أكدت حكومة المملكة العربية السعودية، أن اقتصادها شهد نمواً كبيراً خلال العقد الماضي في ظل زيادة مضطردة وقوية في الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي تدفع فيه حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- نحو تحقيق مزيد من التنوع الاقتصادي، وبناء وتطوير القطاعات غير النفطية، مبيّنة أنه بالرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعار النفط، إلا أن تنفيذ برامج التطوير والاستثمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية مستمرة بوتيرة مرتفعة وخصوصاً في مجالات البنية التحتية والمواصلات والنقل. جاء ذلك على لسان معالي وزير العمل الدكتور مفرج بن سعد الحقباني خلال كلمته اليوم الخميس في اجتماع وزراء العمل والتوظيف بدول مجموعة العشرين المنعقد حالياً في العاصمة التركية أنقرة خلال الفترة 3-4 سبتمبر 2015م.
ووصف وزير العمل ما يواجهه عالمنا اليوم بـ”التحديات الكبيرة” في مجالات عديدة، وخاصة في الاقتصاد وسوق العمل، على الصعيدين العالمي والوطني، مما يكسب لقاءات المجموعة لهذا العام أهمية كبيرة. وتابع قائلاً: “تزداد الحاجة لمزيد من التعاون والجهود المشتركة، وأن نكون على مستوى الأوطان، ومجموعة العشرين اليوم أكثر إبداعاً من أي وقت مضى في وضع الحلول المبتكرة لمواجهة المتغيرات والتحديات القائمة والمستجدة”.
وعلى المستوى المحلي السعودي، بيًن الدكتور مفرج الحقباني، أن المملكة بدأت خلال السنوات القليلة الماضية في عملية إصلاح شاملة لسوق العمل من خلال إطلاق مبادرات وبرامج عديدة تشمل تطوير التشريعات والأنظمة، لتوليد فرص العمل وتوطين الوظائف، وبرامج التدريب وبناء المهارات، وتوفير الحماية الاجتماعية.
واستعرض معاليه أمام المجتمعين خطوات المملكة في سوق العمل خلال العقد الماضي، الذي شهد نمواً كبيراً في ظل زيادة مضطردة وقوية في الناتج المحلي الإجمالي، ولمواكبة هذا النمو تم التعامل مع التحديات والمتغيرات لسوق العمل، المتسم بعدد من الخصائص منها: أن القوى العاملة في المملكة تضم عدداً كبيراً من العمالة الوافدة التي قامت بدور كبير لسد احتياجات المملكة من الأيدي العاملة الماهرة، التي استلزمتها مسيرة التنمية في البلاد. ولا تزال العمالة الوافدة تمثل جزءاً كبيراً من العمالة في القطاع الخاص، إذ تشكل النسبة الغالبة من العاملين في هذا القطاع.
وعن معدلات البطالة في المملكة أشار د. الحقباني إلى أن نسبة البطالة الإجمالية في المملكة تُعد منخفضة، ولكن عند النظر إلى البطالة بين المواطنين السعوديين فقط، نجد أن النسبة تصل لمستويات مرتفعة نسبياً.
وتحدث معاليه عن نسبة مشاركة المرأة السعودية في قوة العمل، قائلاً: “إن التدابير التي تم اتخاذها مؤخراً أثبتت نجاحاً في دمج المزيد من النساء في سوق العمل، ولا يزال المجال مفتوحاً لزيادة تمكين المرأة السعودية من العمل، وتعزيز مشاركتها في قوة العمل السعودية”، مؤكداً على أن تقليص الفجوة في معدل المشاركة بسوق العمل بين الرجل والمرأة في المملكة كان من بين النقاط الأساسية في خطة التوظيف التي تم تقديمها العام الماضي لمجموعة العشرين في أستراليا، وتحقيقاً لهذا الهدف عملت وزارة العمل على تنفيذ عدد من المبادرات من بينها تطوير مراكز الرعاية النهارية للأطفال، وتطبيق نظام ساعات العمل المرنة، وزيادة إجازة الأمومة وغيرها من المبادرات التي تشجّع على التوسع في عمل المرأة بالقطاع الخاص. وقال: “إن تطبيق هذه المبادرات أدى إلى تحسّن مستمر في وصول المرأة إلى سوق العمل في المملكة ومشاركتها الفعالة في النشاط الاقتصادي، حيث شهدت السنوات الماضية، زيادة كبيرة في عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص، وارتفاع ملحوظ في معدل مشاركتهن في قوة العمل الوطنية”.
وفي إطار المساعي الوطنية لمعالجة قضايا القوى العاملة والتوظيف بشكل عام في السعودية، أكد وزير العمل، أن الوزارة دشنت مشاريع متميزة لتطوير ودعم أداء سوق العمل، حيث يتم حالياً تنفيذ أكثر من 140 مبادرةً، بدءاً من مبادرة “نطاقات” التي تم إطلاقها في عام 2011م لتوطين الوظائف في القطاع الخاص، ومروراً ببرنامج “حافز” لدعم الباحثين عن العمل، ووصولاً إلى بوابة العمل الوطنية التي تعد مظلة جامعة لمختلف فرص وبرامج العمل في المملكة العربية السعودية.
وفي خطوة فريدة تعكس مبدأ الشفافية الذي تنتهجها وزارة العمل، قدم معالي الوزير أمام وزراء العمل بدول مجموعة العشرين التقرير السنوي عن سوق العمل السعودي في نسخته الثانية، الذي يتضمن نظرة عامة عن استراتيجية سوق العمل الجديدة في السعودية، قائلاً: “لقد استفدنا من تجاربنا في تطوير الاستراتيجيات المناسبة لمواجهة التحديات الرئيسية في المملكة، فترسخ لدينا الاهتمام بأمور لضمان نجاح الخطط والاستراتيجيات التي يتم تبنيها ومنها التركيز على جمع وتحليل المعلومات الدقيقة والحديثة كأساس لاتخاذ القرار السليم، والمشاركة الواسعة في طرح ودراسة الأفكار والمبادرات من قبل شرائح المجتمع المختلفة، والموضوعية في بلورة وتحويل الرؤى والأفكار إلى واقع ملموس، وإيجاد مسارات عملية واضحة للتنفيذ، والحرص على ألا تكون هذه البرامج والمبادرات مجرد حبر على ورق، بل خططاً عملية قابلة للتنفيذ على النحو المطلوب لتحقيق النمو المتزن والمستدام والأهداف الموضوعة”.
وفي ختام كلمته عبر معالي وزير العمل مفرج بن سعد الحقباني عن امتنانه للحضور الكريم والمشاركة الفاعلة في هذه الاجتماعات، إذ شكلت تلك المشاركات فرصة للاطلاع على جميع الخبرات التي قدمتها الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والشركاء الاجتماعيين، مما أسهم بشكل كبير في عرض تجارب وخبرات المملكة على جميع المشاركين. كما أعرب عن شكره لجمهورية تركيا على رئاستها المتميزة لهذه الدورة وعلى حسن الضيافة والتنظيم، وتمنى معاليه لجمهورية الصين الشعبية كل النجاح والتوفيق في تنظيم ورئاسة الدورة القادمة لمجموعة العشرين.
وكان وزير العمل والضمان الاجتماعي بتركيا رئيس اجتماعات وزراء العمل والتوظيف السيد أحمد آردم، افتتح الدورة الحالية بكلمة أكد خلالها على أهمية الالتزام تجاه الشعوب، والوعي إلى أن هناك تأثير من قبل بلد إلى الآخر, مشيراً إلى أن أكبر المشاكل التي تواجهنا هي مشاكل عالمية عامة بعيداً عن المشاكل الفردية، وبالذات بطالة الشباب.
وأكد معاليه أنه لابد من ترك المصالح المحدودة جانباً، وأن نتناول المشاكل بمسؤوليات عالمية, والسعي إلى خدمه الانسانية, مبيناً أن مجموعة العمل ستناول الكثير من الأعمال تحت عناوين العلاقات المتبادلة والتنمية والتوظيف والمهارات المهنية, منوهاً إلى أن عملية التوظيف مهمة جداً، وذلك من أجل وضع السياسات والتقليل من البطالة, والسعي إلى تطوير المهارات وإزالة الفجوة بين متطلبات السوق والكوادر المدربة.
وقال آردم: “إن توظيف الرجل والمرأة في مهن تليق بهم هي ضمن أولويات جدول الأعمال، وأن سائر بعض هذه المشاكل أهمها البطالة هي في شريحة الشباب، وفي واقع الأمر السبب في تأخر عملية النمو” لافتا إلى أن نسبة البطالة العالمية قد ارتفع إلى 13.2% في عام 2014م بعد أن كانت 11,6 % في 2007م, مؤكداً على أن ما من أزمة الا أنه يمكن تجاوزها عبر التركيز على العنصر البشري، وذلك فأن طريق تجاوز الاقتصاد العالمي من خلال تحقيق السلام العالي, والتركيز على الاستثمار في الجانب البشري.
وتطرق معاليه إلى المأساة الإنسانية في عالمنا وهي المهاجرين السوريين إذ تجاوز عددهم في تركيا لحد الآن 2 مليون مهاجر أنفقت خلالها أكثر من 6 مليارات دولار, وأن الأعباء التي تتحملها تركيا في هذه الاستضافة لا تتقاسم من قبل الأطراف الأخرى في المجموعة، ونحن في أمس الحاجة إلى التعاون الدولي الذي هو مبتعد عن هذا الموضوع, داعياً كافة المؤسسات الدولية إلى بذل جهود مستعجلة في هذا الأمر.