استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، والوفد المرافق له خلال زيارته للقاهرة.
وقال الإمام الأكبر: إن زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين للأزهر الشريف ليست تقديرًا له فحسب، وإنما هي تقدير وتكريم لأكثر من مائة دولة من دول العالم الإسلامي في القارات الست، ترسل بأبنائها وبناتها ليدرسوا في الأزهر الشريف، مضيفًا أن هذه الأريحية الملكية ليست بغريبة على البحرين الشقيقة، ولا على ملكها الذي جمع إلى فضيلتي العدل والحكمة، بُعدَ النظر وسَعة الصدر، والبصرَ بالملِّمات في إقبالها وإدبارها، والتعاملَ معها بحنكة السياسيّ القدير، والقائد الحازم، والأب الرحيم.
وأضاف «الطيب»، أن أرض البحرين كانت – وستظل- مجمعًا للثقافات والأفكار والمذاهب، وبوتقة تنصهر فيها كل هذه التنوعات، وتترك بصماتِها على الشخصية البحرينية لتتفرد بالعقلانية واستيعاب التحديات، واستثمارها دائمًا لصالح الوطن وقضاياه الكبرى، مؤكدًا دعم الأزهر الشريف لوحدة شعب البحرين واستقلالِ إرادته، وعدمِ التدخل في شئونه الداخلية.
من جانبه، أعرب ملك البحرين عن عميق شكره وتقديره للأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر على مواقفه الداعمة لوحدة شعب البحرين واستقراره، مؤكدًا أن هذه المواقف المشرفة ليست غريبة على الأزهر المعروف بالوسطية والاعتدال والانتصار للحق.
وأضاف أن للأزهر وعلمائه دورا رائدا في خدمة الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف عام، منوِّهًا بالدور الحيوي والمهم الذي يضطلع به الأزهر الشريف في العناية بالثقافة الإسلامية الأصيلة وإعلاء قيم التسامح والفضيلة والخير.
وأشاد «حمد» بزيارة الإمام الأكبر الأخيرة لمملكة البحرين، وكلمته التي قال فيها: إن البحرين هي «الوطن الأصيل الذي كان من قديمٍ ملتقى الثقافات والحضارات على مر التاريخ، والذي عاشت فيه المذاهب والعقائد والأفكار المختلفة دون صدام أو صراع، وتعلَّم فيه الإنسان ثقافة التعاون والتسامح والعيش المشترك »، مضيفًا أن الشعب البحريني بمختلف أطيافه ومكوناته يكن للأزهر الشريف وعلمائه كل حب وتقدير، آملًا في أن تكرر زيارة الإمام الأكبر إلى البحرين.
وفيما يلي نص كلمة الإمام الأكبر خلال اللقاء:
«اسمحوا لي جلالتكم أن أعرب عن سعادتي الغامرة بزيارتكم لمصر وللأزهر الشريف: جامعًا وجامعة، وإنه لشرف كبير لنا أن تخصونا بهذه الزيارة العزيزة على قلب علماء الأزهر وطلابه وهيئاته العلمية والتعليمية.. فمرحبًا بكــم -جلالة الملك – في قلب الأزهر الشريف، هذه المؤسسةِ العريقة التي مضى عليها الآن أكثر من ألف عام من عمر الزمان، وهي قائمة على أمانة تعليم الإسلام لأبناء المسلمين، كما أنزله الله تعالى، وكما بلغه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: دينًا ينشر الإخاء والتعارف، ويؤسس للعيش المشترك.. ويدعو الناس إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن.
ولعلي لا أعدو الحق والصواب لو قلت: إن تشريفكم اليوم ليس تقديرًا للأزهر فحسب، وإنما هو تقدير وتكريم لأكثر من مائة دولة من دول العالم الإسلامي في القارات الست، ترسل بأبناءها وبناتها ليدرسوا في الأزهر الشريف علوم الدين والدنيا، ويتخرجون فيه سفراءَ سـلام، ورسلَ هداية، وعلماء عدولًا ينفون عن هذا الدين الحنيف تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويلَ الجاهلين..
وإن هذه الأريحية الملكية التي شملتم بها الأزهر وعلماءه اليوم ليست بغريبة على البحرين الشقيقة، ولا على ملكها الذي جمع إلى فضيلتي العدل والحكمة، بُعدَ النظر وسَعة الصدر، والبصرَ بالملِّمات في إقبالها وإدبارها، والتعاملَ معها بحنكة السياسيّ القدير، والقائد الحازم، والأب الرحيم.
وهي ليست غريبــة أيضًا على شعب البحرين الذي كانت أرضه –وستظل إن شاء الله – مجمعًا للثقافات والأفكار والمذاهب، وبوتقة تنصهر فيها كل هذه التنوعات، وتترك بصماتِها على الشخصية البحرينية لتتفرد بالعقلانية واستيعاب التحديات، واستثمارها دائمًا لصالح الوطن وقضاياه الكبرى.
والأزهر الشريف، إذ يقدر البحرين الشقيقة تقديرًا خاصًا لما لها من منزلة خاصة في التراث الإسلامي وخصوصية في الثبات على الإسلام، ودعمه ومساندته منذ أيامه الأولى في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم-على ما يتبين للباحث في كُتب السيرة والسُّنَّة.. إن الأزهر إذ يقدر كل ذلك فإنه اليوم يقف داعمًا لوحدة شعب البحرين واستقلالِ إرادته، وعدمِ التدخل في شئونه الداخلية..
والأزهر إذ يعلن ذلك فإنه لا يتحدث بلغة السياسة ولا يَسْلك في دروبها، فهو بحكم مسئوليته الدينية والتاريخية بعيد كل البعد عن هذا المجال الذي يدعه لأهله وفُرسانه وقادته، ولكن الأزهر مسئول في المقام الأوَّل عن التصدِّي للأصوات المنكرة التي تعبث بأمن البلاد والعباد، وتلبس في الوقت نفسه ثوب الإسلام زورًا وبهتانًا، وتخدع الجماهير الطيبة بفتاوى بعضِ العمائم، التي تدعو إلى تقسيم الولاء للأوطان وتوزيعه، وترسيخ الانتماء إلى قوى خارجية تتربَّص بالأُمَّة، وتزرع الفتنة والشقاق والتشرذم بين أبنائها.
فالولاء للوطن من مقاصد الشريعة الإسلامية، وأصلٌ من أصولها، وكفى أن شريعتنا تعلمنا أن من مات دون أرضه أو دون عرضه أو دون ماله فهو شهيد، بل من مات غريبًا عن أرضه ووطنه فهو شهيد كذلك، وفي ذلك ما فيه من الدلالة القاطعة على حرمة الأوطان وقدسيتها.. وأن الاستشهاد في سبيلها استشهاد في سبيل الله.
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى -ملكَ البحرين
سـعد بكم الأزهـر الشريف، وسعدت مصرُ وشعبها بهذه الزيارة الكريمة، المفعمةِ بالمحبة والأخوة، والتي جاءت لتؤكد على رسوخ العلاقات بين شعبي البلدين العريقين الشقيقين: مصر والبحرين».