حذر سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، في خطبة عرفات، المسلمين من الفتن والبلايا والمصائب والمؤامرات التي تحاك من أعداء الإسلام للنيل منهم ومن البلدان الإسلامية، وطالب قادة الأمة بالعمل على تحقيق مصالحها وووحدة الصف وجمع الكلمة، ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى التقيد بالأنظمة وعدم مخالفتها، والحفاظ على الأمن والاستقرار.
جاء ذلك في خطبة عرفات التي ألقاها سماحته بمسجد نمرة في مشعر عرفات، وأكد فيها على ضرورة الالتزام بعقيدة التوحيد والسير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال المفتي العام: على المسلمين التمسك بعقيدة التوحيد والعمل بسنة رسول الله، والإخلاص في الدعاء والتضرع لله وطلب المدد منه وحده, مشيراً إلى أن الإسلام دين الله الخاتم ونسخ ما قبله من الأديان، والعبادات في الإسلام أمانة يجب تأديتها على هدي الرسول.
وقال: إن من أمانة الدين تنفيذ أوامر الله ورسوله والتحلي بأخلاق الدين والبعد عن الكذب والنميمة والنفاق. مؤكداً على احترام عصمة الدماء “فالدماء المعصومة محرمة، ومن يقتل مؤمناً متعمداً جزاؤه جهنم مخلداً فيها”، وأكد على كسب المال بالطرق المشروعه وتجنب الغش والخداع والمال الحرام, ونصح بتحكيم شرع الله في جميع شؤون الحياة لتكون الشريعة وحدها مصدر الحكم والتحاكم, وتبليغ الدعوة الإسلامية أمانة في أعناق المسلمين عليهم إبلاغها للناس كافة بالطرق والوسائل المشروعة.
وأشار المفتي العام إلى أن كل مسلم مسؤول عن ماله وشبابه وروحه سيسأل عنها يوم القيامة “فاحذروا المخدرات والمهلكات والأمور المحرمة”.
وقال: إن العالم الإسلامي يمر بظروف حرجة وتحديات ومصائب وبلايا فأصاب المسلمين الوهن والضعف، وأصبح بأس المسلمين بينهم شديداً بسبب تخليهم عن دينهم وعقيدتهم”.
وأضاف: لقد انتشرت في بعض بلاد المسلمين الفواحش وفساد الأخلاق والأمراض الخطيرة بسبب عدم التمسك بشرع الله، وهناك طائفة من الأمة يقلدون أعداء الأمة واستوردوا مناهجهم التعليمية من الغير، وأخرى اتبعت مناهج شيوعية وماركسية وغربية فضلوا وأضلوا, وقال: آن الأوان أن تعود الأمة إلى دينها وتفر إلى ربها.. فلا نجاة لنا إلا بالتمسك بديننا.
وقال سماحته: يا أمة الإسلام أما آن لنا أن نفيق من غفلتنا ونعود لوحدة الصف ونترك التشتت.. أما آن لنا أن نعيد بناء أمتنا بأيدينا.. أما آن لنا أن ندشن اتحاداً إسلامياً قوياً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً, يا قادة المسلمين عليكم مسؤولية كبرى في تحقيق مصالح الأمة والأمن والاستقرار والدفاع عن مصالحها في المحافل الدولية.. واحذروا التفريط وإهدار كرامة الشعوب المسلمة، وياعلماء الأمة عليكم دور كبير في التوعية واحذروا الفتاوى التي لا تستند إلى الأسس الشرعية.
وطالب المفتي العام الآباء بأن يحصنوا أبناءهم ويحافظوا عليهم.. والمعلمين بأن يكونوا دعاة هدى وصلاح، وحذر رجال المال أن يكونوا عوناً لأعداء الإسلام وأن تكون أموالهم أدوات لنشر الموبقات والفساد.
وقال: أيها الشعوب الإسلامية إن بلادكم أمانة في أعناقكم فحافظوا عليها وعلى مكتسباتها، واعلموا أنكم مستهدفون من أعداء الأمة الذين يريدون نشر الفوضى والمكائد وتنفيذ المؤامرات الخبيثة, مضيفاً: إن أعظم الخيانة خيانة الأمة، ومنها نشر المخدرات، أو أن يكون المسلم أداة في يد الغير يحرض على الأوطان.
وأشار إلى أن هناك قوى شريرة تريد الفتك بالإنسان وتمارس القوة الظالمة لإبادة البشر لتحقيق مصالحها.
وطالب حجاج بيت الله بأن يحافظوا على بلاد الحرمين الشريفين وأمنها واستقرارها، وأن يشكروا الله على النعم وأن يحترموا الأنظمة ويتقيدوا بها، وقال: علي الجميع التعاون مع الدولة خلال الفترة القادمة لإنجاز التوسعة والمشروعات التي تخدم الحجاج والزوار والمعتمرين.
وكانت جموع من حجاج بيت الله الحرام توافدت منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً ؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة .
وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن .
وتقدم المصلين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية خالد الفيصل بن عبدالعزيز ، حيث ألقى سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ خطبة عرفة – قبل الصلاة – استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر .
وقال سماحته في خطبته ” معشر المسلمين شرفكم الله بالإسلام ووفقكم لحمل أمانة هذا الدين ، فيا له من شرف عظيم وفضل كبير أن كنتم أمة مرحومة يتوب الله عليكم ” إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * ”
وأضاف ” أخي المسلم إن هذا الدين بتعاليمه ومبادئه أمانة لديك فقم به خير قيام وتحلى بأخلاقه الفاضلة والعقيدة الصحيحة ، فكن مخلصا وجازما في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر ، صف الله بأسمائه الحسنى والصفات العلى على وفق ما دل الكتاب والسنة عليه بعيدا عن التجريد والتمثيل والتحريف والتعطيل معتقدا كمال ذات الرب وصفاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ” .
ودعا سماحة مفتي عام المملكة المسلمين إلى توحيد الله في العبادة كما أمر بذلك بقوله ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ” إلى جانب الإخلاص له بالدعاء والتضرع في طلب الغوث والمدد منه جل شأنه في الشدة والرخاء والسر والعلانية مستشهدا بقوله تعالى ” وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “.
وحث سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين على أن يكونوا صادقي الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه عبد الله ورسوله وخاتم أنبيائه وخاتم الأنبياء والمرسلين كما قال الله في كتابه الكريم ” مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ” .
وقال ” ليكن أيمانك به أيمانا صادقا يحملك على أتباع سنته وتحكيم شريعته والتحاكم إليها والرضا بها وأن يكون قدوتك وأسوتك في أحوالك كلها ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ” ، وأعلم أنه صلى الله عليه وسلم رسول للخلق كلهم ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ” ، وعنه صلى الله عليه وسلم ( لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن به إلا دخل النار ) ، كن إيمانك بالقرآن إيمانا صادقا لان هذا كتاب الله خاتم كتب الله ناسخا لما مضى ومصدقا له ، يحق الحق ويبطل الباطل ” وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ … ” الآية .