ترتبط الأسرة عاطفيًا وماديًا وتعتمد في كيانها على “رب الأسرة”، ويحدث غيابه أو دخوله السجن جملة من المتغيرات الاجتماعية والمادية والنفسية على أفراد الأسرة، تزداد تلك المتغيرات وتقل بحسب الوضع المادي والأسري، وبشكل عام يعاني أسر السجناء الأمرين؛ حتى أن أُسراً كثيرة ضاعت وانحرف بعض أفرادها بسبب شبح الفقر والحاجة الذي يهدد حياة تلك الأسر.
ومع بروز هذه النوعية من المشاكل الاجتماعية يبرز دور لجان رعاية السجناء والمفرج عنهم وذويهم “تراحم” لقدرتها على تطوير البرامج داخل المؤسسات الإصلاحية والسجون، واتخاذ الوسائل الكفيلة برعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم، واتخاذ الوسائل الكفيلة بعدم عودة السجناء إلى الجريمة، فضلًا عن إجراء الدراسات العلمية المتخصصة التي تهتم بشؤون السجناء والمفرج عنهم ورعاية أسرهم وبدائل عقوبة السجن.
وتقدم لجنة تراحم بمنطقة حائل، بالاعتماد على تبرعات وزكوات وهبات أهل الخير خدمات لأكثر من 400 من أسر السجناء وأسرهم والمفرج عنهم، تقدم لهم عددًا من الخدمات في مقدمتها سداد جزء من الايجار السنوي على دفعتين وذلك لكل أسرة، وكذلك مساعدات مالية مقطوعة طوال فترة التوقيف، إضافة إلى السلال الغذائية متعددة الأصناف التي تلبي احتياج هذه الأسر، وسداد فواتير الكهرباء وسداد الإيجارات، فضلًا عن تأثيث المنازل (ثلاجات، غسالات، مكيفات)، وكسوة العيدين والحقيبة المدرسية.
وتستهدف ” تراحم” نزلاء الإصلاحيات والسجون من خلال برامج توعوية وتعليمية وتدريبية والإسهام في تسديد ديونهم ومتابعة حقوقهم، وأسر النزلاء من خلال تقديم الدعم المادي والخدمات التعليمية والصحية والمتابعة لهم وتحفيزهم للعمل المنتج لإيجاد مردود مالي لهم، ومساعدتهم في حل المشكلات والعقبات التي تعترضهم لغياب عائلهم في السجن، والمفرج عنهم من خلال برامج تهيئة للخروج والعودة عضواً صالحاً في المجتمع وتقديم الدعم والمساعدة.
وتنظّم اللجنة بقسميها الرجالي والنسائي خلال شهر رمضان مسابقات لحفظ القرآن الكريم لنزلاء سجن حائل العام ونزيلات مؤسسة رعاية الفتيات بحائل, وذلك ضمن الأنشطة والفعاليات الدينية والثقافية المتنوعة التي تقيمها اللجنة في هذا الشهر المبارك، فضلًا عن برنامج إفطار الصائم.
كما أقامت ” تراحم ” حائل عددًا من المحاضرات التوعوية والتثقيفية والصحية بالسجن العام ودار الفتيات، شملت أمراض السكر والضغط والغدة والقولون وأعراضه وكيفية علاجه، وشاركت في أسبوع النزيل الخليجي الثالث لعام ١٤٣٦هـ، وتوظيف عدد من المفرج عنهم بالتنسيق مع صندوق الموارد البشرية، إضافة إلى “غذاء العيد” بالتنسيق مع الجمعية الخيرية بحائل.
وتبنت لجنة “تراحم” بحائل مؤخرًا خطة استراتيجية للمرحلة المقبلة، قدمها رئيس اللجنة منصور العمار خلال الاجتماع الثاني، حيث تعتمد هذه الاستراتيجية على تفعيل موارد الجنة، وتطويرها، والتعريف بها وتفعيل دورها، وتذليل المعوقات، والعمل على تطوير الأداء، سعيا لتقديم أفضل أوجه الرعاية الممكنة للفئات المشمولة بالرعاية، وهم نزلاء ونزيلات السجون والإصلاحيات، والمفرج عنهم، وأسر السجناء خلال سجن عائلهم.
وسعيًا إلى الوصول إلى أعداد كبيرة من المنتفعين من الخدمات، تعمل اللجنة على تدشين فروع لها في المحافظات التابعة للمنطقة، لتقديم الخدمات للمشمولين في هذه المحافظات، مع استقطاب كفاءات للعمل في اللجنة لدعم برامجها وتفعيل أدوارها، كما تتطلع اللجنة إلى إضافة برامج للتدريب والتوظيف.
لكن “العمار” أكد أن موارد لجنة رعاية السجناء قليلة – فهي تعتمد على تبرعات وزكوات وهبات أهل الخير وليس لها دعم مادي آخر – وحاليا لا تكفي للقيام بالتزامات اللجنة وتحتاج إلى تدعيمها من الجهات المانحة بالقطاع الخاص والموسرين، وفاعلي الخير.