أشاد الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن سعادة الأستاذ الدكتور محمد بن مفرّح بن شبلي القحطاني ، سنام وهرم ورمز العلم والثقافة ووالد الطلبة ومبتعثي سيدي خادم الحرمين الشريفين بالأردن ، بجمالية مقال الزميل بسام العريان الذي كتبه يوم الجمعة 12-6-2015م وكان بعنوان “تقبرني ابن عمي”، الذي تناول موضوع كراهية الدعاء بالشر على النفس والولد والمال قائلاً فيه رُب دعاء يتحقق في ساعة إجابة مطالباً بعدم الدعاء على النفس غاضباً أو ممازحاً .
وأضاف القحطاني برسالة وجهها للزميل بسام العريان عبر الواتس اب أن فكرة المقال جميلة وتلامس واقعنا الحقيقي من مساوئ الدعاء ، داعيا الله تعالى أن يلطف بنا وبجميع المسلمين والمسلمات في كل مكان ، خاتما رسالته بالتهنئة بقرب حلول شهر رمضان المبارك .
كما لاقى المقال انتشاراً واسعاً عبر الوكالات الإخبارية العربية السعودية منها والأردنية والفلسطينية واليمنية وغيرها إضافة لانتشاره الكبير عبر كافة شبكات التواصل الاجتماعي من تويتر والفيس بوك وغيرها ، حصل المقال على نسبة إشادة عربية كبيرة لما أوضحه الزميل العريان من الواقع الحقيقي في الدعاء على النفس والذي ينتشر بين أوساط العامة من معظم الشعوب العربية كأن يقال في سوريا “تقبرني ابن عمي وتفشفش عضامي” وفي الأردن “يفضح عرضك” وفي مصر “يخرب بيتك” وفي اليمن “لأبوك نار” .
هذا وقد عبّر الزميل بسام العريان عن فائق شكره وتقديره لرسالة سعادة الملحق الثقافي السعودي بعمان الأستاذ الدكتور محمد القحطاني مثمنا هذه الإشادة من أحد أبرز رموز العلم والثقافة بالعالم العربي .
داعيا كافة العرب والمسلمين لعدم التلفظ بالدعاء بالشر على النفس والولد والمال حتى وإن كان في لحظة مزح أو مرح موضحاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “لا تدعوا على أنفسكم إلا بخيرٍ؛ فإنَّ الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون”
مضيفاً في كراهية الدعاء بالشر على النفس والمال والولد مستشهداً بقول الحق تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ} أي الدعاء الذي يدعونه على أنفسهم فيجيب الله دعاءهم فيه ، قال ابن عباس المراد في هذه الآية دعاء الرجل على أهله وولده عند الغضب مثل قوله لعنك اللّه، لا بارك اللّه فيك، وكذا المرأة تقول لولدها قصف الله عمرك أعماك اللّه كسرك لا وفقك وما شابهه، وقال قتادة المراد دعاء الرجل على نفسه وماله وأهله وولده بما يكره أن يستجاب له فيه.
لو يعجل اللّه للناس استجابة دعاءهم بالشر {اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ} أي كطلبه وإرادة إجابته {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ} حالا ولفرغ من إهلاكهم من كثرة ما تلوكه ألسنتهم من ذلك الدعاء السيء لكن اللّه تعالى بمنه وكرمه، قد يستجيب للداعي بالخير ولا يستجيب له بالشرّ بل يؤجل ، إن الناس عند الضجر يدعون على أنفسهم وأهليهم بالموت وتعجيل البلاء كما يدعون بالرزق والرحمة، فلو بدلوا الدعاء حال الغضب بالشرّ على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، بالخير لهم لكان أولى وأنفع لهم تحاشيا عن حصول الشر والوقوع بالملامة إذا صادقت الدعوة ساعة إجابة، حفظنا اللّه من ذلك.
نص المقال / تقبرني ابن عمّي – بقلم بسام العريان:
تقبرني ابن عمي بالشام ويفضح عرضك بالأردن و يخرب بيتك في مصر ولأبوك نار في اليمن .. وكأنه دعاء تحقق في ساعة اجابة .. والله اعلم !! (لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم)
اعتاد بعض الناس كلما غضبوا أن يقوموا بالدعاء على أنفسهم أو على أولادهم ففي سوريا يقولوا ” تقبرني ابن عمي” ولازالوا يدعون به حتى استجاب الله لهم في ساعة اجابة .. والله اعلم !!
فرأينا المعاناة اليومية التي تعيشها في السنوات الأخيرة شقيقاتنا السوريات حيث قتل ما يزيد عن عشرات الآلاف من النساء في سورية، جراء الصراع الدائر فيها منذ سنوات، وهي نسبة مرتفعة
جداً لم نكن نتوقعها يوما .
أما في الأردن اعتاد الناس على كلمة ” يفضح عرضك” حتى أطلق على احد الشوارع اسم “شارع طلعني” وذلك كونه مقرا يصطحب فيه المجاهرون باقتراف الرذائل عشيقاتهم وخليلاتهم .
لقد سجلت الأردن نسبة كبيرة من واقعات مجتمعية كارثية وممارسات لاأخلاقية تخدش الحياء العام في شوارع العاصمة الأردنية عمان وتسيء لسمعة المملكة بشكل عام وأصبحت كارثة مجتمعية خطيرة ومعيبة ومحرمة انتشرت في ارجاء عديدة من شوارع عمان اخيرا، فيها مقتل للأخلاق والقيم والانحدار الحيواني الذي وصل بفئة منحرفة، الى المجاهرة في علاقات مشبوهة، بممارسات قذرة تشوه طرقات وشوارع معروفة في اكثر من منطقة من العاصمة ، وذلك بعد ان انتشرت ظاهرة سيارات المصطافين ممن يشبعون رغباتهم الضالة بالمتعة الحرام لتتم ممارسات مخلة بالآداب وتخدش الحياء العام، في صورة علنية تقشعر لها الابدان، ويندى لها الجبين!
فقد رصدت صحيفة الدستور الأردنية العام الماضي بدقة ، اماكن تواجد السيارات التي لم يعد اصحابها وعشيقاتهم يبحثون عن الشوارع الفرعية المعتمة والمخفية بل اصبحوا في قمة عهرهم يجاهرون باقتراف الرذائل في الشوارع الرئيسية الاهلة بالسكان
والمؤسسات الرسمية والمساجد ودور العبادة رغم ان تلك الشوارع تشهد حركة مرور كثيفة.. مثل شارع «إدارة الشرطة السياحية» بعد البوابة الشمالية للجامعة الاردنية لدرجة انه اطلق على هذا الشارع اسم ” شارع طلعني”.. فهل الى هذه الدرجة وصلت وقاحتهم! أم تقبّل الله دعاءهم في” يفضح عرضك” ؟؟!!
أما في مصر الشقيقة أم الدنيا فمشهورون بـ ” يخرب بيتك” حتى
شاهدنا ما حصل بها وبشعبها الشقيق ، حفظ الله مصر المحروسة وحفظ جيشها وشعبها من كل شر .
ماذا تنتظرون ؟! أن يستجيب الله لدعائكم ؟!!
فلنتذكر قول خير البشرية في الحديث النبوي : عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ومما ورد في مناسبة هذا الحديث ما أخرجه الإمام مسلم في
صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بُواط – جبل من جبال جهينة -، وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني، وكان الناضح – البعير الذي يُستقى عليه – يعتقبه منا الخمسة والستة والسبعة، فدارت عقبة رجل من الأنصار – العُقبة ركوب هذا مرة وهذا مرة – على ناضح له، فأناخه فركبه، ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن – أي تلكأ وتوقف -، فقال له: شَأْ لعنك الله – كلمة زجر للبعير -، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من هذا اللاعن بعيره؟) قال: أنا يا رسول الله، قال: (انزل عنه، فلا تصحبنا بملعون، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم،
ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم).
وفي قصة هذا الحديث دليل على النهي عن لعن الدواب، كما أن فيها دلالة على أن دعاء الغضبان قد يجاب إذا صادف ساعة إجابة، والله أعلى وأعلم.
إن ما يحصل من الإنسان عند الغضب تجده عليه بعد ذلك، يقول عطاء بن أبي رباح: “ما أبكى العلماء بكاء آخر العمر من غضبة يغضبها أحدهم فتهدم عمر خمسين سنة أو ستين سنة أو سبعين سنة، ورُبّ غضبة قد أقحمت صاحبها مقحما ما استقاله”.
(لا توافقوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) علة للنهي أي: لئلا توافقوا وتُصَادِفُوا ساعة إِجابة وَنَيْل فَتُسْتجاب دَعوتُكُم السُّوء.
إن من يدعو بالسوء على نفسه أو ولده أو ماله أو خدمه لا يريد ذلك ولا يقصده غالبا، ولهذا يقول الله تعالى: {وَيَدعُ الإِنسانُ بِالشَّر دُعاءَه بِالخَيرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} (الإسراء: 11)، ويقول عز وجل: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} (يونس: 11)، أي أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، لأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك،
فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه- لطفا ورحمة، ولو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك لأهلكهم، وفوق ذلك يتكرم الله عليهم بالاستجابة لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء.