أكد أ.د. عبدالرحمن بن محمد عسيري أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن هناك فرقاً بين أن يكون الشخص وطنياً أو مجرد مواطن، فالفرق بين الاثنين أن الفرد بمجرد انتمائه إلى جماعة أو دولة أو قبيلة يعد مواطناً ومنتمياً لذلك الكيان تلقائياً، لكن إذا لم يعمل على تفعيل هذا الانتماء وتغليب مصلحة الكيان على مصلحته الشخصية؛ لا يمكن أن يتحقق مفهوم الوطنية.
وقال عسيري خلال ندوة “سبل تحصين الوحدة الوطنية”، التي نظمتها اللجنة الثقافية لمعرض الرياض الدولي للكتاب (أمس) الثلاثاء، وأدارها أ.د. خالد بن عبدالعزيز الشريدة أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم، إنه إذا استطعنا تغليب مصلحة الوطن بكافة شرائحه وطوائفه ومكوناته على مصالحه الشخصية أو مصلحة الطائفة أو القبيلة التي ينتمي إليها ستختفي الكثير من السلوكيات السلبية التي يمارسها بعض أبنائنا تجاه مدخرات الوطن ومكتسباته، وعليه أن يعلم كل منهم أن هذه المنجزات هي ملك له باعتباره مواطناً، وليس كما يردد البعض “حلال الدولة”.
وأكد على أن التنوع الثقافي هو إثراء للوطن، وتمازج وتعايش هذه المكونات الثقافية هو صمام الأمان للوحدة الوطنية، ويجب ألا يكون التنوع الثقافي والاجتماعي والقبلي والمذهبي لمكونات الوطن موضعاً للتنافر؛ بل وسيلة للتكامل.
وعن محور التعليم، قال أ.د. عبدالرحمن عسيري “يجب علينا إعادة هيبة المعلم، باعتباره قدوة يحتذى به، ليستطيع غرس قيم الوحدة الوطنية”، مستعرضاً في هذا الصدد تجارب دولية في تعزيز قيم المواطنة في مصر، وماليزيا، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا.
ومن التعليم إلى الإعلام، تحدث رئيس نادي نجران الأدبي الأستاذ سعيد آل مرضمة عن ثلاثة عوامل مؤثرة في الإعلامي، وهي القبلية، والطائفية، والتعصب الأعمى.
ودعا الإعلام السعودي إلى أن يقف وقفة غير الأيام الماضية، وأن يوضح الحقائق الذي قد يغفل عنها الكثيرين، ويرد على ما يوجه نحو المملكة.
ووضع آل مرضمة عدة مقترحات لتعزيز دور الإعلام في تحصين الوحدة الوطنية، منها تبني مشروع توعوي شامل يشارك فيه الإعلام بكافة أنواعه (المقروء والمرئي والمسموع)، إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي، للعمل على الرد على كل ما يفرق الوحدة الوطنية، وكذلك التركيز على فئة الشباب التي تمثل أكثر 65% من سكان المملكة، وأن تكون البرامج أكثر قرباً منهم، تستغل منصات التواصل الاجتماعي المؤثرة في أفكارهم والقريبة منهم.
كما اقترح تبني برامج تعزز روح المواطنة وتحارب الطائفية والتكفير، وعقد شراكات مع المؤسسات التعليمية والدينية لتعمل معاً متكاملة بوتيرة واحدة، واستغلال الوهج الذي ينعم به الإعلام الالكتروني وترويضه لتحقيق أهداف الوطن، ثم الحد من الصحف الالكترونية غير المرخصة، مشيراً إلى إحصائية تبيّن تجاوز أعداد الصحف الالكترونية حاجز 2000 صحيفة، منها 650 فقط مرخصة من قبل وزارة الثقافة والإعلام، مشيراً إلى أن الصحف غير المرخصة والتي لا تخضع لرقابة الوزارة تفتقر معظمها إلى المصداقية، وتزعزع علاقة الفرد بوطنه، وتدفع بالشباب إلى التطرف.
وفي محور الوحدة الوطنية ومواجهة الطائفية، تحدث الأستاذ محمد محفوظ، الكاتب في صحيفة (الرياض)، عن التعدد والتنوع الثقافي، والذي وصفه بـ”الثروة الوطنية”، مشدداً على ضرورة التعامل معه باعتباره ليس عيباً؛ بل حقيقة شاخصة في كل المجتمعات؛ فالله سبحانه وتعالى خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، ونتكامل، لا لنختلف ونتخاصم ونتنافر.
وعزا سبب المعضلة الطائفية إلى التعامل الخاطئ مع التنوع والتعدد في المجتمع، والذي وصل بمجتمعات أخرى إلى نتائج كارثية زعزعت أمن واستقرار .