كشف الدكتور محمد بنتن رئيس مؤسسة البريد السعودي أن مؤسسة البريد ستطلق خدمة الحوالات المالية إلى الخارج، مستغلة نحو 560 مكتبا موزعا على أرجاء البلاد. وستمكن الخدمة الراغبين في التحويل من إجراء العمليات عبر مكاتب البريد.
وستطلق الخدمة لعمليات التحويل إلى الخارج مطلع يونيو (حزيران) 2013. فيما ستبدأ في تقديم الخدمة بين فروع البريد الداخلية بحلول يونيو 2014. ويؤكد بنتن أن مشروع الحوالات المالية، سيندرج تحت «شركة البريد السعودي القابضة»، التي يتوقع الإعلان عنها مستقبلا. وقال بنتن: «ستتضمن الشركة القابضة، شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية»، معتبرا الذراع المالية «إحدى أهم ركائز الخطة الاستراتيجية للبريد السعودي مستقبلا» وذلك حسبما ذكرت صحيفة “الشرق الاوسط”.
ويعزو الدكتور بنتن إطلاق المشروع إلى كون السعودية تتصدر حجم الحوالات المالية في العالم، إذ تحتل المركز الثاني عالميا في قيمة الحوالات المرسلة بعد الولايات المتحدة الأميركية. وبحسب إحصائية رسمية، تقدر الحوالات المالية للأجانب في السعودية نحو 27 مليار دولار في عام 2010. ويشير تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي أن تحويلات الأجانب العاملين في السعودية بلغت 194 مليار دولار في غضون عشر سنوات بين 2000 وحتى 2010.
وتأتي معظم الحوالات المالية من نحو 8.4 مليون أجنبي يعملون في البلاد، ويشكلون نحو 31.1% من إجمالي السكان بحسب إحصاء العام 2010 المنشور في الموقع الإلكتروني لمصلحة الإحصاءات العامة السعودية.
إلى ذلك، وصف الدكتور بنتن تقديم البريد السعودي لخدمات الحوالات المالية بالنقلة الكبيرة والمفيدة لعدد واسع من الأجانب الذين يعملون في البلاد. ويقول: «يواجه الأجانب صعوبات في تحويل الأموال، خصوصا يوم الجمعة من كل أسبوع، وقت عطلة نهاية الأسبوع لدى الأغلبية، وإجازات الأعياد حين تغلق أغلب فروع المصارف أبوابها». من ناحية أخرى، تساعد الخدمة الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج، الذين يبلغ عددهم نحو 143 ألف طالب وطالبة يدرسون في 26 دولة، وفقا للدكتور أحمد السيف وهو نائب وزير التعليم العالي في السعودية، في تصريح رسمي أدلى به في أبريل (نيسان) المنصرم.
ولفت رئيس مؤسسة البريد السعودي إلى تعاون شركاء ماليين محليين، من خلال تأمين البنية التحتية اللازمة لتقديم هذه الخدمات، تشمل توفير المتطلبات النظامية التي تشترطها مؤسسة النقد العربي السعودي، وتأمين الأنظمة التقنية والتجهيزات اللوجستية الضرورية. وأشار الدكتور بنتن إلى صدور موافقة مجلس الوزراء السعودي في جلسته المنعقدة في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على انضمام المملكة إلى الاتفاق الخاص بخدمات الدفع البريدية الموقع في جنيف في الثاني عشر من أغسطس (آب) 2008، وقال: «بموجب هذه الموافقة، ستتمكن مؤسسة البريد السعودي من الالتحاق بهذه الاتفاقية المهمة التي تنظم الخدمات المالية البريدية بين مختلف دول العالم».
وسيمكن انضمام البريد السعودي إلى اتفاق الخدمات المالية البريدية المؤسسة من تقديم خدمة تحويل الأموال على أساس نظام دولي فعال، بحسب الدكتور بنتن، الذي أكد أن الاتفاق «يمنح الترابط المتبادل بين شبكات المستثمرين المعينين للدول الموقعة على اتفاق الخدمات البريدية، والبالغ عددها نحو 75 دولة».
في غضون ذلك، يقدر تقرير صادر عن اتحاد البريد العالمي، عدد المشتركين في الخدمات المالية عبر الشبكة البريدية في العالم بنحو مليار شخص. وقال التقرير «استأثر 51 مستثمرا بريديا في جميع أنحاء العالم بما قدره 1.6 مليار حساب من حسابات الادخار والإيداع».
ويظهر التقرير بلوغ متوسط عدد حسابات عملاء البريد نحو 1.5 حساب لكل عميل. ويعلّق «إن هذا يعني أن عدد المشتركين في الخدمات البنكية البريدية يفوق المليار عميل، وهذا الرقم لا يشمل عملاء المصارف البريدية». وأشار تقرير اتحاد البريد العالمي إلى أن «مئات الملايين يستخدمون البريد لإرسال أو تسلم الحوالات المحلية والدولية، أو لتسديد الفواتير الحكومية أو فواتير الخدمات المرفقية، ويشمل ذلك من يملكون مدخرات بريدية ومن لا يملكون هذا النوع من المدخرات».
وأفاد التقرير بوجود نحو 660 ألف نقطة اتصال بريدي في العالم، ما يجعل الهيئات البريدية وفروعها المالية في المرتبة الثانية بعد البنوك في قدرتها على الإسهام في تقديم الخدمات المالية، لافتا إلى تشكيل الخدمات المالية ما يقرب من 12% من إجمالي الإيرادات البريدية على صعيد العالم، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 304 مليارات دولار، وفقا لإحصاءات الاتحاد البريدي العالمي لسنة 2011.
وقال التقرير «تُدرّ الخدمات المالية البريدية ما يربو على 50% من الإيرادات البريدية في كثير من البلدان، كالصين والهند والغابون وتونس وبنغلاديش وإيطاليا إلى جانب أذربيجان وبيلاروس وبوروندي، ومع انخفاض حجم تبادلات بريد الرسائل، فإن الخدمات المالية توفر فرصا جديدة لنمو الخدمات البريدية، كما يتسع مجال الاستثمار فيها، في الوقت الذي تفكر فيه الهيئات البريدية في وضع استراتيجيات لتنويع الأنشطة الخدمية».
وحدد التقرير خمس فئات من نماذج الأعمال التي تستخدمها الهيئات البريدية بغرض الإسهام في تقديم الخدمات المالية، تبدأ بتحصيل الفواتير الحكومية، مرورا بتقديم الخدمات المالية، وهي الخدمات الموجودة في 85% من البلدان، وصولا إلى تقديم خدمات مالية بريدية مرخصة بشكل كامل، كمصارف بريدية مستقلة، كما هو الحال في 10% فقط من البلدان.
وحذر تقرير اتحاد البريد العالمي من السرعة الخاطفة للانتقال إلى مستويات خدمية عليا، كالرغبة في إطلاق مصرف بريدي كخطوة أولى، من دون التدرج والمرور بالخطوات الأسهل، يمكن أن يؤدي إلى الفشل، وأضاف: «قد يتسبب الانتقال السريع في حدوث اضطرابات سياسية، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالادخار».
كما نص التقرير على أن نجاح البريد في تنفيذ الخدمات المالية يعتمد على عشر وسائل رئيسية، أهمها «القدرة الرّبطية ضمن منظومة الاتصالات، والكفاءة المالية، والتشغيل الآلي، والثقة، ووجود إطار قانوني وتنظيمي»