استهل المؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء الثقافة الذي ينعقد في رحاب المدينة المنورة 20 ــ 22 ربيع الأول 1435هـ الموافق 21 ــ 23 يناير 2014م بمقر قاعة المؤتمرات بجامعة طيبة أول اجتماعاته الوزارية بمناقشة تعزيز الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي لخدمة الحوار والسلام بمشاركة أصحاب السمو والمعالي وزراء الثقافة ورؤساء الوفود في الدول الإسلامية.
كما ناقش المؤتمر الخطوط العريضة لوثيقة (الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي: الواقع وسبل التطوير). حيث تضمنت الوثيقة ثلاثة محاور رئيسة هي: تعريف الحقوق الثقافية, الحقوق الثقافية بين المرجعتين الإسلامية والغربية, من أجل ضمان الحقوق الثقافية في بلدان العالم الإسلامي.
واختارت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) هذا الموضوع تعبيراً منها عن الأولوية الكبيرة والأهمية البالغة التي ينبغي أن تحظى بها قضية الحقوق الثقافية في الدول الأعضاء وفق تعاقدات واضحة المعالم بين المجتمع المدني والحكومات لتحديد الأدوار الثقافية الجماعية والفردية، الوطنية والإقليمية الكفيلة بضمان احترام الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي لتعزيز قيم الحوار والسلم والاستقرار.
وتهدف (الإيسيسكو) من وراء ذلك أيضاً إلى تسليط الضوء على أهمية الحقوق الثقافية في التنمية الشاملة، وفتح النقاش حول هذه الإشكالية الثقافية الجديدة التي فصلت فيها الدراسة المتخصصة المعروضة ضمن جدول أعمال المؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء الثقافة لاعتمادها تحت عنوان “الواقع وسبل التطوير” ورسم معالمها وبنودها.
وقد دأبت (الإيسيسكو) منذ المؤتمر السادس لوزراء الثقافة على برمجة مائدة وزارية مستديرة لمناقشة شأن من الشؤون الثقافية المستجدة، كما دأبت على إعداد دراسات متخصصة في الشأن الثقافي لتجديد الحياة الثقافية في العالم الإسلامي، وطرح القضايا الكبرى التي تساعد الدول على بلورة سياساتها الثقافية العمومية وفق رؤية حضارية إسلامية.
يذكر أن المؤتمر السابع لوزراء الثقافة ناقش وثيقة “الأدوار الثقافية للمجتمع المدني من أجل تعزيز الحوار والسلم” فيما طرح المؤتمر الخامس وثيقة تجديد السياسات الثقافية في الدول الأعضاء، وناقش المؤتمر السادس وثيقتين أساسيتين هما “استراتيجية تنمية السياحة الثقافية في العالم الإسلامي” و”خطة عمل حول إحياء وتفعيل طرق التواصل الثقافي بين شعوب العالم الإسلامي (طرق الحج نموذجاً).
من جهته شاد معالي رئيس الوفد الجزائري ورئيس المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء الثقافة رابح حمدي , في كلمة ألقاها في افتتاح الجلسة, بالنهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز “حفظه الله” وبالاستقرار الاجتماعي لمواطنيها في ظل المتغيرات والتحديات التي يعيشها العالم العربي والإسلامي, معرباً عن تهانيه للمملكة بمناسبة احتفاءها بالمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م, معلناً عن تسليم المملكة العربية السعودية جلسة أعمال المؤتمر الثامن.
عقب ذلك تسلم معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة, أعمال الجلسة الأولى حيث تم اعتماد مشروع جدول الأعمال, وألقى المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تقريره حول تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الاسلامي, فيما ألقى أصحاب السمو والمعالي الوزراء ورؤساء الوفود كلمات بهذه المناسبة.
ومن المنتظر أن يستأنف المؤتمر جلساته صباح الأربعاء مشروع الخطة التنفيذية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار.
وفي السياق نفسه بحث أصحاب السمو والمعالي وزراء الثقافة ورؤساء الوفود في المؤتمر الإسلامي الثامن خلال جلسة عملهم الأولى بالمدينة المنورة يوم الأربعاء 21 ربيع الأول 1435هـ مشروع الخطة التنفيذية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات :المنجزات والآفاق المستقبلية.
ووصفت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) المبادرة بأنها تميزت بتركيزها على عوامل ورهانات ومقتضيات التعايش السلمي والتعاون البناء، بدل الوقوف عند العوامل العقدية والقناعات المذهبية التي كثيراً ما أعاقت مبادرات الحوار الديني السابقة.
وتحاول المنظمة في الجزء الأول من مشروع خطة العمل استلهام روح مبادرة خادم الحرمين في تقديم رؤية فكرية وإستراتيجية للحوار المطروح من خلال أربعة محاور رئيسية أولها منزلة الدين في السياق الكوني الراهن، وتركز الخطة التنفيذية فيه على إعداد الدراسات والبحوث وعقد الندوات والمنتديات حول مكانة الدين في المجتمعات الإنسانية ودوره في تعزيز السلم والأمن والاستقرار والتقارب بين الشعوب.
ويتحدث المحور الثاني عن إشكالات الدين والدولة والتصورات السائدة بأن الحوار بين الإسلام والغرب لايمكن أن يسلك المسلك الديني لأن المجتمعات الغربية تعتمد الطرق العلمانية في الحكم، في الوقت الذي لا يزال الدين هو مرجعية القيم والقضاء والتعليم في أغلب دول العالم الإسلامي.
وأشارت (الإيسيسكو) إلى أن المحور الثالث يتعلق بمسألة القيم، وأن العلاقة بين الدين والقيم لاتحتاج إلى بيان، وأن الدراسات الفكرية والاجتماعية أثبتت العلاقة العضوية بين الأخلاق في جوانبها الفردية والجماعية بالدين الذي هو مصدر تصورات البشر العامة حول الخير والشر.
ونبهت بأن الأديان التوحيدية التي أبدعت فكرة الكونية مطالبة بالإسهام من منطلقاتها المرجعية إلى الإسهام في تشكل خارطة القيم الكونية الجديدة التي لابد أن تعكس حقوق التنوع الثقافي وتكون حصيلة نقاش حر بعيداً عن نوازع الهيمنة الثقافية.
وبينت في المحور الرابع أن التعايش له جانبان يتعلق أحدهما بالتعايش بين الأديان، ويتعلق ثانيهما بتعايش الأديان مع المجموعات غير الدينية, لافتة إلى أن الحوار الديني الصريح والناجع يقتضي وضع أسس أخلاقية للنقاش تحكم وتسير مختلف قضايا ورهانات التعايش بين المنتمين للديانات خصوصاً في ما يتعلق بالجوانب الفكرية والبحثية التي لابد فيها من مراعاة الإنصاف والتجرد والموضوعية.
وأكدت (إيسيسكو) على إمكانية أن تضطلع المراكز الثقافية الإسلامية في الغرب بدور قيادي في ترسيخ التعايش إن تم دعمها وتمكينها وتوجيهها لأولويات الإستراتيجية في المجتمعات التي توجد بها, وذلك في ضوء جهود المؤسسات العربية والإسلامية التي أرست قواعد متينة للتعاون مع هذه المراكز.