رعى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير أمس الاثنين في قرية المفتاحة بأبها، حفل افتتاح ملتقى التراث العمراني الوطني الرابع الذي تنظّمه الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالشراكة مع إمارة وأمانة منطقة عسير وجامعة الملك خالد ومجلس شباب عسير،بحضور رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز وبحضور كبار ضيوف الملتقى من داخل المملكة وخارجها.
حيث استهل سمو راعي الحفل وسمو رئيس الهيئة للسياحة المناسبة بافتتاح المعرض المصاحب للملتقى والذي يضم عددا من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والجمعيات والمراكز المهتمة بالتراث العمراني، حيث تجول سموه في المعرض، واطلع على الفعاليات المصاحبة للملتقى.
بعد ذلك جرى توقيع اتفاقيات تعاون شملت:اتفاقية تعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار والبنك السعودي للتسليف والادخار، في مجال تمويل المشاريع السياحية والتراثية، واتفاقية تشغيل مراكز الإبداع الحِرَفي وأسواق الحرفيين في منطقة عسير، واتفاقية تشغيل مبنى الحرفيين في “محايل عسير”، واتفاقية تعاون بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني “كليات التميز” ومركز التراث العمراني الوطني، واتفاقية تعاون بين البرنامج الوطني لتنمية الحِرَف والصناعات اليدوية ومركز التراث العمراني الوطني.
وعبر أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، سعادته لحضور هذه المناسبة التراثية الهامة، وإقامة الملتقى بمنطقة عسير، وهنّأ رئيس الهيئة على إقرار مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري؛ مؤكداً أنه يُعَدّ مشروعاً تاريخياً ورائداً، يستمد أهميته من تبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- له من خلال الموافقة عليه وعلى أن يحمل اسمه، كما يستمد أهميته من دوره المرتقب في تطوير قطاع التراث الوطني من خلال ما يتضمنه من مشاريع وبرامج رائدة في مجال حماية التراث العمراني واستثماره، تقوم عليها الهيئة العامة للسياحة والآثار.
واعرب أمير عسير عن تقديره لسمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والاثار على ما تحظى به المنطقة من اهتمام في المدال السياحي والتراثي، والحرص على اقامة هذا الملتقى في منطقة عسير الزاخرة بالتراث والاصالة.
وبدأ حفل الافتتاح بآيات من الذكر الحكيم،وألقى وزير السياحة والثقافة الماليزي داتو سري محمد نظري عبدالعزيز، كلمة المشاركين في الملتقى عبّر فيها عن إعجابه بالتراث العمراني في المملكة، وما تبذله المملكة من جهود في مجال حماية التراث العمراني الذي يتميز بالأصالة، وتناول التجربة الماليزية في استثمار مواقع التراث العمراني في المجال السياحي، ثم شاهد الحضور فيلم أنتجته الهيئة العامة للسياحة والآثار، عن مشروع الملك عبدلله للعناية بالتراث الحضاري.
بعدها تم تدشين مبادرات ومشاريع الهيئة العامة للسياحة والآثار للملتقى الرابع وهي: إعلان الشركة السعودية للضيافة التراثية، ومشروع تطوير المسارات الاستراتيجية السياحية، ووضع حجر الأساس لتأهيل وتشغيل قرية واسط بتبالة (بلدية تبالة، مجلس التنمية السياحية، فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار)، ومعرض الترميم، وإعداد الدراسات لـ60 قرية تراثية (أمانة منطقة عسير)، وبدء العمل على الدراسات التنفيذية لـ10 قرى تراثية (أمانة منطقة عسير)، وتطوير وتأهيل حي (النصب – بسطة القابل – المفتاحة)، ضمن مشروع تطوير وسط أبها، وإنشاء كلية السياحة والآثار في جامعة الملك خالد، وقسم العمارة في كلية الهندسة؛ بحيث تكون نواة كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك خالد،ثم شاهد الحضور فيلم أنتجته الهيئة العامة للسياحة والآثار عن مشروع الملك عبدلله للعناية بالتراث الحضاري.
ثم ألقى صاحب السمو الملكي رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) على دعمه الكبير واهتمامه بقضية التراث الوطني والبعد الحضاري للمملكة، وموافقته (يحفظه الله) على مشروع الملك عبد الله للتراث الحضاري للمملكة وما يتعلق بالعناية بالتراث الحضاري وربط الأجيال بتاريخ دينهم ووطنهم، كما رفع الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز (حفظه الله) على دعمه الكبير في كل ما يتعلق بتاريخ المملكة وتراثها الوطني.
وثمن سموه ما تحظى به قطاعات السياحة والتراث الوطني من رعاية واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومتابعة من سمو ولي عهده الأمين (حفظهما الله) من خلال القرارات التاريخية لدعم تنمية وتطوير هذه القطاعات المهمة، والتي توجت بموافقة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وقرار مجلس الوزراء الموقر بدعم السياحة مالياً وإدارياً، وموافقات المقام السامي الكريم على نظام السياحة، ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني وغيرها من القرارات.
وأشار إلى أن الهيئة بإطلاق مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري أطلقت أكبر وأهم مشروع وطني صنعه قائد الأمة، يهدف في الأساس إلى استعادة وعي المواطنين وخاصة الشباب بتراث وتاريخ بلادهم
لافتا إلى أن اطلاق المشروع جاء بعد أخذ الوقت الكافي لإعداده والتهيئة لاستيعابه.
وأكد أن الهيئة والسياحة والتراث الوطني تعيش مرحلة انتقالية تاريخية في مجالات الأنظمة، والاستثمار، والقبول المحلي والتحول المجتمعي.
وقال: “نحن اليوم في عسير التاريخ والتراث , عسير المروءة والكرم, المنطقة التي يلتقي فيها الجبل والمواطن في شموخ , في الملتقى الرابع لتراثنا العمراني الوطني، أتحدث معكم وأنا أنظر للقمم الشاهقة في هذه المنطقة التي تعكس قامات أهلها ومن سكنوها , وأنتجو هذا التراث الرائع الذي نعمل جميعاً على حمايته وتنميته” .
وأضاف: “قبل عام كنا في المدينة المنورة في طيبة الطيبة , وكنا نخطط لما سنعمله في العام المنصرم والحقيقة أن بين الملتقى الثالث في المدينة المنورة وبين اليوم حدثت أحداث وتطورات تؤكد أن هذه الدولة ماضية في تأكيدها على القيم الحضارية لكل مناطق المملكة واعتزازها بالتنوع الثقافي لمواطنيها وعزمها على تقديمه بالشكل الصحيح للمواطن أولاً ثم للعالم أجمع” .
وتابع: “أتذكر بدايات اهتمامنا بالتراث في منصف الثمانينات من القرن الماضي, وعندما التفت للوراء لأرى ما تم إنجازه منذ ذلك الوقت إلى اليوم أشعر بالفخر لأننا تحولنا من نظرتنا العاطفية إلى العمل مؤسسياً ووفق خطط وأهداف ونظم واضحة تبنتها الدولة حفظها الله . ثلاثة عقود من الإصرار على بناء “ثقافة التراث العمراني “في بلادنا وقد أصبحت الآمال واقعا معاشا , لكنها لم تصبح هكذا دون عمل ومثابرة , فمنذ أن كنت رئيساً فخرياً للجمعية السعودية لعلوم العمران مطلع السبعينات وحتى تأسيس مؤسسة التراث الخيرية في 1996م (1416هـ) وحتى انطلاقة الهيئة العامة للسياحة والآثار في مطلع الألفية الثالثة كانت هناك محطات مهمة وتحديات كبيرة تخطيناها من خلال إعادة العلاقة بين المواطن والمكان التاريخي وبناء قصصه الإقتصادية والإجتماعية , كان هدفنا أن نضع الوطن في قلب المواطن وهنا لايمكن أن يتم استعادة للأمكنه التي بني الوطن على ترابها وتشكلت ثقافة الآباء الأجداد عبر طرقاتها وبيوتها . لقد ذكرت مراراً أنني أشبه هذه المبادرات الكبرى لاستعادة تراثنا الوطني في قلب المواطن , من خلال تحويل أماكن التاريخ أماكن معاشة يحكي قصة الوطن وملحمة التأسيس التي شارك فيها الجميع .
واكد سموه ان النظرة العاطفية للتراث , أصبحت اليوم عملية واقتصادية , وماكان مجرد اجتهادات شخصية , تحول اليوم إلى عمل مؤسسي عملاق من خلال الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركاتها التي عملوا متضامنين مع إنشاء مركز التراث العمراني ليكون النواة المؤسسية الفاعلة التي تساهم في المحافظة على تراثنا العمراني الوطني وتنميته.
وقال: “عام 1435هـ كان عاماً حافلاً بالتحولات ولن أقول الإنجازات فنحن ننظر للانجازات القادمة التي ستحدث الفرق الحقيقي . فيهذا العام تمت الموافقة على مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري في المملكة . وقبل أسبوع كنا في جامعة الملك سعود نحتفي بنطلاقة حملة التعريف بهذا المشروع وتأسيس كرسي خاص به .. إنه مشروع يحمي الهوية الوطنية من عوامل التعرية ويؤكد للعالم أجمع بأننا بلد حضارة وتاريخ . وصباح اليوم انطلقت حملة التعريف بهذا المشروع من هنا من عسير وفي جامعة الملك خالد وستستمر لتصل لكل بقعة في بلادنا فهذا مشروع للوطن ومن أجل مستقبل الوطن . وفي هذا العام صدرت موافقة مجلس الوزراء على نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني رسمياً قبل انعقاد الملتقى بأسابيع قليلة ولأول مرة يتم إضافة التراث العمراني على النظام فهذا أمر يبين أن هناك تحول مؤسسي على مستوى الدولة في نظرتها للتراث الوطني المملوك للأفراد أنه استشعار بمسؤولية كبيرة نحو التراث بكافة أشكالة بصرف النظر عمن يملكه .كما استطاعت الهيئة العامة للسياحة والآثار مع شركائها في جدة تسجيل جدة التاريخية على لائحة التراث العالمي , وهو الموقع الثالث التي تسجله المملكة على هذه اللائحة بعد مدائن صالح والدرعية , ونستعد الآن لتقديم موقع جبة والشويمس في منطقة حائل كموقع عالمي للرسوم الصخرية . كما تمت الموافقة من قبل مجلس الوزراء على تسجيل عشرة مواقع جديدة في مناطق مختلفة , فبلادنا ولله الحمد تزخر بالعديد من المواقع النفردة على مستوى العالم , ووضع هذه المواقع على اللائحة العالمية ماهو إلابداية عمل ضخم من أجل المحافظة عليها وتحويلها إلى مواقع حية تساهم في البناء الثقافي والاقتصادي للوطن , فهي تمثل جزء هام من مشروع بلادنا الحضاري الذي يجب أن يتعرف عليه المواطن والعالم أجمع .
واضاف: “هذا الدعم اللامحدود من الدولة حفظها الله للمشروع الحضاري الوطني أمر متوقع فخادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه كان راصدا وداعما للتراث الوطني منذ عقود , وتجسد لاحقا عندما بدأ مهرجان الجنادرية , ثم تواصل بإصدار منظومة من الأوامر السامية والقرارات التي أدت إلى إيقاف التعديات على المواقع التاريخية وحمايتها وإعادة ترسيمها وإحيائها .
كما أن سمو سيدي ولي العهد (نائب رئيس مجلس الوزراء ,رئيس إدارة الملك عبدالعزيز يحفظه الله، منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض، كان متابعا لكل ما يمس التاريخ والتراث الوطني، وزيارته قبل عدة أشهر لجدة التاريخية، احتفاء بتسجيلها ودعما لأهليها، وما أصدره من أوامر كريمة مؤخرا للمحافظة على التراث في المواقع التابعة لوزارة الدفاع لتؤكد هذا الاهتمام الأصيل بتراثنا في كل مكان على أرض الوطن.
وتابع: أن نجاح المشروع الحضاري للمملكة يكمن في بناء الإنسان السعودي الذي يعي قيمة وطنه حيث أن إستعادة المكان هي أول خطوة لبناء الإنسان، نحن هنا نحاول أن نستعيد القيم التي بنى عليها الإنسان السعودي بلاده ووحدها من خلال إعادة الحياة لمواقع التراث العمراني التي تشكلت فيها بدايات هذه الدولة المباركة، وسكنها آبائنا وأجدادنا.. التراث العمراني هو الجسر الذي يمكن أن نعبر من خلاله للمستقبل ليس بصفته المادية بل يقيم العمل والمثابرة والتلاحم والتكافل والجد والشعور بالمسؤولية التي كان يجسدها.
وأبان أن المبادرات التي يطلقها هذا الملتقى تركز على الدخول الذي نريده في عسير وفي كل مناطق المملكة، ولعل المبادرات الأبرز تتمثل في إعادة بناء القدرات الوطنية في مجال الترميم وبناء سوق يرتكز على تدريب الأيدي
المواطنة المهرة في الحرف المرتبطة بالتراث العمراني ودعم الشركات الوطنية كي تتخصص في ترميم المباني التاريخية.
وقال بأن تأسيس شركة الضيافة التراثية تعزيز مساهمة بنك التسليف في تمويل مشاريع التراث العمراني وزيادة القروض الممنوحة لتطوير وتنمية المواقع والقرى التراثية وتطوير مسارات تمويلية جديدة
واعلن سموه أن ملتقى التراث العمراني سيتحول إلى حدث مستمر طوال العام في عسير من خلال منظومة من الفعاليات والبرامج على مستوى المناطق والمحافظات.. أننا نريد من المواطن السعودي أن يفخر بتراث وطنه وأن يشعر أن هذا التراث سيكون مورد خير وفرص عمل كما هو مورد واعتزاز ومصدر ثقافي مستمر له ولأولاده”.
بعد ذلك كرم أمير عسير راعي الحفل شركاء الهيئة في تنظيم الملتقى وهم كل من: امارة منطقة عسير، امانة منطقة عسير، جامعة الملك خالد، وزارة التربية والتعليم، الغرفة التجارية الصناعية بإبها، دارة الملك عبدالعزيز ، الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، مؤسسة التراث، الهيئة السعودية للمهندسين، الجمعية السعودية لعلوم العمران، مجلس شباب منطقة عسير،ثم كرم المبادرين في مجال التراث العمراني من مختلف مناطق المملكة
بعدها كرم سموه الرعاة والداعمين للملتقى.
الجدير بالذكر ان قرية المفتاحة تشهد خلال ايام الملتقى فعاليات مصاحبة للتراث، وفعالية دورة البناء بالمواد التقليدية، ومعارض الصور (معرض الصور التاريخية، معرض مسابقة استلهام التراث العمراني، معرض ألوان عسير)، والجلسات العلمية وورش العمل.
يذكر أن ملتقى التراث العمراني الوطني يُعقد سنوياً في إحدى مناطق المملكة بالتعاون مع الأمارات والأمانات والجامعات المحلية، وقد أقيم في دورته الأولى بمدينة جدة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة سابقا، وأقيت الدورة الثانية في المنطقة الشرقية تحت رعاية صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية سابقا، وأقيمت الدورة الثالثة للملتقى في منطقة المدينة المنورة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة.
وتأتي إقامة هذا الملتقى في إطار تفعيل توصيات المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي نظمته الهيئة بالشراكة مع عدد من الجهات خلال الفترة من 9-14 /6 /1431هـ تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله.