نظمت جامعة حائل ندوة حول “جهود مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في حماية الفكر ودراسة حالة” شارك فيها من المركز الدكتور علي بن عبدالله العفنان عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، والدكتور خالد أبا الخيل والدكتور محمد المطيري، والعقيد تركي الجلعود (أعضاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة) والأستاذ بدر بن عذال العنزي، والمهندس عبدالرحمن بن عيد الحويطي (عائدون من غياهب الفكر المتطرف)، والتي أقيمت يوم الاثنين 25 صفر 1437هـ، على مسرح مركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لأسبوع الكتاب الرابع والمقام منذ 19 صفر 1437هـ.
وأدار الندوة الدكتور علي العفنان، والذي بدأ حديثه عن تأسيس مركز المناصحة الذي بدأ نشاطه في 2004م كلجان مناصحة بفكرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية، ثم تحوَّل إلى مركز مناصحة في عام 2006م، ثم في عام 2008م أصبح مركز الأمير محمد بن نايف إدارة ولها فروع بمناطق المملكة.
وأكد الدكتور العفنان الدور الريادي الكبير للمركز في استيعاب المتورطين في الفكر المتطرف وإعادة دمجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المناصحة التي نعمل على عدة استراتيجيات ما بين المناصحة ثم التأهيل ثم الرعاية، ومشيرًا إلى أن المركز يتعامل مع من تم إيقافهم أثناء محكوميتهم وإكمال الاحكام القضائية الصادرة بحقهم، ولافتًا إلى أن هناك نسبة من الذين يخضعون لبرامج المناصحة يعودون إلى مناطق الصراع، واستشهد بكلمة ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز عندما قال”لو خضع 100 شاب لبرامج المناصحة، ولم يندمج مع المجتمع إلا شاب واحد، فهذا مكسب للوطن”، موضحًا إلى أن 85 بالمائة من المستفيدين استجابوا لجلسات مركز المناصحة، وأن خروج طائرة خاصة إلى معتقل غوانتانامو لأخذ سجين سعودي يعكس اهتمام قيادتنا الحكيمة على اهتمامها بالمواطن وإعادته إلى جادة الصواب.
وأردف الدكتور العفنان قائلًا: يستفيد من برامج مركز المناصحة الموقوف وذويه، وذوي المطلوبين وذوي الهالكين، كما أن هناك برامج مناصحة نسوية؛ جراء وقوع بعض النساء في هذا الفكر الضال، ويهتم المركز بتقديم برامج أسوة بالبرامج التي تقدم للرجال، مبينًا إلى أن المركز قدّم 15 ألف جلسة مناصحة، ولا تعني بذلك عدد الموقوفين، إلا أن نسبة من الموقوفين طالبوا بجلسات أكبر للنقاش مع المتخصصين بالمركز.
وكشف الدكتور العفنان عن برامج المركز الذي يقدمها ما بين برامج تعليمية وعلاجية وهدايا للزواج بقيمة 50 ألف ريال وبرنامج للحج للموقوف واثنين من ذويه، كما أن للمركز شراكات في جهات حكومية عدة ومنها، كرسي الأمير محمد بن نايف للدراسات الأمنية في جامعة حائل، وموضحًا أن المركز أقام 2702 فعالية متنوعة داخل إطار المناصحة الفكرية، واستفاد من برامج المركز 3002 مستفيد، مبينًا إلى أن أعمار المجندين ما بين 19 عام وحتى 25 عام، وأن مصير أصحاب هذا الفكر الضال لا تخرج عن قاتل أو مقتول أو مطارد أو في السجن.
وبالمقابل كان عدد أعضاء مركز المناصحة نحو 262 عضو في مركز المناصحة، وحصد المركز على عدة جوائز، وله مشاركات عالمية، وزار المركز عدد من الشخصيات العالمية.
ثم بعد ذلك، حكى بدر بن عذال العنزي (أب لخمسة أطفال) عن تجربته التي خاضها وأثر الأحداث التي جرت في الدول المجاورة خلال دخول القوات الأمريكية للعراق، تحوّل حماسه لنصرة الدين باندفاعه تجاه الخروج إلى مناطق الصراع، والتقاءه بعدد من الأشخاص من أصحاب الفكر الضال، وأحاديثهم الخاصة حول تكفير الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-، كما أنهم كفروا المجتمع، وكفروا والد بدر، حتى إنهم شككوا في ما يرد من علماء المملكة الكبار، ويقدحون في طرحهم المتوازن، حتى صنعوا نموذجًا للأخذ لبعض الشخصيات من جماعتهم المتطرفة للأخذ منها الأحكام الشرعية، وبعدما عزمت على الخروج واستخراج جواز السفر؛ لأحاديثهم حول عدم أهمية الدراسة وكانوا يرددون لنا جزء من حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأنهم أخذوه بالصيحة ودون الاستدلال بالأحاديث الكثيرة التي تعكس سماحة الإسلام، قُبض عليَّ من الجهات الأمنية، وحدثت صدمة نفسية لأبنتي، وبعد خروجي من التوقيف خضعت لجلسات في مركز المناصحة، ولله الحمد اليوم أنا حاصل على درجة الماجستير وأسعى إلى دراسة درجة الدكتوراه.
ثم تحدث المهندس عبدالرحمن الحويطي (أب لثلاثة أطفال ولديه زوجتين) الذي أكد بأن حياته تجددت بعدما خضع لجلسات المناصحة، وعاد بالذاكرة إلى بدايات التحاقه بتنظيم القاعدة في اليمن في عام 2005م، بعدما تأثر بأفكار الخوارج واستماعه للأفلام المسماة بالأفلام الجهادية والأناشيد، التي كانت دافعًا له للالتحاق دون وجود خلفية دينية، ولم أكن أعلم يقينًا بأن خروجي قد يتسبب بالضرر على مجتمعي ووطني.
وكشف المهندس الحويطي أن خروجه كان بكذبه على والديه، وذهب مع أحد الأشخاص إلى مكة لأداء العمرة، ثم خرج لليمن عبر التسلل غير المشروع عبر الحدود السعودية اليمنية، ومضيفًا إلى أنه تدرب بعد وصوله على عدد من المهام العسكرية، وكانت الوجهة الذهاب إلى أفغانستان، ثم فوجئ بأن الوجهة قد تحولت إلى أن يعود إلى السعودية لتنفيذ عملية إرهابية، وهنا بدأ الاختلاف مع قيادات تنظيم القاعدة بأن مجتمعه مسلم، وحاولوا إقناعه ولم يستطيعوا ثم قرر العودة، إلا أنهم أودعوه بالسجن ومزقوا جواز سفره، لأنه رفض قتال رجال الأمن وهددوه بالقتل، ولكن تمكن من الخروج من مقر سجنه، وتاه في الحدود 17 يومًا حتى وصل إلى مركز لحرس الحدود وسلم نفسه.
وأكد المهندس الحويطي إلى أنه بعد توقيفه 15 يومًا للراحة، حقق معه وتم إيقافه سنتين، ثم خضع لبرامج المناصحة، وأكد أنه ناقش المتخصصين حول عدة مسائل شرعية، واستفاد من مركز المناصحة وهو الآن يحمل درجة البكالوريوس ويعمل في جامعة تبوك، ثم كرَّم معالي مدير جامعة حائل الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم، المشاركين.
وقد حظيت الندوة على عدد كبير من الأسئلة والاستفسارات من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس، وطلاب الجامعة الذين ناقشوا عدداً من المسائل المتعلقة بمركز المناصحة وأدواره الريادية التي قدمت للمستفيدين.