سطر عدد من معاقي تبوك المقيمين بمركز التأهيل الشامل بالمدينة المنورة والعائدين ضمن الدفعة الثانية والأخيرة إلى تبوك صباح أمس لوحة من الحب لطيبة الطيبة رسموها بالدموع حيث كان مطلبهم الوحيد فيها البقاء في المدينة المنورة وحـاول مسؤولو الشؤون الاجتماعية وعدد من الجهات المشاركة إقناعهم دون جدوى حيث أخذ المعاقون بترديد «لا..لا..لا» وذرعوا صالة المطار وساحاته رافضين صعود الطائرة.
دموع المعاق
بدأت تفاصيل الوداع بدموع المعاق «عشق» أحد المتخلفين عن الرحلة الأولى وهو المعروف بين نزلاء وعاملي مركز التأهيل الشامل بالابتسامة العريضة وعشقه للساعات الملونة فبكى «عشق» رافضا الرحيل والتف حوله العاملون يؤكدون له مرافقتهم له وزيارتهم له في المستقبل فبعد عدد من الصور التذكارية اقتنع مع تحفظ خصوصًا مع إصرار والده على عودته كون المسافة بين منزل عائلته في تبوك وبين المدينة كبيرة ولا يستطيع زيارته في كل مرة أما في ساحات المطار فسجل أحد المعاقين القادرين على المشي مشهدًا صامتًا مؤثرًا حين بقي في حافلة الساحات حتى أصبح الأخير فتفادى الخروج من الحافلة رافضًا صعود الطائرة ومغادرة المدينة المنورة وبعد محاولات إقناع أحضر له المسؤولون كرسيا متحركًا وأجلسوه عليه إلا أنه ما فتئ يحاول إيقاف حركة الكرسي بتثبيت قدميه في الأرض إلا أن محاولاته باءت بالفشل فتم تصعيده للطائرة عبر المصعد الطبي لتأتي بعدها إحدى المعاقات ذهنيا وترفض رفضا تاما صعود الطائرة ليلتم حولها جميع المشاركين في المطار فيما قاد عملية الإقناع الدكتور طلعت وزنة مدير عام الخدمات الطبية بوزارة الشؤون الاجتماعية يرافقه عدد من الأطباء والأخصائيين والأخصائيات ورغم المحاولات المتكررة والطرق المختلفة التي نفذوها شملت طريقة التشجيع بالتصفيق لها لحثها على الصعود وطريقة وداع المحبين والتي صعد فيها الأخصائيات على عتبات سلم الطائرة يودعونها بهدف التأثير عليها لتصعد معهم إلا أن جميع المحاولات لم تنجح فأخذت الطفلة تسير هائمة تبكي في ساحة المطار وحول الطائرة والكل يسير وراءها فتجلس على إسفلت الساحة تارة وتمشي تارة أخرى وحين رأى القائمون احتمالية تأخير الرحلة حملها العاملون بعضهم من أياديها والآخرون من أقدامها ليضعوها عنوة على عتبة المصعد الطبي وبعدها حملوها إلى داخل الطائرة.
الثانية والثالثة
ودعت المدينة المنورة الدفعة الثانية والأخيرة من معاقي تبوك العائدين لمدينتهم على متن طائرة بوينج 777 جامبو أمر بتوفيرها لهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وبإشراف مباشر من لدن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة حيث غادر على متنها 124 معاقًا 86 منهم إناث وحضانات فيما كان عدد الذكور 38 معاقًا وتنوعت حالات المعاقين المغادرين فشكلت 12 حالة منهم معاقين طريحي الفراش ويعاني من إجمالي المعاقين المغادرين 72 معاقًا من حالة شلل نصفي كما يعاني 61 من إجمالي المعاقين المغادرين من إعاقة ذهنية وأقلعت الطائرة من مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة في تمام الساعة 10:10 صباحًا على الرحلة رقم «7149» واستغرقت الرحلة 58 دقيقة لتصل إلى تبوك فيما بدأت مراحل الرحلة التي شابهت الرحلة الأولى في الاتسام بمستوى عالٍ جدًا من الدقة والتنظيم في وقت مبكر وتحديدًا في تمام الساعة الثالثة فجرًا حيث تحول مركز التأهيل الشامل بالمدينة المنورة إلى خلية نحل حيث شارك في عملية تصعيد المعاقين إلى المطار من خلال سيارات الإسعاف والحافلات ما يزيد على 500 موظف من مختلف القطاعات المشاركة في الخطة التي أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية والتي تم فيها تقسيم المهام بين القطاعات بناء على طبيعة المهمة.
تصعيد المعاقين
أشرف على تصعيد المعاقين من المركز إلى المطار الدكتور هاني فيض مدير الطوارئ والنقل الإسعافي بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة المدينة المنورة
فيما أشرف على عملية المغادرة في مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة مدير الطيران السعودي الخاص المكلف عبدالمنعم بن عبدالرحمن النجار والكابتن هيثم السناري وزهير المزيني بإشراف ومتابعة من مدير طيران السعودية الخاص بمنطقة المدينة المنورة عبدالله الجراح ومن رئيس الوحدة الإستراتيجية لطيران السعودية الخاص وجدي بن عبدالله الإدريسي ومدير عام الخطوط السعودية المهندس خالد الملحم فيما سجلت وحدة أمن مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي تواجدًا مكثفًا لحماية المعاقين وسلامتهم.
وقد لوحظ أثناء مغادرة المعاقين للمركز تخلف إدارة الهلال الأحمر بالمدينة عن المشاركة بالرغم من التنسيق المسبق كما تم في الرحلة الأولى فلم تحضر سيارات الإسعاف التابعة لإدارة الهلال الأحمر كما كان من المفترض بها فحضرت أولى السيارات في تمام الساعة 8,05 صباحا علما بأن جميع المعاقين المغادرين تم تصعيدهم إلى المطار في تمام الساعة السابعة صباحا مما سجل خللا في الخطة تداركته الجهات المشاركة من خلال دعم إضافي تفاعلت فيه إدارة الطوارئ والنقل الإسعافي بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة المدينة وإدارة الشؤون الاجتماعية بالمدينة المنورة.
دورة رسمية
من جانبه علق محمود خياط مدير العلاقات العامة لهيئة الهلال الأحمر بالمدينة المنورة قائلا أنه في إجازة رسمية وليس في المدينة وعند استفسارنا عن مدير إدارة الهلال الأحمر أجاب بأنه في دورة رسمية وعن نائبه فقال دعني استفسر منه وأعود لك وفعلا عاد الخياط ليقول إن النائب أكد له مشاركة 4 فرق تقلت حالتين ثم طلب منهم مدير مركز التأهيل الشامل بالمدينة التمركز في الموقع والمرابطة حتى الساعة العاشرة وهذا ما قمنا به فيما طالب خياط «المدينة» بإرسال خطاب رسمي من الصحيفة للرد رسميًا أو التوجه إلى الأستاذ ناصر نصار في الشؤون الفنية لأخذ الإفادة على ورق رسمي .
إعادة التجهيز
وهيأت وزارة الشؤون الاجتماعية مبنى دار الملاحظة بتبوك الذي أنشئ فأعادت تجهيزه ليتناسب مع المعاقين واحتياجاتهم وتبلغ مساحته الإجمالية 19463,50م منها مسطحات بناء بمساحة 8672 م إضافة إلى مبنى يشتمل على مسطحات خضراء بمساحة 6810 م وكانت «المدينة» قد انفردت بنشر ومتابعة تفاصيل نقل 257 معاقًا من منطقة تبوك، تم نقلهم بواسطة 15 حافلة و7 سيارات إسعاف خلال ثلاثة أيام منهم 59 معاقًا ومعاقة نقلوا في اليوم الأخير بواسطة عدد 9 حافلات بمعدل 7 معاقين في الحافلة الواحدة، مما أدى إلى إجهادهم وتردي حالتهم الصحية،
وأحدث معه ردود أفعال واسعة على مستوى عال، واستنفرت خلالها الجهات المعنية وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة للوقوف ميدانيًا على أسباب الحادث وفتح ملف التحقيقات.