كان معاوية بن أبي سفيان يحبُ زوجته “ميسون” وهي والدة ابنه يزيد،وكانت قد قدمت من البدو إلى قصور الشام المنيفة إلا أنها كانت تحن لبيئتها البدوية حتى أنها أنشدت ذات مرة بأبيات تصف فيها حالها قبل زواجها وبعده قائلة :
لبيتٌ تخفقُ الأرياحُ فِيهِ
أحبُ إليّ من قصرٍ منيفِ
ولبسُ عباءةٍ وتقرُّ عيني
أحبُ اليّ من لبسِ الشُفوفِ
وأكلُ كسيرةٍ مِن خُبْزِ بيتي
أحبُ إليّ من أكلِ الرغيفِ
وأصواتُ الرياحِ بكل فجٍ
أحبُ إلى من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق دوني
أحبُ إلي من قط أليفِ
وخرق من بني عمي نحيف
أحب الي من علج عنوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلي نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطني بديلاً
وما أبهاه من وطن شريف
ولما سمع معاوية بالأبيات لم يرضى وقال:
أجعلتني ابنة بحدل علجاً؟
ثم طلقها وسيرها الى أهلها في نجد وكانت حاملاً بإبنه يزيد فولدته في البادية وأرضعته عامين ثم أرسلته الى أبيه في الشام.
مانتعلمه من القصة أن السعادة لاترتبط بشخص ولا بسكن وإنما تكون غايتها فيما نتمنى ولا شئ أقل من ذلك.
فلا تبتأسوا أيها الساكنون في الخيام، إن هبوب الأرياح خير لكم..!
ولاتحزنوا أيها النائمون على أطراف الشوراع فنباحً الكلاب حولكم أمر ممتع!
ولا تتضايقوا معاشر المستأجرين في أضيق العمائر..فخشونة العيش أشهى من العيش الطريف!
وينبغي عليكم أن تتمثلوا بالبيت الأخير من القصيدة لا أن ترتبطوا بآخر بيتٍ شاهدتموه في المسلسلات لكي لا تلحقوا بالست “ميسون”
لكنها لا تلام في حبها لوطنها وأعتقد أنها تشبهنا في ذلك، فلا أبراج نيويورك ولا حدائق ماليزيا ولا جنات النمسا والبوسنة ولا أضواء دبي تغرينا وتجعلنا نترك تراب وطننا الغالي.
تلك الرمال الغالية والجبال العالية والوهود المقفرة والطرق المغبرة والعيشة المفقرة ، فسعدتنا بوجودنا في وطننا الغالي، مهما كلف الأمر…
فما أبغي سِوى وطني بديلاً
وما أبهاهُ من وطنٍ شريفِ
لكننا ياوزارة الإسكان نريد أن نسكن في بيوت تليق بنا ونفتخر بوطننا ونحن نستقبل ضيوفنا في تلك البيوت اللائقة ولاشئ سوى ذلك.
ونتفائل ببرامج الإسكان الجديدة ونتمنى أن تكون منازلنا المستقبيلة لائقة ولاتجعل “البدو” يتمنون الرجوع لخيامهم كما فعلت السيدة “ميسون” التي قالت أبياتاً تسببت في طلاقها بعد أن جلبت نحوها العيون..!!