عادة المسوّقين استمتعي بمنجزك، فعملية إصدار كتاب يجب أن تكون رحلة ممتعة”، إلا أن هذه العبارة التي اعتبروها ميثاقاً إلى جانب العقود وصدقتها لاحقاً كانت حقيقة..
وفي حين كنت ألاحق الناشر العربي فيما يشبه أفلام الأكشن والمطاردات سواء هاتفيا برقم مغاير لرقمي أو من خلال مباغتته في أروقة معارض الكتب، لم يكن يتجاوب معي مطلقا خاصة بعد استلامه لمستحقاته كاملة، كانت الدار غير العربية تلاحقني يوميا للتواصل معي والاطمئنان أن كل خطوة تمضي على الطريق هي على ذوقي وحسب رغبتي.
وفي المجموعة القصصية “حليب وزنجبيل” اشتغلت على إحدى عشرة قصة في عملية تفكيك تشابك بين روحي وأرواح الشخصيات، لتتخلص من أعذب حمل يورق الكاهل ولا يثقله، وعن تعريفها للمجموعة قالت”أستطيع الإيجاز أنه لقارئ مطلع لا يقبل أن يبقى لاعباً متفرجاً أو متلقياً سلبياً، بل يشاركني التأويل والضرب في عدة اتجاهات على عدة مستويات، فهناك من تناول حليب وزنجبيل من مشهد واحد لم يتجاوز طوله خمسة سطور كان مسرحه تحت شاور الحمام أكرمكم الله، وهناك من لم يكمل قراءة القصة لعصيانها على مستوى حدده هو مسبقاً من الفهم”.
وعن مجموعتها (حليب وزنجبيل)، كتب الاعلامي والناقد هيثم السيد “كانت أساس اللعبة الذهنية التي مارستها رحاب أبو زيد مع قارئها، لتخبرهم ضمنياً بأن هذا النص بمثابة الأم الافتراضية التي فرضت قانون هذه المجموعة، لتترك بقية النصوص تستيقظ فيما بعد بطريقتها الخاصة، وتمارس تمردها الخاص، ضمن إطار هذا البيت المكون من 90 صفحة، وعدد لا محدود من النوافذ، وبنسب متفاوتة، يحضر الحس الاجتماعي في القصص الأخرى ولا يغيب التأمل المحض، تحضر اللغة الشعرية ولا تغيب السخرية، مضيفا السيد أن “الكتاب تجربة تحمل من روح الفن عفوية اجتراحه دون شروط مسبقة، لقد جاء بهذا الشكل تحديداً، تماما كمحاولة أولى ووحيدة بلا تراجع أو رجعة، شبيهاً برشفة واحدة لا يمكن الشعور في اثنائها بفوارق ملموسة في الطعم بين تجانس حليبها و لذعات زنجبيلها، كان التنوع واضحاً، ولكن تفصيله وتأويله بدا كمسافة شبه معدومة لالتقاط الأنفاس داخل رشفة.
الكتابة موقف لحظي وأبدي في الوقت ذاته، قد تكون هذه إحدى مقترحات (حليب وزنجبيل) فقد كان هو طريقة رحاب أبو زيد في الذهاب بقارئها إلى المنطقة التي تلي عادية التلقي، طلبت منه أن لا يستبعد وجود أي شيء في هذا الكتاب، حتى لو كان هذا الشيء “حواراً فلسفياً بين اشخاص يعيشون داخل فم بشري”.