يصل العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، اليوم الخميس، إلى القاهرة في زيارة تعتبر الأولى للملك سلمان ، منذ مبايعته ملكًا للمملكة العربية السعودية خلفًا للعاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في يناير 2015.
ومن المنتظر ان يكون عبد الفتاح السيسي في استقبال خادم الحرمين الشريفين في مطار القاهرة، ليستهل سلمان زيارته بمحادثات مع عبد الفتاح السيسي، تتناول موضوعات سياسية مهمة، فضلاً عن التعاون الاقتصادي بين البلدين.
واستعدت القاهرة لاستقبال سلمان، بترتيبات مُدققة، واستقبلت أمس وفداً يضم أكثر من 120 مسؤولاً سعودياً للإشراف على الترتيبات النهائية لجدول الزيارة، التي تلقى اهتماماً رسمياً وإعلامياً وشعبياً غير مسبوق.
وإضافة إلى حضور سلمان وعبد الفتاح السيسي توقيع عدة اتفاقات وبروتوكولات بين البلدين، من المقرر أن يتفقد خادم الحرمين الشريفين عدة مشروعات إنمائية بتمويل سعودي في مناطق عدة في مصر، وسيرافقه عبد الفتاح السيسي في بعض جولاته.
برنامج الزيارة
قال علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن خادم الحرمين الشريفين “سلمان بن عبد العزيز” سيبدأ الخميس زيارته إلى بلده الثاني مصر ضيفاً عزيزاً عليها، مؤكداً على أن مصر لن تنسي لجلالة سلمان بن عبد العزيز مواقفه المُقدّرة والمشرفة إزاء مصر وشعبها.
وأضاف يوسف في بيان له أن الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي تشهد ترحيباً كبيراً من جانب مصر قيادةً وحكومةً وشعباً، لاسيما وأنها تعكس خصوصية العلاقات المصرية السعودية وما يجمع بين الشعبين الشقيقين من روابط تاريخية وثقافية راسخة وتاريخ مشتركٍ ومصيرٍ واحد.
وأضاف المتحدث الرسمي أن مصر تولي أهمية كبيرة لزيارة العاهل السعودي، والتي من المقرر أن تستمر لمدة خمسة أيام، خاصةً وأنها الزيارة الأولي التي يقوم بها سلمان بن عبد العزيز إلى مصر منذ توليه مقاليد الحكم، وتُمثل تتويجاً للعلاقات الأخوية الوطيدة التي تجمع بين البلدين. كما يتزامن توقيت الزيارة مع تعرُض المنطقة لتحديات كبيرة في ضوء ما يمر به عدد من الدول العربية من اضطرابات وما تواجهه من أزمات، وهو ما يؤكد أهمية مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين مصر والمملكة العربية السعودية حول مختلف الملفات الإقليمية بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن ما تشهده العلاقات المصرية السعودية من تميز على جميع المستويات يُشكل درعاً لحماية المصالح العربية ويضرب مثلاً للعمل العربي المشترك، مشيراً إلى ما يساهم به التشاور وتبادل الزيارات رفيعة المستوى في تعزيز هذه العلاقات وتنميتها والارتقاء بها.
وذكر علاء يوسف أنه من المنتظر أن تتناول المباحثات بين عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن التنسيق والتعاون على جميع الأصعدة بين البلدين في مواجهة ما يتعرض له الأمن القومي العربي والخليجي من مخاطر إقليمية وخارجية. كما ستستأثر موضوعات التعاون الاقتصادي بين البلدين بجانب كبير من المباحثات، وذلك في ضوء حرص الجانبين على دعم وتوثيق العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وأوضح المتحدث الرسمي أنه من المقرر إجراء مراسم الاستقبال الرسمي اليوم لجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، تليها جلسة مباحثات بين الجانبين. وسوف يعقد عبد الفتاح والعاهل السعودي جلسة مباحثات ثانية يوم الجمعة، يعقبها حضور مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين.
كما سيشمل برنامج زيارة جلالة الملك عدة زيارات ومقابلات مع كبار الشخصيات والمسئولين المصريين، بالإضافة إلى عقد لقاء مع أعضاء مجلس الأعمال المصري السعودي.
ومن المنتظر أن يزور خادم الحرمين الشريفين الأزهر الشريف، حيث يستقبله شيخ الأزهر أحمد الطيب وأعضاء هيئة كبار العلماء.
وقال وكيل مشيخة الأزهر عباس شومان لـصحيفة “الحياة” إن سلمان سيتفقد خلال زيارته للأزهر أعمال الترميمات التي تتم في الجامع الأزهر وبعض المشروعات الأخرى التي تُنفذ بنفقة سعودية، لافتاً إلى أن السعودية نفذت ترميماً شاملاً للجامع، وترميماً للمشيخة القديمة، فضلاً عن إنشاء مبنى لقناة الأزهر وتطوير مطبعة المصحف، كما تكفلت المملكة بإنشاء مدينة كبرى للبحوث الإسلامية للطلاب الوافدين، وإنشاء بعض المباني السكنية في المدينة الحالية، إضافة إلى إنشاء عدة مبان لتوسعة كليات في الجامعة. وقال شومان: “كل هذه المشروعات تمت وتتم بنفقة سعودية، تنفيذاً وإشرافاً، ويُسعدنا تفقد الملك سلمان لتلك الأعمال”.
كما يزور خادم الحرمين الأحد المقبل البرلمان المصري، في زيارة هي الأولى له للبرلمان المصري.
وقال وكيل البرلمان سليمان وهدان انه “من المُحتمل أن يُلقي خادم الحرمين خطاباً في البرلمان خلال تلك الزيارة التاريخية والاستثنائية التي تأتي تجسيداً حقيقياً للعلاقات القوية بين البلدين”، واصفاً الملك سلمان بأنه “قامة وقيمة عربية كبيرة»”.
وأشار إلى أن حضور خادم الحرمين إلى البرلمان المصري في أول دور انعقاد له بعد ثورة 30 يونيو2013 “له دلالة خاصة ودعم لموقف مصر ومباركة لاكتمال خريطة الطريق، كما أن للزيارة مدلولاً إقليمياً ودولياً”.
ومن المنتظر أن يتفقد الملك سلمان بعد زيارة البرلمان في وسط القاهرة أعمال تطوير مستشفى قصر العيني الفرنسي التي تتم بتمويل سعودي.
وتفقد وفد من مراسم رئاسة الجمهورية ومسؤولين سعوديين مبنى البرلمان المصري من أجل وضع اللمسات النهائية لاستقبال الملك بمراسم رسمية.
زيارة اقتصادية سياسية
ولزيارة سلمان لمصر شقان: اقتصادي وسياسي. وقال مسئول سياسي لصحيفة “الحياة” إن تلك الزيارة ستشهد محادثات على مستوى القمة، وبين كبار المسؤولين في الدولتين، حول القضايا الإقليمية المهمة، مثل سورية والعراق وليبيا واليمن والدور الإيراني “المُعوق” في كل تلك الملفات.
وأضاف: “من المنتظر أن تشهد المحادثات طرح وجهتي نظر البلدين إزاء التعامل مع تلك الملفات والتدخلات الدولية والإقليمية في المحيط العربي، علماً بأن مصر والسعودية متفقتان على ضرورة الحفاظ على وحدة دول الإقليم». وأضاف: «من الأمور المهمة في تلك الزيارة أنها تدحض أي حديث سلبي عن العلاقات بين القاهرة والرياض، فجدول الزيارة وجولات الملك في مصر، ستُظهر عمق العلاقات بين البلدين”.
أما على الصعيد الاقتصادي، فمن المقرر أن يشهد خادم الحرمين الشريفين وعبد الفتاح السيسي مراسم التوقيع على 24 اتفاقاً ومذكرة تفاهم تم ترتيبها في إطار مجلس التنسيق المصري – السعودي، الذي يعقد اجتماعه السادس بالتزامن مع الزيارة. وسيوقع الصندوق السعودي للتنمية مع وزارة التعاون الدولي 12 اتفاقاً ومذكرة تفاهم تتعلق بمشروعات للتنمية في شبه جزيرة سيناء بقيمة تصل إلى نحو 1.5 بليون دولار، من بينها مشروع إنشاء جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز في مدينة الطور في جنوب سيناء، بتكلفة تصل إلى نحو 300 مليون دولار، وهي الجامعة التي يُنتظر أن تُفتتح في 2018.
قلادة النيل
قالت صحيفة ” القبس” نقلا عن مصدر حكومي مسئول أن عبد الفتاح السيسي سيقلد العاهل السعودي “قلادة النيل” (أعلى وسام مصري) تكريماً لجهوده ودوره على الصعيدين العربي والإسلامي، ودوره المهم في تعزيز العلاقات بين البلدين.
ويترأس القائدان اجتماعات مجلس التنسيق المشترك، حيث سيشهدان توقيع 21 اتفاقية تعاون مشترك، تبلورت خلال اجتماعات سابقة لمجلس التنسيق، وتشمل 3 مجالات، تتضمن مشروعات تمويل تلبية احتياجات مصر من المشتقات البترولية لمدة 5 سنوات، وتوقيع مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات السعودية في مصر ضمن حزمة الاستثمارات التي أقرها الملك سلمان، بقيمة 3 مليارات دولار.