عملت وزارة العدل في الفترة الأخيرة على إطلاق عدد من المبادرات والتي من المتوقع أن تسهم في تقريب وتيسير الخدمات العدلية المقدمة من الوزارة للمراجعين والمستفيدين من خدماتها, في ظل سعي الوزارة إلى تقريب مواعيد التقاضي وسرعة إيصال الحقوق لأصحابها, ضمن الإستراتيجية التي رسمتها لنفسها تحت شعار ” عدالة ناجزة بجودة وإتقان” المشتملة على عدد من المبادرات والمشاريع التطويرية في مجال التنظيم الإداري وتطويره ومراجعة الأنظمة وتطويرها, والسعي لتحسين أداء الكوادر البشرية, والتسهيل على المراجعين وخدمتهم, ونشر الوعي الحقوقي, وتطوير الجانب التقني للوزارة في سبيل إيصال الخدمات العدلية للمستفيدين وفق ما تتيحه التقنيات الحديثة .
التنظيم الإداري
حيث أطلقت الوزارة مشروع تنظيم الدوائر القضائية إدارياً, الهادف إلى فصل الأعمال الإدارية عن الأعمال القضائية في محاكم الدرجة الأولى وتحديد المهام وتصميم دليل إجراءات ونمذجة العمل، وسيقوم المشروع بفحص أداء الدوائر القضائية من خلال تتبع سير العمل والإجراءات في المحاكم والدوائر القضائية التي تتم من بداية المعاملة وحتى نهايتها, ومراقبة المهام الموكلة للقضاة و معاونيهم والنماذج التي يُعتمد عليها في العمل, ومن ثم تحليل هذه المعلومات والمدخلات وتحديد المشكلات بدقة, والعمل على فصل الأعمال القضائية المنوطة بالقاضي عن الأعمال الإدارية التي يختص بها أعوانه من أمناء السر و كتاب الضبط والمسجلين ونحوهم , ثم تحسين ذلك وتدريب العاملين في الدوائر القضائية على الإجراءات المحسنة، وسيستفيد القائمون على هذا المشروع من أفضل التجارب الدولية في هذا المجال .
ولأجل اختصار الإجراءات الإدارية في الاستفسار عن الممتلكات العقارية أطلقت وزارة العدل مشروع الأرشفة الإلكترونية للثروة العقارية, والذي يهدف لحفظ الصكوك العقارية لدى الجهات العدلية وحمايتها من التلف والفقد, وتحويل البيانات الخاصة بها إلى قواعد بيانات منقحة ومصححة ومعتمدة ومفهرسة, وذلك لتقريب الوصول للمعلومة بسرعة أكبر, وتسهيل عملية البحث عن الأملاك, ويمثل هذا المشروع أهمية كبيرة تصب في الجانب الإداري لكتابات العدل والجهات العدلية ذات العلاقة.
مراجعة الأنظمة وتطويرها
وفي إطار سعي الوزارة لتجويد العمل وتحسين المخرجات وجه معالي وزير العدل بحصر الأنظمة واللوائح العدلية المتأخرة, والمراجعة الدورية للأنظمة واللوائح التي تحتاج إلى تطوير ووضع آلية عمل لإصدارها وتطويرها والتعجيل في إصدار عدد من الأنظمة المتأخرة واللوائح التنفيذية.
وقد شرعت الوزارة بمراجعة شاملة لأنظمة مراكز المصالحة وقواعد العمل فيها وإجراءاتها والعمل على تطويرها لتكون أكثر فاعلية و لتتوافق مع إجراءات العمل في المحاكم, لتفعيل حل النزاعات بين الأفراد بالطرق الودية وتقريب وجهات النظر بين الخصوم ولتعزيز قيم العفو والتسامح في المجتمع، والمساهمة في تقليص عدد القضايا ومدد التقاضي والإجراءات، والحد من تدفق القضايا على المحاكم بما يسهم في تقريب المواعيد وتقليل مدد التقاضي .
كما أصدر وزير العدل قراراً إدارياً بتشكيل فريق في الوزارة لدراسة أنواع الدعاوى والانهاءات الواردة إلى المحاكم والسعي لتقليلها من خلال وضع حلول لتقليل تدفق هذه الدعاوى والانهاءات التي ترفع إلى المحاكم, من خلال تفعيل قضاء التنفيذ وتوسيع العمل بالسندات التنفيذية، وكذلك من خلال مساعدة المتقاضين للجوء للطرق البديلة لحل النزاعات ضمن البدائل الشرعية لتسوية المنازعات مع وجود الضمانة القضائية لجميع المتقاضين في حق اللجوء للقضاء انتهاءً عند عدم الوصول إلى تسوية مرضية للأطراف .
تطوير أداء الكوادر البشرية
ولأجل تطبيق أفضل الممارسات الإدارية وتحقيق الكفاءة في الأداء والإنتاجية, تعمل الوزارة حالياً على تدشين نظام البصمة الالكترونية لضبط الحضور والانصراف, حيث وجه وزير العدل بتطبيق هذا النظام على جميع موظفي القطاعات العدلية على أن يبدأ تطبيق هذا النظام بمكتبه ، وذلك ابتداءً من مطلع شهر ذو القعدة من العام الجاري , وذلك تأكيداً على أهمية المحافظة على وقت العمل ومحاسبة المقصرين.
ولأجل البحث عن الكفاءات الإدارية من العاملين في كافة القطاعات العدلية للإفادة منهم في أعمال الوزارة التطويرية أطلقت الوزارة مبادرة “شارك ” الرامية إلى الاستفادة من الكفاءات البشرية المتميزة من منسوبي وزارة العدل وغيرهم, في كافة المجالات الشرعية والنظامية والإدارية والتقنية وغيرها, للمشاركة في مسيرة الوزارة التطويرية, وقد أتاحت الوزارة المجال للراغبين في الانضمام لمبادرة ” شارك ” التسجيل في موقع الوزارة الإلكتروني ليتكون لدى الوزارة قاعدة بيانات تفصيلية عن المشاركين ليكونوا ضمن قائمة المستهدفين في المشاركة بمشاريع الوزارة التطويرية بكافة مجالاتها.
وقد قامت الوزارة في الفترة القريبة الماضية باستقطاب العديد من المتميزين في مختلف التخصصات الإدارية والمالية والتقنية والفنية للعمل في الوزارة.
كما تعمل الوزارة عبر خطتها التطويرية إلى تفعيل المكاتب الإدارية في المحاكم خدمةً للمتقاضين وتحسيناً للأداء, حيث تم إطلاق مشروع ” أمانة” الهادف لتطوير عمل أمناء المحاكم وتطوير العمل الإداري في مكاتب أمناء المحاكم والوحدات الإدارية المساندة وإعادة هيكلة العمل في الوحدات الإدارية داخل المحاكم .
ومن أهم الخطوات التي خطتها الوزارة في مجال تطوير الكوادر البشرية مشروع الاعتماد المهني لأصحاب الفضيلة القضاة بالشراكة مع المركز الوطني للقياس والتقويم (قياس) والذي يهدف إلى إعداد معايير متعددة مهنية وأكاديمية لإعداد القضاة, وإعداد معايير واضحة للمتطلبات الأكاديمية التي يجب أن تتوفر في الكليات الشرعية التي يرشح منها القضاة ، بحيث لا يتم الترشيح إلا من الكليات التي يتوفر فيها الحد المطلوب من هذه المعايير ، ومعايير أخرى للترشيح للقضاء تساند لجان الترشيح المنتشرة في الكليات الشرعية ، وصولاً إلى تلك المعايير التي تقيس أداء القاضي التي يحتاجها التفتيش القضائي في تقييم أداء القاضي ، وغيرها من الأدوات التي تقدم تفصيلاً دقيقاً عن احتياجاته التدريبية ، وهذه المعايير المشار إليها تشمل المعايير المعرفية ، والمعايير الشخصية وغيرها من معايير القياس المهني .
وفي مجال تطوير مسارات التدريب وجه وزير العدل بسرعة البدء بعمل “مركز التدريب العدلي” الذي وافق مجلس الوزراء على إنشائه العام الماضي, بعد إكمال جميع الجوانب المتعلقة بإنشاء المركز ، ومن المنتظر قبل نهاية هذا العام بدء العمل في هذا المركز , ويهدف المركز إلى رفع كفاءة وتأهيل القضاة وكتّاب العدل، وكتّاب الضبط ومحضّري الخصوم وأعضاء هيئة النظر، وغيرهم من مساعدي وأعوان القضاة في القضاء العام والإداري, ويقتصر دور المركز على تنظيم برامج تدريبية وجلسات عمل وحلقات تطبيقية ولقاءات علمية وندوات ذات صلة مباشرة بالمهمات الوظيفية للفئات المستهدفة من هذا المركز.
خدمة المتقاضين والمراجعين
وفي جانب خدمة المتقاضين والمراجعين وجه وزير العدل بتشكيل لجنة في الوزارة لدراسة آلية تقديم المساعدة القضائية للمحتاجين لها من خلال تكليف محامي للترافع عن المتهمين في الجرائم الكبيرة والذين لا يستطيعون تكليف محامي للترافع عنهم ، وذلك وفق ما تضمنه نظام الإجراءات الجزائية ووضع معايير لتقدير الأتعاب التي تتحملها الدولة في ذلك.
وفي صدد سعي الوزارة منح المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن حقوقهم المحفوظة لهم في الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية, وجه وزير العدل بإطلاق مبادرة تُعنى بحقوقهم, وذلك بمراجعة الأنظمة والإجراءات العدلية المتعلقة, وتقييم ومسح المباني العدلية ومدى تهيئة أماكن خاصة بهم, وتبني عدد من الخدمات العدلية التي تسهل لهم الوصول لحقوقهم, واقتراح مجموعة من البرامج التثقيفية التي تُعنى بحقوقهم وعقد ورش العمل واللقاءات مع عدد من المختصين والمهتمين بغرض تقديم رؤية شاملة حول ذلك ؛ مع تطوير العمل في إصدار الصكوك والوكالات لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن بأماكن تواجدهم وعدم إلزامهم بالحضور لكتابات العدل أو المحاكم لإصدار هذه الصكوك والوكالات من خلال إطلاق مبادرة “اقتضاء” التي تُقدم بموجبها الخدمات التوثيقية للمحتاجين لها من خلال خروج كاتب العدل -عند الاقتضاء- لإصدار الوكالات لهذه الفئات في أماكن تواجدهم .
التطوير التقني
وفيما يخص الجانب التقني عملت الوزارة على إعادة تصميم موقعها الإلكتروني على شبكة الانترنت من حيث المحتوى والإخراج والخدمات الإلكترونية المقدمة, ليتواكب مع الخطة التطويرية للعمل العدلي وتفعيل عدد من الخدمات الالكترونية المقدمة للمستفيدين, وقامت الوزارة بتطوير العديد من البرامج والتطبيقات التي تلبي احتياجات المستفيدين ومنها تطبيق (خدمات الاستعلام ) الذي يُمكّن مستخدم التطبيق من الاستعلام عن الوكالات الصادرة ومواعيد القضايا بالإضافة إلى الاستعلام عن مأذوني الأنكحة والمحامين والمحكمين المعتمدين من قبل وزارة العدل.
وعملت وزارة العدل على تنفيذ آلية الربط الإلكترونية مع (8) وزارت و جهات حكومية شملت وزارة الداخلية ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة الخدمة المدنية ومؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة العمل والأمانات التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة التعليم والبريد السعودي والمؤسسة العامة للتقاعد .
كما أن العمل جار على ربط (11) جهة أخرى تشمل وزارات ومؤسسات حكومية وهي وزارة الصحة، والتأمينات الاجتماعية، ووزارة الحرس الوطني، وشركة المياه الوطنية، والشركة السعودية للكهرباء ، وإمارات المناطق المختلفة ، وهيئة السوق المالية، ونظام سداد للمدفوعات ، ووزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة التحقيق والإدعاء العام ، كما تم إعداد الربط مع الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) .
وأكدت وزارة العدل أن العمل على الربط الإلكتروني يأتي ضمن أهم أهدافها في تيسير الأعمال للمستفيدين من خدماتها ومراجعيها في المحاكم وكتابات العدل من المواطنين والمقيمين على حد سواء ، وذكرت الوزارة أن كل جهة حكومية رُبطت الكترونياً بها هي لتقديم خدمة معينة خاصة بينها وبين تلك الوزارة أو الجهة الحكومية مشيرة إلى أن تطبيق الحكومة الإلكترونية يأتي من أهم أهدافها التي تسعى إليها . كما تعمل وزارة العدل من خلال هذا الربط الإلكتروني لتوحيد معلوماتها وبياناتها مع تلك الجهات وعدم الازدواجية للمعلومات المقدمة عبر طرق تقديمها.
وشملت المبادرات التطويرية في مجال التقنية تعزيز عمل مأذوني الأنكحة من خلال ربط المأذون الشرعي بشبكة الوزارة عبر حساب لكل مأذون يمكنه من تسجيل بيانات الزوجين الكترونيا مع مراجعة للمعلومات والبيانات والمسجلة في العديد من القطاعات والإدارات ذات الاختصاص بالتوثيق الأسري والتي تسهل لمأذون الأنكحة إصدار وثيقة الزواج مع حفظ حقوق الزوجين .
تطوير المحتوى العلمي ونشره
ومن منطلق اهتمام معالي وزير العدل بالبحث العلمي والدراسات القضائية ولإطلاع أصحاب الفضيلة القضاة وكتاب العدل والمستشارين والمحامين وغيرهم, على البحوث العلمية والدراسات والرسائل ذات العلاقة بالشأن العدلي, فقد وجه وزير العدل بتشكيل فريق عمل متخصص في الوزارة لإعداد دراسة للبدء بإنشاء مكتبه عدلية إلكترونية, لتزويد ذوي الشأن بجديد البحوث العلمية والدراسات بكل سهولة, وإضافة العديد من الكتب والدراسات والمراجع التي تتناول الشأن العدلي بالإضافة إلى نسخ الالكترونية من مجلتي العدل والقضائية.
وتعكف الوزارة حالياً على نشر المبادئ القضائية الصادرة من المحكمة العليا، وهي مبادئ عامة في المسائل المتعلقة بالقضاء، والنظر في المسائل التي تنص الأنظمة على نظرها, وتقوم الوزارة في الوقت الحالي بتطوير موقع الوزارة الإلكتروني ” علمياً ” لإضافة عدد من الإصدارات العلمية التي تهم الشأن القضائي والعدلي.
وتأتي هذه المبادرات والمشاريع التي وجه بإطلاقها وزير العدل نتاج دراسات مطولة أجراها الوزير مع عدد من القيادات والمسؤولين في وزارة العدل لتقييم الوضع الحالي للقطاعات العدلية تخللها عدد من الزيارات الميدانية لعدد من المحاكم وكتابات العدل للوقوف على سير العمل فيها وتلمس احتياجاتها التطويرية , ومن المتوقع أن تسهم هذه المبادرات وغيرها من المبادرات التي يتم اطلاقها تباعاً في تجويد العمل وسرعة الإنجاز بما يسهم في التسهيل على المواطنين والمستفيدين من الخدمات العدلية .