Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
Author picture

 

الأسرة هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع حين تنعم بالأمان والاستقرار، وتعتمد في حياتها على التخطيط السليم ، وهي المساهمة الفعــــالة في كل النشاطات الاجتماعيـة والاقتصادية والروحية والفكرية ، وبصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفســد. إن مسؤولية بناء هذه الأسرة والحفاظ عليها تقـــع على عاتـــق الرجل والمرأة اللذان يقـــودان مركب الحـــياة الأسرية ويــرسمان مستقبلها رائدهما العقـــل والرويَّــة حتى لا يتعرض مركب الأسرة للغرق ، وهنا لابد من أن يتسلح كل من الرجل والمرأة على حدٍ سواء بثقـــافة الادخار التي تشـكــل الدعامة الأساسية للأسرة والمجتمع لأنها ثقافة الاستقرار والضمان والعيش الرغيد في الحاضر والمستقبل ، وكما يقال : (الزمن صديق المدَّخرين وعدو المسرفين المبذرين ) ونجد صدى هذه الثقافة في المأثور عن سلفنا الصالح : (خبِّــئ قرشك الأبيض ليومـك الأسود ).

حكمةٌ بالغةٌ تدعمها التجربة ويؤكدها المنطق ، فالنفس مجبـــــولة على حب امتلاك كل ماتراه العين ويستحسنه الذوق، ولكن هيهات …فالوارد لا يحقق ذلك سيمــا وأن الإغراءات التي تطرحها الأسواق تستجر المشترين وخاصةً النساء إلى المزيد من الصرف إضافةً إلى آفـــاتٍ أخرى تتمثل بالتقلــــيد الأعمى والمباهاة مع الأخريات من منطلق (( ما حــــدا أحسن من حــــدا )) وبذلك تقــع الأزمات المــالية التي تجرنا إلى الاقتراض أو الائتمان الذي يثقل كاهل الأسرة ويؤثر على سعادتها .

أما إذا تسلح الرجل والمرأة بثقافة الادخار، فإنها يحميان الأسرة من الوقوع في شرك الأزمات المالية وذلك باتباع سياسة منطقية تقــوم على التخطيط السلــــيم والمبرمـــــج والمدعم بالتنفيذ الصحيح وبذلك يقضيان على شهيّة الإنفاق والاستهلاك العشوائي الذي ينخَـــر في جسم الأسرة وكيان المجتمع ويعطـِّلهما ، وتبـدأ هــــذه السياسة مـــن عقـــــد الزواج؛ وللمرأة قصب السبق لأنها الأقدر والأنسب في مسألــــة الادخــــار والاقتـصاد والتوفير مما يجعلها مــوضع ثقة وتقدير من قبل الرجل .

ولا شك أن البعض يطرح مفـــــاهيم خاطئة في ثقــــافة الادخار ، يرى أنها مسألة غير منطقية بحجة أن الدخـــل لا يتماشى مع المصروف، وارتفاع الأسعار وكـلفـــة التعــليم الباهظة التي تشكل عوائـق أمام تحقيق الادخار ، والبعض يعتبر الادخار بخلٌ وحرمان من ملذات الحيـــاة من منطلق (اصرف ما بالجيب يأتيك ما في الغيب )، ولكن الحقيقة تقول غير ذلك تقــول: إن الادخار سياسةٌ عقلانيةٌ وضمان لمستقبل الأسرة والمجتمع ووسيلة ٌ لتحقيق الراحة النفسية واحتياطٌ واجب لمواجهة ما تخبئه الأيام (وضع صحي – دراسة عليا –سكن ) وعلى هذا الأساس تقع مسؤولية تعميم ثقــــافة الادخـــار على عاتــــق الأفراد والأسر والمؤسسات الخاصة والوطنية كلٌ حسب موقعه من خلال مشروعٍ وطنيٍ يرسِّخ حب الوطن وولي الأمر ويرضي الله تعالى ورسوله الكريم وذلك من خلال : دور الأسرة في تعميق هذه الثقافة في حياة وسلوك الأبناء وتعويدهم على الادخار منـذ الصِّغر(حصالة النقود – حساب المصرف ) والوصول بهم إلى وعي معرفيٍ يحملونه زاداً في حياتهم وسلاحاً يواجهون به مستقبل الزمن .

اعلان

وعلى صعيد المؤسسات الخاصة والوطنية ، يقتضي الأمر إعداد برامج توعــوية تعيد صياغـة سلوك الأفـــراد والجماعات من خلال تنفيذ حملات تثقـــيفية وندوات فكـــرية ومسابقات وحلقات بحث ومشاريع تخـــرج جامعية وتضمين مناهـــج الدراسة ثقافــــة الادخار ( وزارة الإعلام والتربية والتعليم العالي والمالية والاقتصاد-المنابر الدينية)من أجل تأصيل ثقافة الادخار في حياتنا المجتمعية ، إضافةٌ إلى طرح محفزات استثمارية لذوي الدخل المحدود لمواجهة متطلبات الحياة.

وهذا يستوجب تعاون جميع الأطراف لتنفيذ المهمة الوطنية والإنسانية سيّما وأن الواقع الحالي تتوفر فيه كل العوامل المشجعة (دخل – توفر مستلزمات حياتية كاملة –وسـائل إعــــلام وتواصل ـ منجزات تقنية متطورة ) كل ذلك بهـدف غرس قــــيم ومفاهيـــــم إيجابية تسهم في سعادة الأفراد لخلق مجتمعٍ مترابطٍ تسوده المحبة والتـــآخي فاعـلٍ في مجال التقدم ومساهمٍ في ركب الحضارة الإنسانية.

شاركها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى