أكد صاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية أن الهيئة حققت على مدى 30 عامًا العديد من الانجازات في مجال عملها الوطني المعني بحماية البيئة الوطنية ومكوناتها، ومن ذلك إجراء الدراسات والأبحاث العلمية لإعادة توطين حيوانات : المها، والوضيحي، والغزال العربي وإكثارها في المناطق المحميّة في المملكة، وسن القوانين والأنظمة التي تحافظ على التنوع الأحيائي في المملكة، مشددًا على أن المواطن هو الشريك الأول للهيئة، وبدونه يصعب تحقيق نجاح برامج الهيئة الوطنية على الشكل الذي تطمح له.
جاء ذلك في كلمة سموه التي أدلى بها اليوم في اللقاء المفتوح مع الإعلاميين الذي عقد اليوم بمقر الهيئة في الرياض بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للحياة الفطرية.
وأشار سموه إلى أن الهيئة لازالت تتطلع إلى تحقيق المزيد من الجهود في سبيل المحافظة على مكونات الحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية التي تحظى برعاية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد – حفظهم الله -، مبينًا أن المملكة ولله الحمد تملك العديد من الثروات الطبيعية التي تضم صورا متنوعة من التنوع الأحيائي البديع.
وقال سموه : لابد من الحفاظ على التوازن الأحيائي في البلاد، وتحقيق الاتزان المتناغم بين مخلوقات الله التي خلقها المولى عز وجل في هذا الكون الواسع، وإذا اختلف هذا التناغم اختلفت الحياة وتضرّر منها الإنسان، وإذا استخدمت الاستخدام الحسن ستعود بالخير بإذن الله على الجميع.
وأضاف سموه : الحياة بمكوناتها الطبيعية لا يمكن أن نعيش فيها بدون هذا التنوع الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، والإنسان هو محور هذا التنوع الأحيائي، وهو الذي استخلفه الله في الأرض وأعطاه العقل ليميّز ويعرف كيف يستثمر المخلوقات الأخرى في سبيل ديمومة حياته بشكل منضبط وليس لمجرد الترفيه أو الجماليّات التي تعد مخالفة للشريعة الإسلامية.
ونوه سموه في ذلك الصدد بتعاون العديد من القطاعات الحكومية مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وقال: للهيئة شركاء نجاح في عملها مثل : وزارة الداخلية المسؤولة عن نظام تطبيق نظام الصيد وحماية حدود المملكة من التهريب عن طريق قطاع حرس الحدود، ووزارة الزراعة المسؤولة عن نظام الغابات والمراعي وهو في صميم الحياة الفطرية واستثمار الثروات المائية كالشعب المرجانية، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة المسؤولة عن نظام المناخ والتلوث في البحر أو الجو أو البر، ووزارة الشؤون البلدية والقروية المسؤولة عن الأسواق وتنظيم الاتجار بالكائنات الفطرية، ومصلحة الجمارك العامة التي تكف الاتجار بالكائنات الفطرية وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة، ووزارة التجارة والصناعة المكلفة بإعطاء الرخص للشركات العاملة في مجال الحياة الفطرية.
ولفت النظر إلى الهيئة السعودية للحياة الفطرية سنت منذ تأسيسها العديد من الأنظمة لحماية الحياة الفطرية في المملكة ولاتزال إلى الآن تسن القوانين والأنظمة بغية الحفاظ على التنوع الأحيائي في البلاد، وتكثف تعاونها مع الجهات المحليّة والعالمية في سبيل تعزيز ذلك العمل، مع الاستفادة من الخبرات الأجنبية، وتوقيع الاتفاقيات الدولية في ذلك المجال.
وأفاد سموه أن للمواطنين دور كبير في حماية الحياة الفطرية من منطلق الوطنية التي تجمع أبناء المملكة، لكن مهمة الهيئة أصعب في ظل التقدم التقني في مختلف أجهزة الاتصالات والصيد التي جعلت بعض البشر يتعامل بشكل سيئ مع مكونات الطبيعة المحلية.
ودعا سموه إلى ضرورة تطبيق الأنظمة التي تكفل بعون الله تعالى حماية الحياة الفطرية في المملكة ومنع التعدي عليها، وأن يكون الجميع واعيًا في التعامل مع الثروة الطبيعية التي تملكها البلاد، ويهتم بالبيئة المحلية ومكوناتها من الصحاري، والجبال، والأودية، والبحار، وما تضم من مخلوقات الله كالحيوانات، والطيور المحلية والمهاجرة، والأسماك، لأن خيرها يعود بعون الله تعالى على الإنسان.
ومن جهته، ألقى مدير إدارة التراخيص في الهيئة السعودية للحياة الفطرية بندر بن إبراهيم الفالح، كلمة أستعرض في ثناياها بنود اتفاقية “سايتس” التي تعد إحدى الاتفاقيات الدولية التي تهتم بتنظيم الاتجار الدولي للفطريات المهدّدة بالانقراض والحيوانات والنباتات، وتم التوقيع عليها في 3 مارس عام 1973م ، وعدد أعضائها 182 دولة، بمن فيهم المملكة التي أنظمت إليها عام 1996م ممثلة في الهيئة السعودية للحياة الفطرية.
وأضاف الفالح أن اتفاقية “سايتس” تضم في ملاحقها أكثر من 35000 نوع حيواني ونباتي، مخصصة للكائنات التي يمنع استخدامها بشكل تجاري أو ربحي، والكائنات التي يسمح استخدامها وعددها 34590 كائنًا حيوانيًا ونباتيًا، مبينًا أن الهيئة السعودية للحياة الفطرية تعمل مع شركائها لمراقبة حركة الاتجار للكائنات الفطرية في المملكة سواء داخل أسواقها أو على منافذ حدودها.
وخلال اللقاء ألقى مستشار سمو رئيس الهيئة السعودية للحياة الفطرية الدكتور يوسف بن صالح الحافظ محاضرة بعنوان ” التنوع الأحيائي وكيفية المحافظة عليه”، تناول فيها تنّوع الكائنات الحية سواء كانت نباتية أو حيوانية أو دقيقة، مفيدًا أن مفهوم التنوع يشمل كذلك الأنظمة البيئية، وتنوع البيئات واختلافها، بوصفها منظومة متكاملة والإنسان جزء منها.
ودعا الدكتور يوسف الحافظ إلى تغيير مفهوم الحفاظ على البيئة من الحفاظ على نوع معيّن من الكائنات إلى الحفاظ على البيئة بشكل الكامل،
بحيث يكون مفهومًا شموليًا يخدم الإنسانية ويحقق الرفاهية للبشرية جمعاء، وتخفيف التدهور والضياع في بعض المواقع البيئية التي لايصونها الإنسان.
كما دعا المجتمع الدولي إلى العمل سويًا من أجل تحقيق الخدمات والسلع التي يقدمها التنوع الإحيائي في الطبيعة وفق الاتفاقية الدولية الخاصة بها، مشيرًا إلى أن الهيئة السعودية للحياة الفطرية أوجدت لجنة للتنوع الأحيائي في المملكة تضم عددًا من القطاعات الحكومية لإنجاح مهامها في حماية التنوع الأحيائي لأن كل جهة لها دور كبير في هذه المهمة، ومعها لجان متخصّصة تدعم المهام الرئيسة للجنة، وأصدرت الهيئة إستراتيجية لإتمام هذا المشروع الوطني داخل المناطق المحمية وخارجها.
وجرى خلال اللقاء الإعلامي تلقي استفسارات الحضور وأسئلة الصحفيين حول دور الهيئة السعودية للحياة الفطرية في الحفاظ على البيئة المحلية ومكوناتها، وما يمثله اليوم العالمي للحياة الفطرية من أهمية لدعم هذا التوجه.