شارك صاحب السمو الأمير خالد بن فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية والسفير غير المقيم في سوريا اليوم الثلاثاء 19 رجب 1437هـ الموافق 26 ابريل 2016م ، بحضور مؤتمر “خطاب الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي”، الذي انطلقت فعالياته تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة ريم علي، بتنظيم مشترك بين معهد الإعلام الأردني ومعهد الصحافة النرويجي.
حيث بحث المؤتمر تأثير ثورات الربيع العربي في تأجيج أشكال التعصب والعنف السياسي والمذهبي، واغراء شباب من دول البلقان للمشاركة في القتال بين صفوف المنظمات الإرهابية
وناقش المشاركون في المؤتمر ، التحولات التي تشهدها المجتمعات العربية وعلاقتها مع وسائل الإعلام تحديدا، وأهمها الحد من تحول الإعلام إلى منصات لنشر خطاب الكراهية والتحريض، والحد من اختطاف الإعلام من قبل الأجندات السياسية.
وقال عميد المعهد الدكتور باسم الطويسي في كلمة بالمؤتمر الذي تستمر فعالياته غدا الأربعاء، في فندق جراند ميلينيوم ، “يرسخ انعقاد هذا المؤتمر التوافق المشترك على تطوير مهنية الإعلام والابتعاد به عن كل أساليب التحريض وثقافة الكراهية، وإن المؤتمر يأتي وسط حالة من القلق والفوضى وعدم الاستقرار تشهدها المنطقة العربية وتعكسها وسائل الإعلام بتعبيرات متعددة“.
وحذر الطويسي من مستقبل قاتم ينتظر المنطقة العربية إن لم يتم الارتقاء بمستوى الحرية المتاحة لوسائل الإعلام العربي، مشدداً على انه كلما كان الإعلام يتمتع بالحرية والاستقلالية كلما نجح في التأسيس لقيم الحرية والعدالة والديمقراطية والإنسانية.
وذكر بأن العالم يحتفل الأسبوع المقبل باليوم العالمي للحرية الصحافية، بينما منطقتنا أصبحت تمثل ثقوباً سوداء، ونخشى أن نصل إلى يوم تصبح فيه منطقتنا ترزخ تحت ركام الكراهية والتعصب.
وأضاف “لعل أبرز أهداف المؤتمر تتمثل في فهم العلاقة بين وسائل الإعلام المحترفة ووسائل التواصل الاجتماعي في مجال نشر خطاب الكراهية والتنبيه إلى أننا بحاجة إلى المزيد من الوعي كي لا نصل إلى يوم تصادر فيه حريات التعبير – المحدودة- تحت وقع سياط خطاب الكراهية“.
أما ممثل معهد الصحافة النرويجي فروده ركفيه، فأشار إلى أهمية حرية الصحافة والتعبير في تأسيس قاعدة ديمقراطية في المنطقة.
وقال:”أن معهد الإعلام الأردني استطاع تحقيق انجازات مهمة على صعيد نشر المعرفة بالمعايير المهنية في ممارسة الصحافة الجادة.
وضرب مثالاً من المجتمع النرويجي، على الأهمية المناطة بالصحافة لمناهضة الكراهية، من خلال تغطيتها للممارسة الديمقراطية، قائلا: “كل سنة لدينا في النرويج تصويت بالبرلمان على نظام الحكم الملكي، وفي كل مرة نجد أقلية ترفض الحكم الملكي، وهذه الأقلية تتعرض لانتقادات ممزوجة بالكراهية“.
واضاف “قصة مهاجرة من أصول باكستانية استطاعت أن تبرز في الحياة السياسية في النرويج وأن تشغل المنصب القيادي الثاني في الحزب الحاكم، ورغم أن هذه المرأة يمكن أن تصبح رئيسة وزراء في النرويج في يوم من الأيام، إلا أننا نجد بعض الوسائل الإعلامية التي تنقل وتحرض على الكراهية وتنعت هذه السياسية ذات الأصول الباكستانية بأوصاف غير لائقة وتطالبها بالعودة إلى الأدغال والغابات من حيث أتت!”.
وفي حفل الافتتاح، قال الأمين العام السابق للاتحاد الدولي للصحفيين، المتحدث الرئيس في المؤتمر، رئيس الشبكة الدولية للصحافة الأخلاقية ايدن وايت: “هناك ضحايا مدنيون يسقطون كل يوم نتيجة تأجيج وسائل الإعلام لخطاب الكراهية، وهو ما دفعنا للانتباه إلى هذه المأساة ووجوب التصدي لها“.
وتساءل وايت: ما الذي يجب علينا فعله وما الذي يجب على وسائل الإعلام فعله، لكي نوقف هذه المأساة؟ وشدد على أن الصحفي ليس حراً ولا يحق له أن يقول ما يشاء، بل إن حريته مقيدة، ومشروطة بالتعبير ضمن القيم الأخلاقية، وإن كنت صحفياً بحق، فعليك أن تكون مسؤولاً عما تكتبه، ولا يحق لك التعبير كما تشاء، بل يجب أن تعمل في إطار من المبادئ والقيم والأخلاق، وأن تبني قصتك الإخبارية بالاعتماد على الحقائق وليس الإشاعات.
وذكَّر بما نجم عن خطاب الكراهية من مآس في حقبة تسعينيات القرن الماضي، من جرائم حروب بشعة في البلقان وفي رواندا وما صاحبها من صور فجة للكراهية في الإعلام برزت على شكل معادة الإسلام (الإسلام فوبيا)، ومناهضة السامية وتأجيج قيم العنصرية المبنية على الكراهية للعرق واللون وكراهية المهاجرين واللاجئين، وغيرها من القضايا الأخرى مثل المساواة بين الجنسين ومشاكل الشذوذ.
وعلى صعيد الجلسة الصباحية التي أدارها الدكتور حلمي ساري، تحدث الدكتور صبري ربيحات، من مركز الشمال والجنوب للحوار والتنمية في ورقة بعنوان: “العدالة الاجتماعية وخطاب الكراهية في الإعلام الرقمي والاجتماعي”، إن تأثير خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي على الأمن المجتمعي، يمثل مشكلة (اجتماعية – إعلامية) معاصرة، غدت تزعزع السلم الاجتماعي، من عدة أبعاد تحريضية وتعبوية وآيديولوجية.
وأضاف كلما تعددت المصالح، وأطلقت الرغبة لتبرير الكراهية، ازداد التفاعل، مشيرا إلى أن هناك خطاب كراهية على مستوى العالم يرتكز على الأثنية والطائفية، والنظر الى الآخر على أنه السبب، مشيراً إلى أن غياب العدالة وعدم توفر الفرص المتساوية يساهم في انتشار الكراهية.
وقدم من مركز كوسوفو للدراسات الأمنية، اسكندر بيرتشي ورقة تطرق فيها إلى أثر الانتشار السريع لثورات الربيع العربي في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والصراع في سورية والعراق على دول البلقان وتوجه المئات من مواطني هذه الدول للمشاركة في القتال إلى جانب المنظمات المتطرفة، مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وأوضح أن من بين الدوافع الرئيسة لانتشار التطرف في كوسوفو هو أن تنظيم “داعش” ينشط بشكل واسع في الإعلام الاجتماعي وينتج أشرطة فيديو باللغة الألبانية لتحريض المواطنين على الانضمام إلى النزاع في سورية.
وفي ورقة بعنوان “دور الإعلام الرقمي والاجتماعي في إنتاج وإعادة إنتاج الهويات الضيقة والقاتلة”، قال الدكتور عبدالحكيم الحسبان، من جامعة اليرموك: ” إن خطاب الكراهية والعنف، يرتبط على الدوام بعمليات ملازمة لإنتاج الهوية التي تستند إلى جدلية القطع والاستمرارية في خلق خيوط التواصل بين الأنا ومجموعة محددة من البشر، وفي خلق خطوط القطع مع مجموعات أخرى“.
واوضح أن الدور الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تؤثر على بناء الهوية في الأردن، سواء كانت هوية عشائرية أو مناطقية أو طائفية، وأن الخطاب الإعلامي يسهم في إنتاج الهويات الضيقة التي تتصارع في ما بينها“.
أما الورقة التي قدمها الصحافي جان دامور أهيشاكي من صحيفة كيغالي بعنوان “الخبرة الرواندية مع خطاب الكراهية”، فقد عرض فيها لتفاصيل مقتل مليون شخص في الحرب الأهلية عام 1994، وكيف ساهمت وسائل الإعلام كثيراً في نشر الكراهية، موضحاً أن تصريحات رسمية كانت تصف اللاجئين بأنهم “صراصير وأشباه بشر” وأن وسائل الإعلام تورطت في نشر وتكرار هذه المفردات، ما ساهم كثيراً في إذكاء الكراهية.